( 29 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

العلاقة بينك وبين طفلك

كيف تكون العلاقة بينك وبين طفلك متوازنة؟


تبدأ أهمية العلاقة بين الأم وطفلها بالظهور منذ اللحظات الأولى من حياة الطفل، وتتمثل هذه الأهمية في عوامل تبدو غير مترابطة في الظاهر، ولكن ينبغي في الواقع مراعاتها وفهمها فهماً صحيحاً، وربما يسأل سائل عن سبب توقف الطفل عن البكاء فوراً عندما تحضنه أمه بين ذراعيها، أو عن سبب قدرة الطفل على تمييز الوجه البشري من بين الوجوه جميعاً ابتداءاً من لحظة الولادة. إنَّ هذه العوامل تفسر لنا العناية الكبيرة بالمولود الجديد في المستشفى منذ اللحظات الأولى من حياته، ولعل أسرع وأبسط طريقة لتعزيز العلاقة بين الأم ووليدها هي تقديم الوليد إليها في غرفة الولادة بالمستشفى أو عندما تتم الولادة في المنزل، والسماح لها بحضنه حتى قبل تغسيله، هذا إن لم تكن هناك معالجات فورية ينبغي إخضاع الوليد لها. يتعرف الوليد الجديد بسرعة على خواص أمه، فهو يشم رائحة جسمها، ويحس بحرارته، كما يتعرف على الخواص الأخرى لسلوكها، تلك هي بداية العلاقة بين الطفل وأمه وتظهر منذ الشهور الأولى من حياته، ولقد ثبت فعلاً أنَّ الأطفال الحديثي الولادة الذين تحضنهم أمهاتهم إلى صدورهن يقل بكاؤهم، ويتكيفون بصورة أسرع، ويتميزون بمزاج هادئ ويصبحون أقل عرضة للإصابة بالأمراض من الأطفال الذين يبقون بعيدين عن أمهاتهم، ومن العوامل المهمة الأخرى صوت الأم، فهو يمنح الطفل الدفء والأمن، ويشرع الطفل بتمييزه فور سماعه عن الأصوات الأخرى جميعاً، ومن الحقائق المعلومة كذلك أنَّ الفترة الرئيسة في الاتصال الأولي بين الأم وطفلها هي فترة الأثنتي عشرة ساعة الأولى، والحق أنَّ خمس عشر دقيقة حتى عشرين دقيقة من الاتصال بين الأم وطفلها تعد كافية لتوطيد علاقة صحية سليمة بينهما، أما إرضاع الأم لطفلها من ثديها فقد اختلفت فيه وجهات النظر، ولكن ما ينبغي معرفته هنا أنَّ الرضاعة من ثدي الأم -من الناحية النفسية- أفضل بكثير من الرضاعة بالزجاجة، ذلك لأنَّها توجد رابطة لا تنفصم بين الطفل وأمه، فالطفل يشعر بلذة لا توصف من التغذية بالثدي، والحق إنََّ إرضاع الطفل من الثدي بعد الولادة مباشرة -بعد تنظيفه وإلباسه- ربما هي أفضل طريقة لإيجاد ثقة متبادلة من الناحيتين النفسية والجسمية بين الطفل وأمه، فهذه الرابطة القائمة على القرب والحنان هي أقوى الغرائز الاجتماعية، وهي تبدأ منذ الولادة والأم تحقق بذلك غرضاً واضحاً يمليه عليها وضع طفلها العاجز الضعيف، فالطفل يحتاج إلى رعاية وحماية وإلى تغذية كافية ومؤانسة، وهو يبدي أنواعاً من السلوك تعبر عن رغبته في الاتصال والاقتراب من الكبار، كالبكاء والتعلق بهم، وتتبعهم بعينيه أو بكامل جسمه، أو مجرد الإمساك بذراعهم، وبهذه الصلة الوثيقة يتحقق هدف الطفل، ويستطيع أن يسد حاجاته، والحق أنَّ قيام شخص كبير بتوفير الطعام للطفل، ورعاية حاجاته الخاصة الأخرى، وقضاء قدر كبير من الوقت معه، كل ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى إيجاد مشاعر المودة، بل يشيع حتماً جواً ملائماً، وذلك لأنَّ مثل هذه الرابطة العاطفية يمكن أن تنمو نحو أشخاص لا يقومون بإلباس الطفل أو بتغذيته، بل يتجاوبون وإياه تجاوباً قوياً، أي أنَّهم يرغبون في تكييف سلوكهم مع حاجات الطفل الخاصة عن طريق اهتمامهم به، وتعلمهم إشاراته الخاصة وتمييزها، وهو الأمر الذي يفسر سبب تعلق الطفل بأمه دون المربية، كما يفسر كذلك سبب العاطفة التي يبديها الطفل نحو أمه التي تقوم بمداعبته، وتوليه اهتماماً بالغاً، وفي الحقيقة أنَّ التعلق بشخص واحد أو أكثر ليس مسألة ثابتة، فهذا التعلق يتغير شكلاً ومضموناً بما يتفق وسن الطفل، ومواقفه وعلاقاته مع أبويه، فمع نمو الطفل تزداد قدراته الحسية الحركية ويزداد تبعاً لذلك احتمال مواجهته لأشياء ومواقف جديدة توسع دائرة علاقاته الاجتماعية، وهذا لا يعني إلغاء دور الأم فدورها يبقى مهماً في توفير التعليم لطفلها، وتمكينه من ممارسة الأنشطة الثقافية والاجتماعية كافة، لذا ينبغي علينا أن ندرك بأنَّه لا تبنى علاقة الأم والطفل بين عشية وضحاها، لذا ابذلي قصارى جهدك لجعل العلاقة بينك وبين طفلك قوية ومتوازنة، وهذا قد يتطلب منك بعضاً من الأمور ومنها:- أ- ترك مكان للأب: عند ولادة طفلك من الضروري أن تخلقي توازن جديد ومن الضروري أيضاً أن تتركي مكاناً للأب، فالأمهات غالباً ما يتركن مساحة للأب في التعامل مع طفله وملاعبته، ولكن اعلمي جيداً أنَّ الطفل يحتاج كلا الوالدين. ب- إحترام خصوصية طفلك: عليك أيضاً أن تحترمي خصوصية طفلك، وأن يحترم طفلك خصوصيتك، واحترام طفلك لا يعني أن تسمحي له بكل شيء، على العكس فمن المهم أن تقومي بضبط القوانين لاتباعها ووضع حدود لا يتجاوزها، وعليك كذلك أن تعلميه كيف يتخلص من الإحباط، وأخيراً ازرعي الثقة بالنفس، فالثقة بالنفس من مفاتيح النجاح، فامنحيه حبك بدون شروط فذلك يعطيه قوة وثقة في الحياة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج نبض الحياة -الحلقة السابعة - الدورة البرامجية 31

1