( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

مواصفات الحاكم

ماهي أخلاقيات الحاكم ومواصفاته واسلوب تعاطيه مع الامة ؟


: فلا تُكلّموني بما تُكلَّمُ به الجَبابرة: ================= === بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين يقولُ الإمامُ علي:عليه السلام: في بعض كلامه في الحديث عن أخلاقية الحاكم ومواصفاته واسلوب تعاطي الأمة معه: : فلا تُكلّموني بما تُكلَّمُ به الجَبابرة: إنَّ هذه أخلاقية ليتها توفرت في شخصية الحاكم المسلم فالإمام علي :عليه السلام: حتى هنا يترك صياغاته وأدبياته في صورة تعاطي الأمة مع الحاكم وممنوعٌ على الأمة في منهج الإمام عليٍ:عليه السلام: أن تُخاطب حاكمها بنمطيّة الجبابرة فتقول مثلا : (جلالة الملك أو فخامة الرئيس وهلمّ جرا) فهذه قشريات لاتُبدّل من واقع الحاكم شيئا بقدر ما تجعله مغرورا مخدوعا. ويقول:عليه السلام: أيضا : ولا تتحفظوا منيّ بما يتحَفَظُ به عند أهل البادرة :أي: أهل الحدة والشدة في الحكم: ولا تُخالطوني بالمصانعة : وهذه مقولة رائعة وقيّمة من لدن الإمام علي :عليه السلام: إذ أنها تُركّز على أهمية بناء شخصية ونفسية الفرد والأمة في تعاطيها مع الحاكم . فالخوف والتحفظ والتذبذب مرفوض في مواجهة الحاكم بإعتباره المسؤول عن السلطة وربما يبطش بها إذا ما تعرض للنقد أو التقييم والتقويم من قبل الأمة أو الأفراد النخبوية بل المطلوب المكاشفة وقول الحق والصدق وبقوة عند الحاكم . فيجب ترك التصنع والتزلف والوصولية في حال التعامل مع الحاكم ثم يقول:عليه السلام: مُؤسسّاً لمنهج النقد الذاتي والغيري ومنهج التقييم والتقويم والذي له الدور الكبير في إصلاح الدولة وبقائها. : ولا تظنوا بيّ استثقالا في حق قيل لي ولا إلتماس إعظام لنفسي فإنه مَنْ استثقل الحق أن يُقال له أو العدل أن يُعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه فلا تكفّوا عن مقالةٍ بحق أو مشورة بعدل : نعم إنّ علياً:عليه السلام: كان بدرجة من الوعي الكبير جدا بحيث يلتفتُ الى منهج النقد البنّاء والناضج الذي يحتاجه شخص الحاكم وشخصية دولته . فلا تجريم في نظر الإمام علي:عليه السلام: حينما يٌقال الحق في موضعه وعلى الحاكم أن لا يستثقل ذلك في تلقيه له علنا. لأنّ الإنسان بصورة عامة والحاكم بصورة خاصة إذا كان يستثقل قبول قول الحق أو المشورة العادلة له فهو من باب أولى سيكون أثقل في عمله ومسؤوليته عن بسط الحق والعدل ميدانيا. كل النصوص أعلاه مأخوذة من نهج البلاغة:خطبة 335: وجعلنا اللهُ تعالى وإيّاكم من العاملين بنهجه القويم والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف : فلم يكتفِ الامام (عليه السلام) بسنّ هذا المنهج للأمة فقط ؛ وانما طبقه على أرض الواقع حتى مع من لايريد أن يعترف بامامته وحكمه وقَبِل كلام الطرف المقابل سواء أكان المقابل يتصور نفسه محقاً - وهو غير حاصل في الواقع والخارج لأن المعصوم لا يُقَوَّم عمله من غير المعصوم - أو كان المقابل يعلم ببطلان رأيه وكان الامام (عليه السلام) يريد تأصيل هذا المبدأ في نفوس الناس من خلال تطبيقه على أرض الواقع ؛ لكي يبقى منهجاً يسير عليه المقبلون وتستنير منه الآجيال . ولنأخذ مثالاً واحداً على ذلك ، وهو ما نقله العلامة المجلسي وغيره من حول هذه الحادثة : روي أنه (عليه السلام) كان جالساً في أصحابه إذ مرت به إمرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم فقال (عليه السلام): " إن أبصار هذه الفحول طوامحٌ، وإن ذلك سبب هبابها ، فإذا نظر أحدكم إلى إمرأة تعجبه فليلمس أهله فإنما هي امرأة كامرأة " فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافرا ما أفقهه ! ! فوثب القوب ليقتلوه فقال (عليه السلام): " رويداً إنما هو سبٌّ بسبٍّ أو عفوٌ عن ذنبٍ " بحار الأنوار - (33 / 434) فنلاحظ أنه (عليه السلام) كيف ترفّع عن الرد على مثل هؤلاء ومع أنه كان بيده السلطة والحكم وله الحق في الرد حيث نعته الخارجي بالكفر .