logo-img
السیاسات و الشروط
( 46 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

معرفة أصل كلمة شهيد

السلام عليكم ماهو أصل كلمة شهيد التي تطلق على الشخص الذي يقتل في سبيل الله حيث رأيت أن أحد الباحثين يقول أن كلمة شهيد ليس لها أصل في كتاب الله تعالى فما هو أصل هذه الكلمه وجزاكم الله خير جزاء المحسنين؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا نجيب عن سؤالكم بعدة نقاط ،وهي: النقطة الأولى : الشهادة، اصطلاح إسلامي ويراد منه أن يُقتل الإنسان في سبيل الله تعالى. وللشهيد في الإسلام مجموعة من الأحكام والسنن الخاصة به من قبيل سقوط الغسل والكفن عمّن يستشهد في أرض المعركة حيث يدفن بملابسه، فلا يشمل هذا الحكم الشهداء الذين يتوفون خارج ساحة المعركة، وكذلك الطبقات التي لها أجر الشهيد المذكورة في المصادر الروائية والفقهية والأخلاقية. النقطة الثانية : قيل إنّما سمّي الشهيد شهيداً لأنّه مشهود له بالجنّة بالنّص أو لأنّ الملائكة يشهدون موته إكراماً له؛ أو لأنه شاهد على الأمم، أو لأن الله وملائكته شهود له بالجنة، أو لأنّه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم، أو لسقوطه على الشهادة وهي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ملكوت الله وملكه. النقطة الثالثة : هناك عدة آيات تعرضت لعنوان الشهيد والشهداء في القرآن الكريم، وربما يتصوَّر أن الشهيد له معانٍ عديدة في القرآن الكريم. المعنى الأول: أن المراد بالشهيد هو الحاضر. كما في قوله عز وجل: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي﴾، فالشهداء هنا بمعنى الحضور، أي: «هل كنتم حاضرين عندما قال يعقوب لبنيه: ما تعبدون من بعدي؟». المعنى الثاني: المقصود بالشهادة الحجية. كما في قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، أي أن الله اختار لكم موقعًا تكونون فيه حجةً على جميع الأمم، ويكون الرسول حجةً عليكم، فالأمة الإسلامية بما تملك من مقوّمات ومواصفات حجةٌ على جميع الأمم، أمةٌ يقتدى بها، أمةٌ يتحذى بها، كما في قوله عز وجل: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، والرسول الأعظم محمد حجةٌ عليكم، مقتدى لكم، قدوة لكم. المعنى الثالث: الشهادة بمعنى الرقابة والإشراف. كما في قوله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾، بمعنى أن دوركم دور الرقابة على أنفسكم، على أمتكم، من حيث رقابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾. المعنى الرابع: الشهادة بمعنى أداء ما تحمّل. إذا الإنسان رأى واقعة معينة، وأراد أن يؤدي الواقعة كما رآها، فإن هذا الأداء يسمى شهادةً، كما في قوله عز وجل: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، ويقول في آية أخرى: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾. فيقال: الشهادة لها معانٍ في القرآن الكريم، ولم ترد بمعنى واحد، ولكن عند التأمل والتدبر نجد أن الشهادة معناها واحد، الشهادة بمعنى الحضور والوجدان، ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾، يعني يحضروا، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، يعني من حضر، رأى الهلال وهو حاضر، ليس مسافرًا، الشهادة والشهود بمعنى الحضور، ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾، العالم الحاضر يسمى شهادة، العالم الذي ليس حاضرًا أمامنا يسمى غيبًا، فالشهادة بمعنى الحضور. معنى الشهادة واحد لا يختلف، إلا أن مصاديق الحضور تختلف، الحضور له مصاديق متعددة، له درجات متعددة، له أمثلة متعددة، وإلا الشهادة معناها واحد وهو الحضور، هناك حضور حسي عبّر عنه القرآن بقوله: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ﴾ شهداء بمعنى الحضور الحسي. وقد يكون الحضور حضورًا معنويًا، حضورًا ملكوتيًا، كما في قوله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾، الشهادة هنا بمعنى الحضور، لكن الحضور ليس حضورًا حسيًا، وإنما هو حضور معنوي، أي أن الأمة الإسلامية إذا التزمت بالإسلام وطبقت مبادئ الإسلام كان لها حضور معنوي جذّاب بين الأمم، وهذا الحضور المعنوي الجذّاب عبّر عنه القرآن بالشهادة. وقد يكون الحضور حضورًا ذكريًا علميًا، كما في الشاهد الذي يشهد واقعة معينة، ثم يتحملها في عقله، ثم يدلي بها أمام القضاء، فإن الشهادة هنا بمعنى الحضور، إلا أن الحضور هنا حضور ذهني، حضور علمي، الشهادة بمعنى واحد وهو الحضور، مصاديق الحضور، أمثلة الحضور، تجليات الحضور، تختلف من مقام إلى آخر، ومن موقع إلى آخر. النقطة الرابعة: قد أشارت بعض الايات إلى الشهيد ضمنًا لا صراحة ومنها: قوله عزّ من قائل: ﴿إنَّ اللَّـهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. رافضا اعتبار الشهداء أمواتا بل هم أحياء عند ربهم يرزقون ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ . و" وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. وقد تحدثت الآية 23 من سورة الأحزاب عن الشهيد من الرجال المؤمنين ووفائهم بما عاهدوا الله عليه قائلة: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا﴾. دمتم في رعاية الله

2