لا اله الا الله ( 21 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الكعبة المشرفة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماذا استخدم النبي إبراهيم عليه السلام لبناء الكعبة المشرفة ومن ساعده في بنائها؟ وهل بناء الكعبة المشرفة الحالي هو نفسه بناء النبي إبراهيم أم تجدد بنائها عبر الزمن؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا الآية المباركة﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (البقرة:127)،أشارت إلى بناء بيت الله الحرام من قبل النبي إبراهيم عليه السلام ،وقد ساعده النبي إسماعيل عليه السلام ،ولما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال، أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم عليه السلام أن يبني البيت ولكنّه لم يدرِ في أي بقعةٍ هو، فسأل ربَّه عنها فقال له عزّ وجلّ: إنك في البقعة التي أُنزل فيها على آدم قبَّة من نور، (فقد ورد في بعض الأخبار أن البيت كان قد وضع قبل زمن النبي إبراهيم، وكان قبَّة من نور نزلت على آدم واستقرَّت في البقعة التي بني إبراهيم فيها البيت، ولم تزل هذه القبَّة قائمة حتى وقع الطوفان في زمن النبي نوح عليه السلام ، ولما غَرِقت الأرضُ رفع الله تلك القبة، ولهذا سُمّي البيت بالبيت العتيق لأنه أُعتِقَ من الغرق). وكذلك لم يدرِ النبي في أي مكانٍ يبنيه، فبعث الله جبرائيل عليه السلام وخطَّ له موضعَ البيت فبناه إبراهيم عليه السلام ، وقد جاء في بعض الروايات أن الله قد أنزل عليه قواعد البيت من الجنة، فجعل إبراهيم، يبنيه وإسماعيل يساعده ويناوله الحجارة، ثم قال إبراهيم عليه السلام لاسماعيل: ائتني بحجر أضعهُ على الركن فيكون للناس علماً، وفي بعض الروايات أن جبرائيل عليه السلام نادى إبراهيم حينئذ بأن لك عندي وديعة، فأعطاه الحجر الأسود فأودعه إبراهيم عليه السلام موضعه. وقد جعل إبراهيم عليه السلام للبيت بابين، باباً من الشرق وباباً من الغرب، ثم ألقى عليه الشجر وبعض النباتات، وألقت هاجر على باب الكعبة كساءً كان معها، وبعد أن أنهى النبي عليه السلام من بناء البيت، أمره الله عز وجل أن يؤذِّن في الناس بالحج بقوله: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾ (الحج:27)، فقال إبراهيم للناس كما ذكرت الروايات: ألا إنَّ ربكم قد اتخذ بيتاً وأمركم أن تحجّوه، فاستجاب له كُلُّ من سمعه وفي روايةٍ أخرى أن إبراهيم عليه السلام قام فنادى: أيها الناس كتب عليكم الحج، فأسمَعَ من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فأجابه من آمن ممن سبق في علم الله أن يحجَّ إلى يوم القيامة: لبَّيك اللهم لبّيك‏. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه من المقطوع المتواتر به عند الجميع، أن الذي بنى الكعبة هو النبي إبراهيم عليه السلام كما تبيّن ذلك من خلال ما تقدم. لكنّ بعض الروايات قد أشارت إلى أن البيت كانت له بنية سبقت عهد النبي إبراهيم عليه السلام ، ولكنه عليه السلام عندما جاء إلى مكة شيَّدَ هذا البيت على أسسه، وهذا الكلام يتفق مع ما ذكرنا من أن البيت كان قبة من نور نزلت على آدم عليه السلام ، وقد جاء في كلمات أمير المؤمنين عليه السلام ما يدلُّ على أن البيت