( 24 سنة ) - الجزائر
منذ سنتين

كظم الغيظ والحقوق

السلام عليكم ماهو الفرق بين كظم الغيظ و الدفاع عن النفس عدم تقبل الاهانات وسلب الحقوق وعدم السكوت عن الظلم ؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا (كظم الغيظ) - فهو وإن لم يبلغ مرتبة الحلم فضيلة وشرافة، لأنه التحلم: أي تكلف الحلم، إلا أنه إذا واظب عليه حتى صار متعادا تحدث بعد ذلك صفة الحلم الطبيعي، بحيث لا يهيج الغيظ حتى يحتاج إلى كظمه، ولذا قال رسول الله (ص) " إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ". فمن لم يكن حليما بالطبع لا بد له من السعي في كظم الغيظ عند هيجانه، حتى تحصل له صفة الحلم. وقد مدح الله سبحانه كاظمي الغيظ في محكم كتابه، وتوارت الأخبار على شرافته وعظم أجره. قال رسول الله (ص) -: " من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا " . الانتقام بمثل ما فعل به، أو بالأزيد منه - وإن كان محرما ممنوعا من الشريعة وهو من نتائج الغضب، إذ كل انتقام ليس جائزا، فلا يجوز مقابلة الغيبة بالغيبة، والفحش بالفحش، والبهتان بالبهتان، والسعاية إلى الظلمة بمثلها. وهكذا في سائر المحرمات. قال سيد الرسل (ص) -: " إن امرؤ عيرك بما فيك فلا تعيره بما فيه ". وقال (ص): " المستبان شيطانان يتهاتران ". وقد ورد: أن رجلا شتم أبا بكر بحضرة النبي (ص) وهو ساكت، فلما ابتدأ لينتصر منه، قام رسول الله (ص) وقال مخاطبا له: " إن الملك كان يجيب عنك، فلما تكلمت ذهب الملك وجاء الشيطان، فلم أكن لأجلس في مجلس فيه الشيطان ". فكل فعل أو قول يصدر من شخص بالنسبة إلى غيره ظلما، إن كان له في الشرع قصاص وغرامة، فيجب ألا يتعدى عنه، وإن كان العفو عن الجائر أيضا أفضل وأولى وأقرب إلى الورع والتقوى، وإن لم يرد له بخصوصه من الشرع حكومة معينة، وجب أن يقتصر في الانتقام وما يحصل به التشفي على ما ليس فيه حرمة ولا كذب، مثل أن يقابل الفحش والذم وغيرهما من الأذايا التي لم يقدر لها في الشرع حكومة معينة، بقوله: يا قليل الحياء. ويا سئ الخلق. ويا صفيق الوجه... وأمثال ذلك، إذا كان متصفا بها ومثل قوله: جزاك الله وانتقم منك. ومن أنت؟ وهل أنت إلا من بني فلان ومثل قوله: يا جاهل. ويا أحمق. وهذا ليس فيه كذب مطلقا، إذ ما من أحد إلا وفيه جهل وحمق، (أما الأول) فظاهر، (وأما الثاني) فلما ورد من أن الناس كلهم حمقى في ذات الله. والدليل على جواز هذا القدر من الانتقام، قول النبي (ص) " المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما حتى يعتدي المظلوم " وقول الكاظم (ع) في رجلين يتسابان: " البادئ منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعد المظلوم " .وهما يدلان على جواز الانتصار لغير البادئ من دون وزر ما لم يتعد، ومعلوم أن المراد بالسبب فيهما أمثال الكلمات المذكورة دون الفحش والكلمات الكاذبة، ولا ريب في أن الاقتصار على مجرد ما وردت به الرخصة بعد الشروع في الجواب مشكل، ولعل السكوت عن أصل الجواب وحوالة الانتقام إلى رب الأرباب أيسر وأفضل، ما لم يؤد إلى فتور الحمية وللغيرة، إذ أكثر الناس لا يقدر على ضبط نفسه عند فور الغضب، لاختلاف حالهم في حدوث ذلك. وان صاحب موسوعة (مفتاح السعادة في شرح نهج البلاغة) لمحمد تقي النقوي ذكر ان العفو عن الذنب والتجاوز عن المسيء عند المقدرة ليس ممدوحاً على إطلاقه في جميع الموارد بل يشترط في صحته وحسنه أمور لابد من التنبيه عليها: 1. أن لا يكون التجاوز عن الخاطئ موجباً لتضييع حق من حقوق الله تعالى وتعطيل حكم من أحكامه. 2. لا يكون العفو موجباً لتضييع حقوق الناس كما في موارد القصاص والديات.. نعم لو عفا عنه ولي الأمر لا بأس به. 3. أن لا يكون الخاطئ ممن كان العفو عنه موجباً لتجريه على الظلم والذنب فإن كان كذلك لا يجوز العفو عنه لكونه على ضرره في الدنيا والآخرة. 4. أن لا يكون التجاوز عن ذنبه موجباً لاختلال النظام وسلب الأمر في الاجتماع، فإن العفو عن أكثر الأشرار خيانة على غيره من آحاد الناس. 5. أن تعلم أن الخاطئ ندِم عما فعل ولا يرجع إليه ثانياً فلو علمت أنه لا يقوم واقعاً وبعد عفوك يرجع إلى ما كان عليه فذنبك في عفوك أعظم من ذنبه. دمتم في رعاية الله

1