السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
س١/قال تعالى ((وللاخرة خير لك من الاولى)) هل الاولى هي خير في الاية او يوجد تفسير اخر؟
س٢/ ما معنى ان اكون حراً؟
س٣/ هل زيارة العتبات المقدسة مثال على ذلك مرقد سيدنا ومولانا ابا عبد الله الحسين يعادل في الاجر والثواب زيارة بيت الله الحرام؟
س٤/ ماهي الاذكار لتخلص من ضيق الصدر وقلة الحيلة ومن اجل حل المشاكل والتوفيق بالحياة؟
س٥/ ماهو تفسير الاية الكريمة ((يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك ))؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم في تطبيقكم المجيب
س1
((خطاب للنبي صلى الله عليه وآله يقول الله تعالى له إن ثواب الآخرة والنعيم الدائم فيها خير لك من الأولى يعني من الدنيا ، والكون فيها لكونها فانية . قال ابن عباس : له في الجنة الف قصر من اللؤلؤ ترابه المسك ، وفيه من كل ما يشتهي على أعم الوصف .
وقوله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) وعد من الله له أن يعطيه من النعيم والثواب وفنون النعم ما يرضى النبي صلى الله عليه وآله به ويؤثره))(1) .
وذكر تفسير البرهان نقلا عن رواية عن الامام الصادق عليه السلام انها الرجعة ونص كلامه:
((عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، في قوله تعالى : * ( ولَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى ) * ، قال : « يعني الكرة هي الآخرة للنبي ( صلى الله عليه وآله ))(2)
ولا تنافي بين الرايين فان الاخرة تشمل اخرة الدنيا وتشمل يوم القيامة وان كلا الاخرتين خير لك من الدنيا فذكر الاخرة ويراد منها كل اخرة يمكن انطباق الكلام عليها ولها مصداقان مصداق اخرة الدنيا وهي رجعت النبي صلى الله عليه واله وظهور الدين على يديه وانتشار الايمان في كل ارجاء المعمورة ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون وتشمل اخرة القيامة وفيها يظهر الله عظمة نبيه صلى الله عليه واله وعظمة اهل بيته الطاهرين
س2
انقل لكم جواب مركز الابحاث العقائدية عندما سئل عن الحرية: ((كلمة الحرية على ما يراد بها من المعنى لا يتجاوز عمرها في دورانها على الألسن عدة قرون ولعل السبب المبتدع لها هي النهضة المدنية الأوربية قبل بضعة قرون لكن معناها كان جائلا في الأذهان وأمنية من أماني القلوب منذ أعصار قديمة. والأصل الطبيعي التكويني الذي ينتشي منه هذا المعنى هو ما تجهز به الانسان في وجوده من الإرادة الباعثة إياه على العمل فإنها حالة نفسية في إبطالها إبطال الحس والشعور المنجر إلى إبطال الانسانية. غير أن الانسان لما كان موجودا اجتماعيا تسوقه طبيعته إلى الحياة في المجتمع وإلقاء دلوه في الدلاء بإدخال إرادته في الإرادات وفعله في الافعال المنجر إلى الخضوع لقانون يعدل الإرادات والأعمال بوضع حدود لها فالطبيعة التي أعطته إطلاق الإرادة والعمل هي بعينها تحدد الإرادة والعمل وتقيد ذلك الاطلاق الابتدائي والحرية الأولية. والقوانين المدنية الحاضرة لما وضعت بناء أحكامها على أساس التمتع المادي أنتج ذلك حرية الأمة في أمر المعارف الأصلية الدينية من حيث الالتزام بها وبلوازمها وفي أمر الأخلاق وفي ما وراء القوانين من كل ما يريده ويختاره الانسان من الإرادات والأعمال فهذا هو المراد بالحرية عندهم. وأما الاسلام فقد وضع قانونه على أساس التوحيد ثم في المرتبة التالية على أساس الأخلاق الفاضلة ثم تعرضت لكل يسير وخطير من الأعمال الفردية والاجتماعية كائنة ما كانت فلا شئ مما يتعلق بالانسان أو يتعلق به الانسان إلا وللشرع الاسلامي فيه قدم أو أثر قدم فلا مجال ولا مظهر للحرية بالمعنى المتقدم فيه. نعم للانسان فيه الحرية عن قيد عبودية غير الله سبحانه وهذا وإن كان لا يزيد على كلمة واحدة غير أنه وسيع المعنى عند من بحث بحث تعمق في السنة الاسلامية والسيرة العملية التي تندب إليها وتقرها بين أفراد المجتمع وطبقاته ثم قاس ذلك إلى ما يشاهد من سنن السؤدد والسيادة والتحكمات في المجتمعات المتمدنة بين طبقاتها وأفرادها أنفسها وبين كل امة قوية وضعيفة. وأما من حيث الاحكام فالتوسعة فيما أباحه الله من طيبات الرزق ومزايا الحياة المعتدلة من غير إفراط أو تفريط قال تعالى: (( مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزقِ )) (الأعراف:32) وقال تعالى: (( خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرضِ جَمِيعاً )) (البقرة:29) وقال تعالى: (( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرضِ جَمِيعاً )) (الجاثية:13).
