logo-img
السیاسات و الشروط
( 18 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

الطفل العنيد*

كيفية التعامل الصحيح مع الطفل العنيد؟


كيفية التعامل الصحيح مع الطفل العنيد: إنَّ العناد مشكلة تعاني منها أكثر الأمهات، وهو مصدر تعب ونكد لهنَّ، والأم تحرص دوماً على طاعة ولدها لها؛ ولذا تظل متحيرة حيال رفضه لما تريد منه، ولا تدري كيف تتصرف إزاء عناده، ومع أنّ العناد ليس غريزة تولد مع الطفل كما تتصور بعض من الأمهات، بل هو مؤشر على خلل في نفسية الطفل نتيجة سوء التعامل مع غرائزه الفطرية النامية في المرحلة الأولى من عمره . فالطفل حين بلوغه السنتين تبرز استعداداته الفطرية التي تحتاج إلى رعاية واهتمام لبناء شخصيته المتَّزِنة، وأي خطأ أو انحراف عن الطريق الصحيح والسليم يجعله معانداً، فالعناد إشارة خطر تدل الوالدين على ضرورة تقويم وتعديل سلوكهم؛ ولذا جاء في الحديث الشريف: " رَحِمَ اللهُ مَنْ أعَانَ وَلَدَه عَلَى بِرِّه".(البروجردي،جامع أحاديث الشيعة:ج٢١،ص٤١١). ولكي يتجنب الوالدان حالة العناد عند أبنائهم لا بدّ من الإشارة إلى كيفية التعامل الصحيح مع الطفل في المرحلة الأولى من حياته، وهي كما يلي : أولاً : إشباع حاجات الطفل: إنّ الطفل في المرحلة الأولى من عمره - أي: من سنة إلى سبع سنين - يحتاج إلى الحبّ والحنان لتنمية قدراته النفسية، كما يحتاج إلى الطعام والماء لتنمية قدراته الجسدية. وكل فرد يحتاج إلى قوة النفس لممارسة نشاطاته الحياتية، وتعتبر حجر الأساس في النجاح في الممارسات اليومية، فالطالب في المدرسة يحتاج إلى قوة النفس مع المذاكرة لتحقيق النجاح؛ لأنّ المذاكرة مع ضعف النفس لا تنفع شيئاً، والمعلم يحتاجها أيضاً، وكذلك الطبيب، وكذلك الزوجة والأم . فإنّ إشباع حاجة الطفل من الحبّ والحنان ضروري؛ لذا أكدتها التربية الإسلامية في النصوص الآتية: فعن النبي ( صلى الله عليه وآله) : "أحِبُّوا الصِّبْيَانَ وارْحَمُوهُم".( البروجردي،جامع أحاديث الشيعة: ٢١،ص٤٨٣). وقال الإمام الصادق (عليه السلام): "إنَّ اللهَ لَيَرْحَمُ الرَّجُلَ لِشِدَّةِ حُبِّهِ لِوَلَدِهِ".( الريشهري،ميزان لحكمة:ج٤،ص٣٦٦٩)، ولا يكفي أن نحمل الحبّ لأولادنا في قلوبنا، بل ينبغي من الوالدين إظهار الحبّ لهم من خلال السلوك، مثل تقبيلهم، وجاء في الحديث الشريف عن الإمام علي (عليه السلام): "مَن قَبَّلَ وَلَدَه كَانَ لَهُ حَسَنَة، وَمَن فَرَّحَهُ فَرَّحَه اللهُ يَومَ القِيَامَة".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٧،ص٣٠٤). وكذلك بإدخال الفرح إلى قلوبهم من خلال حمل الهدايا لهم، والتوسعة عليهم، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فاشْتَرَى تُحْفَةً فَحَمَلَها إلى عِيَالِه كَانَ كَحَامِلِ صَدَقَةٍ إلَى قَومٍ مَحَاويج ، وَليَبْدَأ بالإِنَاثِ قَبْلَ الذُّكُور، فإنَّه مِنْ فرَّح ابْنَه فَكأنَّما اعْتَق رَقَبةً مِنْ وُلْدِ إسْمَاعِيل".( النمازي، مستدرك سفينة البحار:ج٧،ص٤٨٤)، كما قال (صلى الله عليه وآله): "لَيْسَ مِنَّا مَنْ وُسِّع عليه ثمَّ قَتَّرَ عَلى عِيَالِه".(النوري،مستدرك الوسائل:ج١٥،ص٢٥٦). ثانياً : الاهتمام بوجود الطفل : إنّ الطفل بحاجة أيضاً في السبع السنوات الأولى من حياته إلى شعوره بأنّه يحتلُّ في قلوب والديه مكاناً مُهمّاً، سواءً أكان ذكراً أم أنثى، ذكياً أم بليداً، جميلاً أم قبيحاً، وينبغي للوالدين الانتباه إلى هذه الناحية، مثل الإصغاء إليه حين يتحدّث، وأخذ مَشورته في القضايا العائدة إليه، واحترام رأيه حين يختار، ونحن نلحظ أنّ المربِّي الإسلامي يوجِّهنا إلى هذه المعاني. ففي قصة النبي إبراهيم ( عليه السلام ) الذي جاءه الأمر الإلهي في الذبح، ومع أنّ الأمر الإلهي لا يتغيّر ولا يتبدل، لكن النبي إبراهيم ( عليه السلام ) لا ينفذه إلّا بعد المشورة: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى}.( الصافات:آية 102 ). كذلك سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحرص على إسماع أبنائها دعاءها لهم في صلاة الليل مع استحباب إخفائه، والسبب واضح، لتأكيد اهتمامها بهم، وبأنّهم يحتلُّون في قلبها مكاناً، الأمر الذي دعاهم إلى الاستغراب والتساؤل عن السبب في أن يكونوا في المرتبة الأخيرة في تعدادها للمؤمنين في ركعة الوتر، فتقول لهم (عليها السلام): الجَارُ ثُمَّ الدَّارُ إنّ من المؤسف أن نجد بعض الآباء لا يهتمون بوجود الأبناء، فيتجاهلونهم في وجود الضيوف، فلا يقدِّمون لهم الطعام، ولا تُعطى لهم فرصة في الحديث . ثالثاً : تمتُّع الطفل بالحركة الكافية: لا بدّ أن يحصل الطفل على الحرية في المرحلة الأولى من حياته، فلا بدّ أن يجد المكان المناسب له في لعبه، وحركته، وترتيب لوازمه، دون تدخُّل الكبار، ولا بدّ أن يجد الحرية في الحركة دون تحذير، وأن لا يجد مَن يعيد ترتيب ممتلكاته بعد أن رتَّبها بنفسه، وأن يجد الحرية في ارتداء ما يعجبه من الملابس، واختيار ألوانها . فما دام هو السيد في هذه المرحلة وهو الأمير فلا بدّ أن يكون ترتيب البيت بشكل يتناسب مع حركته ووضعه كذلك، ويجدر بالوالدين التحلِّي بالصبر للحصول على النتائج الحسنة. ولمعرفة المزيد راجع كتاب تربية الطفل في الإسلام للشيخ عباس محمد.

11