( 29 سنة ) - العراق
منذ سنتين

التغيير بين الآباء والأبناء

كيف تتحقق إرادة التغيير بين الآباء والأبناء ؟


هناك مقولة تقول: (بعد خمسين عاماً من الآن لن يكون مهماً نوعية السيارة التي ركبها ولا فخامة المنزل الذي تسكنه.. ولكن المهم والأهم هو نوع تربيتك لأطفالك). يوماً بعد يوم تزداد الفجوة الثقافية بين الآباء والأبناء، فالأبناء أسرع تقبلاً للثقافات الجديدة من آبائهم، وهم أكثر حرصاً على التقنية متابعة واستعمالاً، مما يولد شعوراً سلبياً لدى الآباء بأحد الإتجاهين، إما بمحاولة رفض أفكار أبنائهم المتجددة والضغط عليهم وقسرهم على أن يسيروا على خطى والديهم، وبتحذيرهم من كل جديد من باب الحرص والخوف على مصلحتهم، أو بترك الحبل على الغارب؛ لينتقي الأبناء ما يريدون من كل جديد عن طريق الأصدقاء أو الإنترنت أو الإعلام بكل صورة. وبين إتجاه محاولة الآباء أن يجعلوا أبنائهم نسخة أخرى منهم والإتجاه المضاد له، تبرز أهمية تقارب التفكير وإعطاء مساحة للحرية في الإختبار بين الآباء والأبناء.. ففي بعض الآثار(لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، وبين هذين الإتجاهين يظهر أثر التربية الصحيحة التي تراعي التوازن بين المحافظة على القيم والثوابت، والأخذ بالجديد المفيد، والتي تحتم أن يكون الآباء مواكبين لتفكير أبنائهم، مطلعين على حاجاتهم النفسية ومتطلبات نموهم وسيرهم في ركاب المجتمع الذي يتسارع التغيير فيه بطريقة لا يمكن وصفها، فمحيط الأبناء وعلاقاتهم الإجتماعية أكبر مما يتمتع به آبائهم من خلال احتكاكهم في المدرسة وبقائهم أمام شاشات التلفاز والحاسب لفترات طويلة، إضافة إلى أن عقولهم وأفكارهم متقدة، ويمرون بمراحل وأطوار عقلية ونفسية تدفعهم إلى تجربة كل شيء جديد ومحاولة الخروج عن المألوف؛ لإثبات الذات وإظهار التميز، و رفض الوصاية المباشرة ولذا يبقى دور الآباء –بالدرجة الأولى- هو التوجيه غير المباشر ومحاولة الدخول في محيط الأبناء، وفهم طريقة تفكيرهم وإعطائهم الفرصة ليكتشفوا العالم من حولهم، ويجب على الآباء أن يسعوا بجد للّحاق بركب التطور ومتابعة أبنائهم؛ حتى يتمكنوا من توجيه الأبناء نحو الأخذ بالأفكار الجديدة البناءة، والإستفادة من التقنيات الحديثة في إطار من القيم والثوابت التي تميز الفرد وتبرز هويته الإسلامية، كما تعطي المجال للآباء ليجدوا الإجابات المقنعة تجاه تساؤلات أبنائهم. وتبقى النقطة الأهم هو أن تغير الأبناء عن آبائهم ليس سيئاً في كل الأحوال، بل قد يكون ضرورياً لعمارة الأرض وسير عجلة الحياة بطريقة أفضل، كما أن هذا التغير فرصة للآباء لمراجعة طريقتهم في التفكير والتربية، فليست التربية عملية سهلة مثل الآراء التنظيرية للتربية. أقدم لك بعض المقترحات للتحدث مع أبنائك ولتتواجد معهم ومنها: 1- اغتنم وقت ما بين الصلاتين للحديث مع ابنك.. أنه أنسب الأوقات. 2- اغتنم فرصة الذهاب إلى المدرسة والعودة منها في السيارة أو في الرحلات العائلية حتى القصير منها، لتقديم ولو مفهوم تربوي واحد. 3- استدعه إلى غرفتك أو اذهب إليه إلى غرفته عند الضرورة وتحدث معه. 4- إن أوقات مشاهدة التلفاز أو تناول الطعام أو الدراسة غير مناسبة لحديث تربوي، لا تقل كلمتك والبال مشغول بغيرها، ربما بعد الفراغ من الطعام وانتم جلوس على المائدة، أو للتعليق السريع على مشهد أو موقف تلفازي سلبي أو حتى أيجابي. 5- الدعوة إلى جلسة طارئة إذا استدعى الأمر التنبيه على أمر معين أو مناقشة مسألة عامة تهم الجميع. 6- اصطحاب الأولاد إلى مجالس الوعظ والذكر، فربّ وعظ يأتي من غريب يكون له وقع أكبر من وعظ القريب، وقد يعززه ويرسخه. التجربة تقول: (إذا اتسعت مساحة التعليم والتربية والمتابعة، تقلصت مساحة اللوم وعض الأصابع والندم وجلد الذات وتأنيب الضمير)، فاعمل بالنصيحة أيها الأب الكريم قبل فوات الأوان. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج همسة أبوية - الحلقة السادسة - الدورة البرامجية 32