عبدالله بن عيسى ( 33 سنة ) - السعودية
منذ 4 سنوات

متى نشاء علم الاصول…

ما رأيكم فيما طرحه أحد العلماء الشيعة المعروفين بأن علم الأصول عند الشيعة أساسه كتاب الرسالة للشافعي؟


عليكم السلام هذا الكلام ليس فيه دقة في البحث فنقول؛ وجدت بذرة علم الأصوليّ لدى الفقهاء من أصحاب الأئمّة عليهم السلام، منذ عصر الصادقين عليهم السلام. ففي تلك الفترة كتب الشيعة رسائل مختلفة في علم الاصول ،فقد كتب محمد ابن ابي عمير المتوفي عام ٢١٧هج وكذلك يونس بن عبد الرحمن المتوفي عام ٢٠٨هج في علاج الحديثين المختلفين ،وكتبا ايضاً في العام والخاص والناسخ والمنسوخ ،كما يلاحظ ذلك عند مراجعة تراجمهم ،وليس الشافعي اقدم منهم زماناً لانه ولد عام ١٥٠هج بعد وفاة الامام الصادق ،بينما يونس بن عبد الرحمن ادرك الصادق عليه السلام وتوفيالشافعي ٢٠٤هج مقاربا لوفاة يونس بن عبد الرحمن. فلم يثبت ان الواضع الاول لعلم الاصول مدرسة اهل السنة ،بل ان الشيعة كتبت في علم الاصول في نفس الفترة الزمنية لولادته عند اهل السنة ،ثم جاء ابو سهل النوبختي وكتب رسالتين :احدهما في بطلان القياس والعمل بخبر الواحد ،والاخرى في مناقشة رسالة الشافعي ،ثم توسع علم الاصول على يد ابن الجنيد والشيخ المفيد وغيرهم. ان منبع القواعد الاصولية روايات اهل البيت عليهم السلام ونحن ذاكرون بعض الشواهد على هذه البذرة الأصوليّة، أي بذرة الاجتهاد لدى أصحاب الأئمّة وتأصيل علم الاصول: الأول: هو وجود بعض الروايات في كتب الحديث يعود تاريخها إلى هذه المرحلة، يذكر فيها عدداً من العناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط، كأصالة البراءة، وعدم التكليف بما لا يطاق، والاستصحاب، والعامّ والخاصّ، وحجيّة خبر الثقة، وعلاج الأخبار المتعارضة، وغيرها، وإليك بعضاً يسيراً من هذه الروايات: 1- محمّد بن علي بن الحسين قال وقال الصادق عليه السلام: "كلّ شيءٍ مطلقٌ حتى يرد فيه نهيٌ"3. وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وضع عن أمّتي تسع خصالٍ: الخطاء والنسيان وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه (..."). 2- محمّد بن يحيى وغيره، عن محمّد بن أحمد، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤيّ بإسناده قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر". 3- محمّد بن إدريس في آخر (السرائر) نقلاً من كتاب هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنّما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم أن تفرّعوا". 4- وعنه (أي محمّد بن مسعود عن محمّد بن نصير، عن محمّد بن عيسى، عن عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن عليّ بن يقطين جميعاً، عن الرضا عليه السلام قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كلّ ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقةٌ، آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم. الثاني: وجود بعض الكتب والمؤلفات في مسائل أصول الفقه، لأصحاب الأئمة عليهم السلام: 1- هشام بن الحكم (ت: 199هـ): وهو يعدّ شيخ المتكلّمين في الأصوليين الإماميّة، من حواريي الإمام الصادق عليه السلام. صنّف كتاباً في مباحث الألفاظ، الذي يعدّ أكبر وأهمّ بابٍ في علم الأصول، وهو أوّل كتاب ألّف في هذا العلم. 