ومن عجيب الامر ما رامه بعض الباحثين والمفسرين وتكلف فيه من إثبات حرية العقيدة في الاسلام بقوله تعالى: (( لاَ إِكرَاهَ فِي الدِّينِ )) (البقرة:256) وما يشابهه من الآيات الكريمة. فان التوحيد أساس جميع النواميس الاسلامية ومع ذلك كيف يمكن أن يشرع حرية العقائد ؟ وهل ذلك إلا التناقض الصريح؟ فليس القول بحرية العقيدة إلا كالقول بالحرية عن حكومة القانون في القوانين المدنية بعينه. وبعبارة أخرى العقيدة بمعنى حصول إدراك تصديقي ينعقد في ذهن الانسان ليس عملا اختياريا للانسان حتى يتعلق به منع أو تجويز أو استعباد أو تحرير وإنما الذي يقبل الحظر والإباحة هو الالتزام بما تستوجبه العقيدة من الأعمال كالدعوة إلى العقيدة وإقناع الناس بها وكتابتها ونشرها وإفساد ما عند الناس من العقيدة والعمل المخالفين لها فهذه هي التي تقبل المنع والجواز ومن المعلوم أنها إذا خالفت مواد قانون دائر في المجتمع أو الأصل الذي يتكي عليه القانون لم يكن مناص من منعها من قبل القانون ولم يتك الاسلام في تشريعه على غير دين التوحيد ( التوحيد والنبوة والمعاد ) وهو الذي يجتمع عليه المسلمون واليهود والنصارى والمجوس ( أهل الكتاب ) فليست الحرية إلا فيها وليست فيما عداها إلا هدما لأصل الدين نعم هيهنا حرية أخرى وهي الحرية من حيث إظهار العقيدة في مجرى البحث.
نحن حينما نطلق كلمة ( الحرية ), نقصد بها معناها العام وهو: نفي سيطرة الغير فالحرية في الحضارة الإسلامية: تعبير عن يقين مركزي ثابت (الإيمان بالله ) تستمد منه الحرية اسسها, وبقدر ارتكاز هذا اليقين وعمق مدلوله في حياة الإنسان, تتضاعف الطاقات في تلك الحرية.