قد كان من لدن آدم عليه السلام ، أمّا إبراهيم فهو رافع قواعده إذ قال عليه السلام : "ألا ترون أن الله سبحانه وتعالى اختبر الأولين من لدن آدم صلوات الله عليه، وإلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجراً، وأقل نتائق الدنيا مدراً...". وذكر العلامة السيد جعفر مرتضى في كتابه الصحيح من السيرة، بأن ظاهر القرآن لا يأبى هذا أيضاً، حيث عبَّر تعالى عن تجديد بناء إبراهيم للبيت بقوله: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت). وذكر أن هناك بعض الروايات دلّت على ذلك من طرق الخاصة والعامة وكذلك فإن صاحب تفسير الميزان ذكر بأنه لا موجب لطرح هذه الروايات، ولا دليل على استحالة هذا الأمر. وظلّت الكعبة على حالها من بناء إبراهيم عليه السلام حتى جدَّدها العماليق، ثم بنو جرهم ثم لما آل أمر الكعبة إلى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (القرن الثاني من الهجرة) هدمها فأحكم بناءها، وسقفها بخشب الدوم وجذوع النخل، وبنى إلى جانبها دار النورة، وكان في هذه الدار حكومته وشوراه مع أصحابه، قسَّم جهات الكعبة بين طوائف قريش، فبنوا دورهم على المطاف حول الكعبة وفتحوا عليها أبواب دورهم. وقبل البعثة بخمس سنين، هدم السيل الكعبة فاقتسمت القبائل العمل لبنائها، وكان الذي يبنيها "يا قُومُ الرومي"، ولما انتهوا إلى وضع الحجر الأسود تنازعوا بينهم، أيهم يختصُّ بشرف وضعه فرأوا أن يُحكِّموا محمدا وسِنُّه آنذاك، خمس وثلاثون سنة لما عرفوا من وفور عقله وسداد رأيه، فطلب رداءً وضع عليه الحجر، وأمر القبائل فأمسكوا بأطرافه ورفعوه حتى إذا وصل إلى مكانه من البناء في الركن الشرقي، أخذه هو فوضعه بيده موضعه، وكان البناء على هذه الحال حتى تسلَّط عبد الله بن الزبير على الحجاز في عهد يزيد ابن معاوية، فحاربه الحصين قائد يزيد بمكة، وأصاب الكعبة بالمنجنيق فانهدمت وأُحرقت كسوتها وبعض أخشابها، ثم انكشف عنها لموت يزيد، فرأى ابن الزُّبير أن يهدم الكعبة ويعيد بناءها، فأتى لها بالجصّ النقي من اليمن، وبناها به، وأدخل الحجر في البيت، وألصق الباب بالأرض، وجعل قبالته باباً آخر ليدخل الناس من باب ويخرجوا من باب آخر، وجعل ارتفاع البيت سبعةً وعشرين ذراعاً، ولّما فرغ من بنائها ضمَّخها بالمسك والعنبر داخلاً وخارجاً، وكساها بالديباج، وكان فراغه من بنائها في 17 رجب سنة 64 هجرية. ثُمَّ لما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة بعث الحجاج بن يوسف قائده فحارب ابن الزبير فقتله، ودخل البيت ثُمّ أخبر عبد الملك بما أحدثه ابن الزبير في الكعبة، فأمره بإرجاعها إلى شكلها الأول، فهدم الحجاج من جانبها الشمالي ستة أذرع وشبراً، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش (الأساس الأول) ورفع الباب الشرقي وسدَّ الغربي. ولّما تولى السلطان سليمان العثماني الملك سنة ستين وتسعمائة غيَّر سقفها، ولّما تولى سلطان أحمد العثماني سنة واحدٍ وعشرين بعد الألف أحدث فيها ترميماً، ولّما حدث السيل العظيم سنة تسع وثلاثين بعد الألف هدم بعض حوائطها الشمالية والشرقية والغربية، فأمر السلطان مراد الرابع من ملوك آل عثمان بترميمها، وما زال على ذلك حتى اليوم الحاضر. دمتم في رعاية الله

3