السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
اختلفت أقوال المفسرين في بيان قوله تعالى: (( يَا مَعشَرَ الجنّ وَالأنس أَلَم يَأتكم رسلٌ منكم يَقصّونَ عَلَيكم آيَاتي ))(الأنعام:130). قال الطبرسي في (مجمع البيان 4: 163): (قوله (منكم) وإن كان خطاباً لجميعهم والرسل من الانس خاصة، فإنه يحتمل أن يكون لتغليب أحدهما على الآخر كما قال تعالى: (( يَخرج منهمَا اللّؤلؤ وَالمَرجَان )) وإن كان اللؤلؤ يخرج من المالح دون العذب، وكما يقال: أكلت الخبز واللبن، وانما يؤكل الخبز ويشرب اللبن، وهو قول أكثر المفسرين، والزجاج، والرماني. وقيل: إنه أرسل رسل الى الجن كما ارسل إلى الأنس، عن الضحاك، وقال الكلبي: كان الرسل يرسلون الى الانس ثم بعد محمد (صلى الله عليه وآله) إلى الانس والجن. وقال ابن عباس: إنما بعث الرسول من الأنس، ثم كان يرسل هو الى الجن رسولاً من الجن، وقال مجاهد: الرسل من الإنس، والنذر من الجن).
وهذه الاستفادة التي استفادها أكثر المفسرين بان التعبير في الآية الكريمة يحمل على التغليب وان الرسل هم من الانس خاصة لم يستفدها العلاّمة الطباطبائي(رحمه الله) في (الميزان)، وانما اعتبر التعبير على نحو المجموع بما هو مجموع، وهو مجمل من ناحية تعيين الرسل هل كانوا كلهم من الانس أو من الجن، فهو لا يفيد التفصيل. قال: (قوله (منكم) لا يدل على أزيد من كون الرسل من جنس المخاطبين وهم مجموع الجن والأنس لا من غيرهم كالملائكة حتى يتوحشوا منهم ولا يستأنسوا بهم ولا يفقهوا قولهم، وأما أنَّ كل من طائفتي الجن والأنس رسلاً منهم فلا دلالة في الآية على ذلك) (الميزان في تفسير القرآن 7: 354) .
وعلى أية حال، فنحن لا نعلم إلا علماً اجمالياً بان الجن مكلفون حالهم كحال الانس وهم يتعرضون للحساب، كالانس تماماً كما شهدت به الآيات الكريمة في هذا الجانب، وان كنا نجهل الكثير عن تفاصيل حياتهم وكيفية بلوغ التكاليف اليهم. وقد ورد في بعض الروايات أن الائمة المعصومين (عليهم السلام) هم حجج الله على الانس والجن، وهذا يفهم منه بالملازمة ان النبي(صلى الله عليه وآله) هو حجة الله على الجن أيضا.
دمتم في رعاية الله