وعليه فالحرية ترتبط ارتباطا أساسيا بالعبودية لله, فلا يسمح الإسلام للإنسان أن يستذل ويستكين ويتنازل عن حريته ((لا تكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله حرا)). فالإنسان مسؤول عن حريته في الإسلام وليست الحرية حالة من حالات انعدام المسؤولية.))(3)
س4
عظمة الثواب والاجر له عدة حيثيات منها عظمة المكان فان الروايات الشريفة تؤكد عظمة زيارة اهل البيت عليهم السلام حتى في بعض الروايات ان زيارتهم تعد حجة وتعدل عمرة وفي بعضها اكثر من ذلك فان وجود هذه الاجساد الطاهرة هي اعظم من الكعبة الشريفة بل اكثر من ذلك فقد رود في بعض الروايات ان اراقت دم مؤمن ظلما اعظم عند الله تعالى من هدم الكعبة الشريفة لما لهكذا ظلم من اثر في ضياع الناس وانتشار الفساد والظلم بينهم وهذا المعنى عند الله تعالى اعظم من الكعبة الشريفة فالعظمة والاشرفية لها عدة اعتبارات
ولكن هذا لا يعني انه لا يجب علينا ان نذهب الى حج بيت الله تعالى وان زيارة المعصومين تجزي عن الواجب مادامت الزيارة تعدل حجة فكم حجة لنا فان هذا الكلام غير صحيح فان الواجبات لا يمكن ان تجزي عنها المستحبات وان لسان الروايات يتكلم عن الاجر والثواب لا ان الزيارة تجزي عن الذهاب للحج الواجب فهذا المعنى مرفوض وعلينا التمييز بين ما شرعه الله تعالى لنا من اعمال واجبة وما اسسه من المستحبات المؤكدة فان صلاة مئات الركعات المستحبة لا تجزي عن صلاة فجر واحدة وتبقى الذمة مشغولة بها مالم يصلها ويؤدها العبد وكذا الحج فان المطلوب هو حجة واجبة ولا يجزي عنها اي فعل مستحب بل لايجزي عنها اي فعل واجب غير الحج الواجب.
س3
((القرآن الكريم يُذكّر الإنسان بإنسانيته ، وما لها من إكرام وأفضلية ، ثم جعله أمام
" رب " " كريم " ، فالرب وبمقتضى ربوبيته هو الحامي والمدبر لأمر تربية وتكامل الإنسان ، وبمقتضى كرمه أجلس الإنسان على مائدة رحمته ، ورعاه بما أنعم عليه ماديا ومعنويا ودون أن يطلب منه أي مقابل ، بل ويعفو عن كثير من ذنوب الإنسان لفضل كرمه . . .
فهل من الحكمة أن يتمرد هذا الموجود المكرم على هكذا رب رحيم
كريم ؟ !
وهل يحق لعاقل أن يغفل عن ذكر ربه ولو للحظة واحدة ، ولا يطيع أمر مولاه الذي يتضمن سعادته وفوزه ؟ !
ولهذا فقد ورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند تلاوته للآية المباركة أنه قال : " غره جهله ".
" غرك " : من ( الغرور ) ، و " الغرة " : غفلة في اليقظة ، وبعبارة أخرى : غفلة في وقت لا ينبغي فيه الغفلة ، ولما كانت الغفلة أحيانا مصدرا للاستعلاء والطغيان فقد استعملت ( الغرور ) بهذه المعاني .
والغرور : كل ما يغر الإنسان من مال ، وجاه ، وشهوة وشيطان ، وقد فسر الغرور بالشيطان ، لأنه أخبث من يقوم بهذا الدور الدنئ في الدنيا .
وذكر في تفسير " الكريم " آراء كثيرة ، منها : إنه المنعم الذي تكون جميع أفعاله إحسان ، وهو لا ينتظر منها أي نفع أو دفع ضرر .
ومنها : هو الذي يعطي ما يلزمه وما لا يلزمه .
ومنها : هو من يعطي الكثير بالقليل .
ولو جمعنا كل ما ذكر وبأعلى صورة لدخل في كرم الله عز وجل ، فيكفي كرم الله جلالا أنه لا يكتفي عن المذنبين ، بل يبدل ( لمن يستحق ) سيئاتهم حسنات .
وتعرض لنا الآية التالية جانبا من كرم الله ولطفه على الإنسان : الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك .
فالآية قد طرحت مراحل خلق الأسنان الأربعة .
أصل الخلقة ، التسوية ، التعديل ، ومن ثم التركيب .
ففي المرحلة الأولى : يبدأ خلق الإنسان ومن نطفة في ظلمات رحم الام .
وفي مرحله الثانية : مرحلة " التسوية والتنظيم " وفيها يقدر الباري سبحانه خلق كل عضو من أعضاء الإنسان بميزان متناهي الدقة .
