( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

ابليس

كيف يختطف ابليس قلوب بني آدم ؟


عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ) : " بَيْنَمَا مُوسَى ( عليه السَّلام ) جَالِساً إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ وَ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ [1] ذُو أَلْوَانٍ . فَلَمَّا دَنَا مِنْ مُوسَى ( عليه السَّلام ) خَلَعَ الْبُرْنُسَ ، وَ قَامَ إِلَى مُوسَى فَسَلَّمَ عَلَيْهِ . فَقَالَ لَهُ مُوسَى : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا إِبْلِيسُ ؟ قَالَ : أَنْتَ ! فَلَا قَرَّبَ اللَّهُ دَارَكَ . قَالَ : إِنِّي إِنَّمَا جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ لِمَكَانِكَ مِنَ اللَّهِ . قَالَ : فَقَالَ لَهُ مُوسَى ( عليه السَّلام ) : فَمَا هَذَا الْبُرْنُسُ ؟ قَالَ : بِهِ أَخْتَطِفُ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ . فَقَالَ مُوسَى : فَأَخْبِرْنِي بِالذَّنْبِ الَّذِي إِذَا أَذْنَبَهُ ابْنُ آدَمَ اسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ ، وَ اسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ ، وَ صَغُرَ فِي عَيْنِهِ ذَنْبُهُ . وَ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ ( عليه السَّلام ) : يَا دَاوُدُ بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ . قَالَ : كَيْفَ أُبَشِّرُ الْمُذْنِبِينَ وَ أُنْذِرُ الصِّدِّيقِينَ ؟ قَالَ : يَا دَاوُدُ ، بَشِّرِ الْمُذْنِبِينَ أَنِّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَ أَعْفُو عَنِ الذَّنْبِ ، وَ أَنْذِرِ الصِّدِّيقِينَ أَلَّا يُعْجَبُوا بِأَعْمَالِهِمْ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسَابِ إِلَّا هَلَكَ " [2] . ورد في كتاب الامالي للشيخ الطوسي (رحمه الله تعالى) عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) أن إبليس كان يأتي الأنبياء (عليهم السلام) من لدن آدم )عليه السلام( إلى أن بعث الله المسيح (عليه السلام) يتحدث عندهم و يسائلهم، و لم يكن بأحد منهم أشد أنسا منه بيحيى بن زكريا، فقال له يحيى يا أبا مرة إن لي إليك حاجة. فقال له أنت أعظم قدرا من أن أردك بمسألة فسلني ما شئت، فإني غير مخالفك في أمر تريده. فقال يحيى يا أبا مرة، أحب أن تعرض علي مصائدك و فخوخك التي تصطاد بها بني آدم. فقال له إبليس حبا و كرامة، و واعده لغد. فلما أصبح يحيى (عليه السلام) قعد في بيته ينتظر الموعد و أجاف [اي رده] عليه الباب إغلاقا، فما شعر حتى ساواه من خوخة (1) كانت في بيته، فإذا وجهه صورة وجه القرد، و جسده على صورة الخنزير، و إذا عيناه مشقوقتان طولا، و فمه مشقوق طولا، و إذا أسنانه و فمه عظما واحدا بلا ذقن و لا لحية و له أربعة أيد يدان في صدره و يدان في منكبه، و إذا عراقيبه (2) قوادمه و أصابعه خلفه، و عليه قباء، و قد شد وسطه بمنطقة، فيها خيوط معلقة من بين أحمر و أخضر و أصفر و جميع الألوان، و إذا بيده جرس عظيم، و على رأسه بيضة (3)، و إذا في البيضة حديدة معلقة شبيهة بالكلاب (4) . فلما تأمله يحيى (عليه السلام) قال له ما هذه المنطقة التي في وسطك؟ فقال هذه المجوسية أنا الذي سننتها و زينتها لهم. مفقال له فما هذه الخيوط الألوان ؟ قال هذه جميع أصباغ النساء، لا تزال المرأة تصبغ الصبغ حتى يقع مع لونها فافتتن الناس بها. فقال له فما هذا الجرس الذي بيدك ؟ قال هذا مجمع كل لذة من طنبور و بربط و معزفة و طبل و ناي و صرناي (5) ، و إن القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فأحرك الجرس فيما بينهم، فإذا سمعوه استخفهم الطرب، فمن بين من يرقص، و من بين من يفرقع أصابعه، و من بين من يشق ثيابه. فقال له و أي الأشياء أقر لعينك ؟ قال النساء، هن فخوخي و مصائدي، فإني إذا اجتمعت علي دعوات الصالحين و لعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن. فقال له يحيى (عليه السلام) فما هذه البيضة على رأسك ؟ قال بها أتوقى دعوة المؤمنين. قال فما هذه الحديدة التي أراها فيها ؟ قال بهذه أقلب قلوب الصالحين قال يحيى (عليه السلام) فهل ظفرت بي ساعة قط ؟ قال لا، و لكن فيك خصلة تعجبني. قال يحيى فما هي قال أنت رجل أكول، فإذا أفطرت أكلت و بشمت (6) فيمنعك ذلك من بعض صلاتك و قيامك بالليل. قال يحيى (عليه السلام) فإني أعطي الله عهدا أني لا أشبع من الطعام حتى ألقاه. قال له إبليس و أنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه، ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الخوخة: كوة تؤدي الضوء إلى البيت. (2) العراقيب جمع العرقوب وهو عصب غليظ فوق عقب الانسان. (3) البيضة : واقية للرأس من الحديد (4) الكلاب بالفتح وتشديد اللام: حديدة معطوفة يعلق بها اللحم وغيره. (5) الناي: آلة من آلات الطرب ينفخ فيها، والكلمة من الدخيل وكذا الصرناي. وقال الفيروزآبادي: المعازف: الملاهي كالعود والطنبور، والواحد عزف أو مِعزَف كمنبر (6) البشم محركة: التخمة والسأمة، بَشِمَ كفَرِحَ. الأمالي للشيخ الطوسي ص : 340

2