( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

اهلا للعبادة

لمن هذه الحديث (ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك) وما المقصود منه ؟


ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك قال أمير المؤمنين عليه السلام في مناجاته: إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا رغبةً في ثوابك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك). وقد روته مصادرنا وشرحه علماؤنا ، قال ابن ميثم البحراني رحمه الله في شرح مائة كلمة لأمير المؤمنين عليه السلام /219قد حَذَفَ كلَّ ما سوى الحق تعالى عن درجة الإعتبار ولم يلحظ معه غيره ، وذلك هو الوصول التام ).ونسبه السيد الخوئي قدس سره بنحو الجزم،فقال في البيان/477: (قال أمير المؤمنين وسيد الموحدين صلوات الله عليه: ما عبدتك خوفاً من نارك..الخ.).فلا عبرة بمن نسبه الى رابعة العدوية ، المتأخرة عن عصر علي عليه السلام قرناً ونصفاً ، حيث توفيت سنة180.(سير الذهبي:8/243) وقد أخطأ بعضهم في فهم معنى حديث أمير المؤمنين عليه السلام ، فتصور أنه عليه السلام ينفي أن يكون عنده خوفٌ من عذاب الله تعالى ، أو طمعٌ في جنته ، مع أنه لا ينفي ذلك ، بل يقول إنه يوجد معهما دافع أقوى منهما في شخصيته عليه السلام هو أن الله سبحانه أهل للعبادة، وأن هذا الدافع أقوى المحركات في نفسه . وتوضيحه: أن الذي يريد الصلاة مثلاً ، يوجد عنده عادةً أحد ثلاثة دوافع لها: دافعُ الخوف من عذاب الله ، والطمع في ثوابه ، أو دافعُ الرياء . ويوجد عند أفراد نادرين دافعٌ رابع ، هو أنه يحب ربه ويراه أهلاً لأن يصلي له . والحرام هو الصلاة رياء للناس ، والمقبول أن يصلي لله تعالى ، بأي دافع يرجع اليه ، كامتثال أمره أو طلب رزقه أو جنته أو حباً له.. الخ. وعندما يتحرك الإنسان للعمل بأحد هذه الدوافع فليس معناه عدم وجود الدوافع الأخرى ، بل معناه أن أحدها كان فعالاً ، والباقي موجود مساعد أو غير فعال . قال الشهيد الثاني قدس سره في روض الجنان/27ويجب في الوضوء النية وهي لغة مطلق العزم والإرادة...وغاية الجميع التقرب إلى الله تعالى، بمعنى موافقة إرادته أو طلب الرفعة عنده تعالى، بواسطة نيل الثواب تشبيهاً بالقرب المكاني ، وكلتاهما محصلة للإمتثال مخرجة عن العهدة، وإن كان بين المنزلتين بعد المشرقين . وفي حكم الثانية الخوف من العقاب . وإلى الأولى أشار أمير المؤمنين علي عليه السلام بقوله: ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك) . والنتيجة : أن عمله عليه السلام بدافع حب الله تعالى واستحقاقه للعبادة ، عملٌ بدافع فوق خوف العذاب وطمع الثواب ، ولا ينفي وجود الخوف والرجاء في نفسه بأعلى درجاتهما ، وإن لم يتحرك بهما.

1