تفسير آية
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) ماتفسير الاية القرآنية وما الموعظة المستفادة منها؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
نجيب عن سؤالكم بعدة نقاط:
١- جاء في تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٣٩٩:
قوله تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ظاهر السياق أن الخطاب للمشركين وهو مسوق سوق الكناية وهم المعنيون بالتوصيف وسيقترب من التصريح في قوله: " أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه " فالمنكرون للنبوة والمعاد هم المشركون.
قيل: ولم يقل: بالأخسرين عملا، مع أن الأصل في التمييز أن يأتي مفردا والمصدر شامل للقليل والكثير للايذان بتنوع أعمالهم وقصد شمول الخسران لجميعها.
قوله تعالى: " الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " إنباء بالأخسرين أعمالا وهم الذين عرض في الآية السابقة على المشركين أن ينبئهم بهم ويعرفهم إياهم فعرفهم بأنهم الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وضلال السعي خسران ثم عقبه بقوله: " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وبذلك تم كونهم أخسرين.
٢-إِنَّ من أفضل أساليب تنبيه المخاطب وجذبه هو طرح الاستفهام المباشر عن شيء لا يعرفه، خصوصاً وأنَّ الآية الشريفة صدّرت السؤال بـ ﴿هَلْ نُنَبِّئُكُمْ﴾، حيث إِنَّ النبأ لا يكون إلا للإخبار بما لا يعلمه المخبر، مع كون المخبَر به أمراً عظيماً بليغاً، ويجوز أن يكون المخبَر بما يعلمه وبما لا يعلمه، ولهذا يقال: (تخبرني عن نفسي)، ولا يقال: (تنبئني عن نفسي)، وكذلك تقول: (تخبرني عما عندي)، ولا تقول: (تنبئني عما عندي)، وفي القرآن: ﴿فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾.
هذا، والآمر بالسؤال هو اللهُ تعالى، والمأمورُ هو النبيُّ المصطفى محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم، والمعلومة التي يُراد الإنباء عنها صادرةٌ مِمّن وصف نفسه في كتابه: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾.
و﴿الْأَخْسَرِينَ﴾ الواقعة بعد الاستفهام مباشرةً والمنبأ عنهم، يشوّق السامع لمعرفة الأمر والبحث عنه، خصوصاً وأنّ المنبئ هو الله عزّ وجل، وينبئ عن الأخسرين في الآخرة، فقد يكون الأخسر في الدنيا من الفائزين في الآخرة، وقد يكون العكس، فالله عزّ وجل صرّح بأنَّ ﴿الْأَخْسَرِينَ﴾ هم الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا، وهم لا يعلمون بذلك، بل يعلمون العكس، ويحسبون أنّهم يحسنون صنعاً.
ما هي حقيقةُ الخسارة؟!
ومَنْ هو الخاسِرُ؟! بل مَنْ هو أخسَرُ الناس؟!
وهل هو مَن خسِرَ تجارتَهُ؟! هل هو من خسِرَ مالَهُ؟!
مَن اعتاد على عالم الدُّنيا، ولم ينظر إِلَى ما وراء عالم الماديات قد يظنُّ ولا يُفكِّر إلا بما يرتبط بالخسارة الدنيويّة