المزاح*

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لا شك أنّ في المزاح ما يزيل الهم ويدفع الاكتئاب عن النفس، ويروّح عن القلوب أحزانها، لما يحمله من طرفة الكلام وظرافة المقام، فتهفو إليه النفوس وتهواه القلوب. قال النبي (صلى الله عليه وآله) :" المؤمنُ دعبٌ لعبٌ "(الحرّاني، تحف العقول: ص 50) وعن معمر بن خلّاد قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) فقلت: "جُعلت فداك، الرجل يكون مع القوم فيجري بينهم كلام يمزحون ويضحكون؟ فقال (عليه السلام) : لا بأس ما لم يكن. فظننت أنّه عنى الفحش، ثمّ قال (عليه السلام) : إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يأتيه الأعرابي فيهدي له الهدية، ثمّ يقول مكانه: أعطنا ثمن هديتنا. فيضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان إذا اغتم يقول :ما فعل الأعرابي ليته أتانا". (الكليني، الكافي:ج2 ،ص664). وعن الفضل بن أبي قرّة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:" ما من مؤمن إلّا وفيه دُعابة.قلت: وما الدعابة؟ قال (عليه السلام) : المزاح ".(الكليني، الكافي:ج2 ،ص664). وعن يونس الشيباني قال: قال أبوعبدالله (عليه السلام): " كيف مداعبة بعضكم بعضاً؟ قلتُ: قليل. قال (عليه السلام): فلا تفعلوا، فإنّ المداعبة من حسن الخلق، وإنّك لتدخل بها السرور على أخيك ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يداعب الرجل يريد أن يسرّه ".(الكليني، الكافي:ج2 ،ص664). ولكن ينبغي للمؤمن أن لا يتمادى في مزاحه أكثر لما في المزاح من آثار ونتائج سلبية على مستوى نفس الإنسان وعلى مستوى مجتمعه . فعلى مستوى نفس الإنسان فإنّ كثرة المزاح تقلل الهيبة وتسقط الوقار، وتُميت القلب، وتؤدي إلى خفّة العقل، وتفضي إلى الغفلة عن ذكر الله تعالى، وتفتح بابا للشيطان. وأمّا على مستوى المجتمع فإنّ كثر المزاح تؤدي إلى قلّة الحشمة بين الأخوان وإلى وفقدان الاحترام وظهور العداوة والشحناء بين الأصدقاء، وقد يفضي الأمر إلى القطيعة وربما الاقتتال . قال أمير المؤمنين (عليه السلام):" ما مزح رجل مزحة إلّا مُجّ من عقله مُجّة "( المجلسي، بحار الأنوار:ج73 ،ص 60). وقال الإمام الصادق (عليه السلام) :" كثرة المزاح تذهب بماء الوجه، وكثرة الضحك تمحو الإيمان محواً" (المجلسي، بحار الأنوار:ج73 ،ص 60). وعن حريز عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:" كثرة الضحك تُميت القلب ".(الكليني، الكافي:ج2 ،ص664). وقال (عليه السلام) :" كثرة الضحك تُميث الدين كما يُميث الماء الملح "(الكليني، الكافي:ج2 ،ص664). ودمتم بخير.