فلو أمعن الإنسان النظر في تكوين عينه اذنه أو قلبه ، عروقه وسائر أعضاءه ، وما أودع فيها من ألطاف ومواهب وقدرات إلهية ، لتجسم أمامه عالما من العلم والقدرة واللطف والكرم الإلهي .
عطاء رباني قد شغل العلماء آلاف السنين بالتفكير والبحث والتأليف ، ولا زالوا في أول الطريق .
وفي المرحلة الثالثة : يكون التعديل بين " القوى " و " الأعضاء " وتحكيم الارتباط فيما بينها .
وبدن الإنسان قد بني على هذين القسمين المتقاربين ، ف : اليدين ، الرجلين ، العينين ، الاذنين ، العظام ، العروق ، الأعصاب والعضلات قد توزعت جميعها على هذين القسمين متجانس ومترابط .
هذا بالإضافة إلى أن الأعضاء في عملها يكمل بعضها للبعض الآخر ، فجهاز التنفس مثلا يساعد في عمل الدورة الدموية بدورها تقدم يد العون إلى عملية التنفس ، ولأجل ابتلاع لقمة غذاء ، لا تصل إلى الجهاز الهضمي إلا بعد أن يؤدي كل من: الأسنان ، اللسان ، الغدد وعضلات الفم دوره الموكل به ، ومن ثم تتعاضد أجزاء الجهاز الهضمي على إتمام عملية الهضم وامتصاص الغذاء ، لينتج منه القوة اللازمة للحركة والفعالية .
وكل ما ذكر ، وغيره كثير ، قد جمع قصيرة رائعة . . . (فعدلك) .
وقيل : " عدلك " إشارة إلى اعتدال قامة الإنسان ، وهو ما يمتاز به عن بقية الحيوانات ، وهذا المعنى أقرب للمرحلة القادمة ولكن المعنى الأول أجمع .
وفي المرحلة الرابعة : تكون عملية " التركيب " وإعطاء الصورة النهائية للإنسان نسبة إلى بقية الموجودات .
نعم ، فقد تكرم الباري بإعطاء النوع الإنساني صورة موزونة عليها مسحة جمالية بديعة قياسا مع بقية الحيوانات ، وأعطى الإنسان فطرة سليمة ، وركبه بشكل يكون فيه مستعدا لتلقي كل علم وتربية .
ومن حكمة الباري أن جعل الصور الإنسانية مختلفة متباينة ، كما أشارت إلى ذلك الآية ( 22 ) من سورة الروم : ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم ، ولولا الاختلاف المذكور لاختل توازن النظام الاجتماعي البشري .
ومع الاختلاف في المظهر فإن الباري جل شأنه قدر الاختلاف والتفاوت في القابليات والاستعدادات والأذواق والرغبات ، وجاء هذا النظم بمقتضى حكمته ، وبه يمكن تشكيل مجتمع متكامل سليم وكل حوائجه ستكون مؤمنة .
وتلخص الآية من سورة التين خلق الله للإنسان بصورة إجمالية : لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .
والخلاصة : فالآيات المبحوثة ، إضافة لآيات أخر كثيرة تهدف وبشكل
دقيق إلى تعريف الإنسان المغرور بحقيقته ، منذ كان نطفة قذرة ، مرورا بتصويره وتكامله في رحم امه ، حتى أشد حالات نموه وتكامله ، وتؤكد على أن حياة الإنسان في حقيقتها مرهونة بنعم الله ، وكل حي يفعم برحمة الله في كل لحظات حياته ، ولابد لكل حي ذي لب وبصيرة من أن يترحل من مطية غروره وغفلته ، ويضع طوق عبودية المعبود الأحد في رقبته ، وإلا فالهلاك الحتمي ))(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التبيان في تفسير القران، الشيخ الطوسي، ج10/ص369.
(2) الرهان في تفسير القران ، السيد هاشم البحراني، ج5/ص682.
(3) منقول عن اجوبة مركز الابحاث العقائدية بتصرف
(4) ينظر: الامثل في تفسير كتاب الله المنزل ، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، ج19/ص488.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته