( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

التماسك والمحبة

من الأخلاق الاجتماعية في الإسلام مواساة المؤمنين والمستضعفين عند البلاء والمصائب لبعث روح الصبر والتوكل والاستقامة فيهم والتخفيف من معاناتهم النفسية : فما يترتب على هذا التكافل ؟


من الأخلاق الاجتماعية في الإسلام مواساة المؤمنين والمستضعفين عند البلاء والمصائب لبعث روح الصبر والتوكل والاستقامة فيهم والتخفيف من معاناتهم النفسية، وهذه الخدمة ترفع من درجة التماسك والمحبة بين أفراد المجتمع وتسهل في تحقيق الأهداف الكبيرة وسيادة الأخلاق الحميدة. ذكر المؤرخون انه لما نفي أبو ذر الغفاري ذلك الصحابي الجليل (رضوان الله عليه) إلى الربذة بأمر من عثمان الذي منع الناس أن يودعوه ويشيعوه أيضا، قد خرج الإمام علي وولداه الحسن والحسين (سلام الله عليهم) إلى أبي ذر وودعوه وشيعوه إسقاطا للمنع الظالم وإعلانا للتضامن مع المظلوم، وقالوا له كلمات كانت من بينهن كلمة الإمام الحسين (عليه السلام) الكاشفة عن أخلاقه وأدبه وحسه الانساني الرفيع قال: " يا عماه! إن الله قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك.. فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم! فاسأل الصبر والظفر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وإن الجشع لا يقدم رزقا، ولا يؤخر أجلا " (1). وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: لما شيع أمير المؤمنين (عليه السلام) أبا ذر، وشيعه الحسن والحسين (عليهما السلام) وعقيل بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر (رضي الله عنهم)، قال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): " ودعوا أخاكم فإنه لابد للشاخص من أن يمضي، وللمشيع من أن يرجع "، قال: فتكلم كل رجل منهم على حياله، فقال الحسين بن علي (عليه السلام): " رحمك الله يا أبا ذر! إن القوم إنما امتهنوك بالبلاء لأنك منعتهم دينك فمنعوك دنياهم، فما أحوجك غدا إلى ما منعتهم، وأغناك عما منعوك! ". فقال أبو ذر: رحمكم الله من أهل بيت، فما لي في الدنيا من شجن غيركم، إني إذا ذكرتكم ذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله). (2) عبارات هي بلسم شاف لجراحات أبي ذر، قومته، وشدت عزيمته، وصبرته، وقوت شكيمته، فواصل جهاده بالكلمة الحقة العادلة، وهو لا تأخذه في الله لومة لائم.. حتى توفي وفيا للإسلام ناصحا مخلصا للمسلمين (3). 1 - الروضة من الكافي، للشيخ الكليني: 207. 2 - المحاسن: 353، ح 45. 3 - الأخلاق الحسينية / ص 266.