2- يونس بن عبد الرحمن: قال عنه النجاشي: "مولى عليّ بن يقطين بن موسى، مولى بني أسد، أبو محمّد: كان وجهاً في أصحابنا متقدماً، عظيم المنزلة، وروى عن أبي الحسن موسى والرضا عليهما السلام، وكان الرضا يشير إليه في العلم والفتيا ". 3- أبو سهل النوبختيّ إسماعيل بن علي: ذكره ابن النديم وقال فيه إنّه "من كبار الشيعة وكان فاضلاً عالماً متكلّماً، وله مجلسٌ يحضره جماعةٌ من المتكلمين، وله من الكتب: (وذكر مجموعةً من الكتب ومنها) كتاب إبطال القياس، كتاب نقض اجتهاد الرأي (في الردّ) على ابن الراوندي". 4- الحسن بن موسى النوبختي: قال فيه النجاشيّ: "شيخنا المتكلّم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها. له على الأوائل كتبٌ كثيرةٌ منها (وعدّ كتباً كثيرةً) وكتاب الخصوص والعموم". المدرسة الثانية، بداية التأليف الأصوليّ: وهي المرحلة التي بدأ فيها الفقهاء من أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بتأليف الكتب في خصوص هذا العلم، وإن كانت في بدايتها غير متطوّرةٍ، وبدائيةٍ، ولكن تعدّ في مجالها باكورةً وافتتاحاً لعلمٍ جديدٍ، فكانت هذه المؤلّفات السبب الأساس لتطوّر علم الأصول، وبروز مدارس جديدة متطوّرة. أهمّ علماء الأصول في هذه المدرسة: 1- الشيخ ابن أبي عقيل: وهو أبو محمّد الحسن بن عليّ بن أبي عقيل النعمانيّ الحذّاء: أوّل من ألّف في علم الأصول كتاباً يحمل عنوان "المتمسّك بحبل آل الرسول"، كان معاصراً للشيخ محمد بن يعقوب الكليني، وللشيخ الصدوق علي بن بابويه القميّ. 2- الشيخ ابن الجنيد: وهو أبو علي محمّد بن أحمد بن جنيد الاسكافيّ: اقتفى أثر ابن أبي عقيل، فكان له في هذا المجال كتابان: الأوّل (كشف التمويه والإلباس على أغمار الشيعة في أمر القياس)، والثاني (إظهار ما ستره أهل العناد من الرواية عن أئمّة العترة في أمر الاجتهاد)، ذكرهما النجاشيّ ضمن فهرست كبيرٍ بأسماء كتبه قائلاً في حقّه: "أبو عليّ الكاتب الإسكافي وجه في أصحابنا، ثقةٌ، جليل القدر. صنّف فأكثر"11، "قيل: مات بالري سنة 381 هـ"12. 3- الشيخ المفيد: وهو أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان: الملقّب بالمفيد، قال عنه النجاشيّ: "شيخنا وأستاذنا (رضي الله عنه). فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم. له كتب: (ذكرها وعدّ منها) كتاب جواب المسائل في اختلاف الأخبار، كتاب مسألةٍ في القياس مختصر، كتاب مسألة في الإجماع، كتاب في القياس، كتاب النكت في مقدّمات الأصول، مات رضوان الله عليه ليلة الجمعة لثلاث (ليالٍ) خلون من شهر رمضان سنة 413 هـ، وكان مولده يوم الحادي عشر من ذي القعدة سنة 336 هـ، وصلّى عليه الشريف المرتضى".13 مشايخه: قرأ على كثيرٍ من العلماء ورواة الآثار من المدرستين، أشهرهم من مشايخ الخاصّة الشيخ جعفر بن محمّد بن قولويه القميّ، والشيخ الصدوق أبو جعفر بن بابويه القميّ، وأبو حسن أحمد بن الوليد، وأبو غالب الزراريّ. تلامذته: تتلمذ على يديه جمعٌ غفيرٌ من أقطاب العلم أبرزهم الشريفان الرضيّ محمّد بن الحسين، وأخوه المرتضى علم الهدى.