( 29 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

التوتر بين الآباء والأبناء

ما اسباب التوتر بين الآباء والأبناء ؟


هناك سؤال يدور في بال كل مربي حريص على تربية أبنائه وهو: من المسؤول عن إرشاد الأبناء وتوجيههم التوجيه الصحيح؟ والجواب على هذا السؤال هو: إن الجميع مسؤولين في أمر هداية وإرشاد الجيل الحدث في المجتمع، خصوصاً فئة الإناث اللاتي هن أمهات الغد ومربيات الرجال والنساء في المستقبل من حياة المجتمع، وبالأصل أن الناس - بحسب الرؤية الإسلامية- أمانات بأيدي بعضهم، فالولد أمانة الله بيد الوالدين والزوجة أمانة بيد الزوج وهكذا.. إذ لا يحق لأحد تجاهل أمر تربية الأبناء حتى وإن كانوا أبناء الغير، فإذا ما تعرض أحدهم إلى خطر أو مفسدة ما، فإن الواجب يحتم على الجميع المبادرة إلى حمايته وتقديم العون له ودفع الشرور والآثام عنه وتوجيهه إلى سبل الخير والرشاد، ولكن أن الأبوان هما المسؤولان عن تربية أبنائهما بالدرجة الأولى بحكم ولايتهما عليهم، وبالدرجة الثانية عامة الناس في مختلف المواقع والأوساط الإجتماعية والمؤسسات الحكومية، لذا على الجميع أن يعطف إهتمامه نحو تهذيب وإرشاد هذا الجيل بشكل خاص، فعند القيام بالواجبات الملقاة على عاتق الجميع تجاه هذا الجيل، ينبغي تمثل الأجواء التي تعيش فيها الفتيات المراهقات ومحاولة التأثير الإيجابي فيها. وإن قسماً من الإهتمامات يجب أن ينعطف نحو الحياة الفردية لهن، ويمكن في هذا المجال السعي إلى: التربية والنمو البدني، مثلاً إيجاد المهارة في الأعضاء والمقاومة في الجسم والتوازن الغريزي والسلامة الصحية، والتهذيب الذهني، والتوجيه الفكري، والبناء العقلي، وتنمية الذكاء، والحافظة، والخيال والتركيز. وقسم من الإهتمامات الإجتماعية والصداقات البريئة، التمييز بين الصدق والعدو، الخلق الحسن، الجرأة والشهامة، حب الخير للآخرين، إجتناب المعاصي والمحرمات، التوازن في السلوك، التواضع في المشي وغيرها. وهناك قسم آخر من الإهتمامات، يجب التركيز عليه وهو علاقة الإنسان بالله سبحانه وتعالى، بإعتبارها علاقة مالك ومملوك و رب عليم بما يضر عبادة أو ينفعهم رؤوف عليهم رحيم، ودائماً ما نسمع أن هناك بعض التوتر بين الآباء والأبناء والسبب هو: إن ردة فعل الآباء نحو الأبناء لا تكون دائماً إيجابية، البعض منها يؤدي إلى إشعال فتيل التوتر وتحويل الوسط الأسري إلى ساحة معركة يبسط فيها الآباء سيطرتهم، ويصدر عنها الأبناء ردود أفعال تتراوح بين الخضوع المرضي والتمرد بالمقاومة، وكلها أجواء لا تخدم أهداف تكوين أسرة سليمة. وهنا نسأل ما هي المظاهر التي تؤدي إلى التوتر بين الآباء والأبناء؟ والجواب على هذا السؤال هو: مطالبة الأطفال بالكمال أثناء إنجازهم لواجبات قد تفوق قدراتهم العقلية، ويتخذ الآباء هذا الموقف من خلال حرصهم على تفوق الطفل وسرعة نضجه ... المزید فمثلاً الطفل لا ينال رضا والديه إلا بحصوله على نتائج متميزة في المدرسة، وإضافة إلى ذلك قد يطالب الآباء الأبناء بالتزام قواعد الكبار في الجلوس وطريقة الأكل والتحية. وينظر بعض الآباء إلى اللعب كسبب رئيس في إهمال أبنائهم أو ضعف قدرتهم على التركيز وإهمال الدروس المدرسية وعدم الرغبة في العمل والمثابرة، بل هناك من الآباء من يعتبر اللعب مضيعة للوقت، بينما يعتبر في الواقع ميل الأطفال إلى اللعب وسيلة مهمة للتعلم تعتمد عليها رياض الأطفال الحديثة في مناهجها التربوية، وهو ما أكدت عليه أبحاث علمية توصلت إلى أن المعلمين الذين يعتمدون على وسائل لعب في تمرير الدروس يحققون نتائج تعلم جيدة، ويحبذ أن يشارك الآباء أبنائهم لعبهم. وقد يحلم الآباء بمستقبل زاهر لأبنائهم، لكن منهم من يقرر ويضع خطة ما يجب أن يسير عليها الأبناء في مشوار التعليم وصولاً إلى العمل... ودوافعهم من ذلك كثيرة، فبعض الآباء قد حرموا من الحصول على تعليم عال؛ بسبب ظروف إجتماعية أو مادية قاهرة ومن هنا بعد تنبع الرغبة في رؤية صورة الأحلام المجهضة تتحقق على يد الأبناء، وكذلك الخضوع المستمر لرغبات الأطفال يحولهم إلى أسرى نزواتهم ويبعدهم كثيراً عن مواجهة الواقع ويؤدي إلى عدم قدرتهم على التجاوب مع أي موقف يحمل في طياته الكبت والحرمان، سواء كان مادياً أو معنوياً، ويصبح الطفل نزقاً غير مكترث لعائلته وأسرته، متهوراً في تصرفاته داخل البيت وخارجه، سريع الغضب إن لم تلبى طلباته، كذلك الأمر حين يغرق الأهل الطفل بالحاجيات ويفرطون في توفير الخدمات بشكل يفوق حاجيات الطفل الفعلية، عندها يشعر الطفل بالملل وتضعف المثابرة، فكل شيء متوفر ولا يمكن للجهد والصبر، وأيضاً مقارنة الطفل بالآخرين وتذكيره الدائم بنقاط ضعفه، واحتقار إمكانياته... كل ذلك يضعف من قدرته على حل المشاكل، فمثلاً تداول عبارات "أنت عار على الأسرة، أنت فاشل لا تصلح لشيء، إن لم تحصل على أعلى درجة في الإمتحان لن تكون ابني" وهكذا..وكذلك المبالغة في التوجيه ومراقبة الطفل وإعطائه الأوامر في كل كبيرة وصغيرة، فكثير من الآباء لا يدركون إنتقال أبنائهم إلى مرحلة المراهقة، بالرغم من أنهم يستشعرون ذلك من خلال عبارات مثل "ابني أصبح لا يطيعني بعد بلوغه السنة الثانية عشرة". وأيضاً المبالغة في العقاب، فقد يكون الخطأ نتيجة عدم نضج الطفل وعدم إدراكه نتيجة تصرفاته... لذا فالعقاب يجب أن يكون بعيداً عن الإنفعالات الشديدة أو حب الإنتقام، فالابن لا يستطيع الفكاك من أهله لذلك نجده يستجيب أمام العقاب بالمقاومة الظاهرة كالتمرد والعصيان أو المقاومة الخفية كالمماطلة والتردد. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج همسة أبوية - الحلقة الثانية - الدورة البرامجية 32

3