( 29 سنة ) - العراق
منذ سنتين

قضايا الأبناء وموقف الآباء

كيف للآب ان يراعي في تربية ابنائة المبادرة والتربية والتعليم والمسؤولية آزاء الابناء والتنافس التربوي ؟


أيها القارئ، منذ وقت بعيد.. مبكر، مبكر جداً.. دق الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) جرس الإنذار في بيوتنا كلها، حين قال: ((بادروا أحداثكم(صبيانكم) بالحديث قبل أن تستبقكم اليهم المرجئة). وإذا أريد لنا أن نضع هذا الحديث في مصطلحات معاصرة، فأمامنا العناوين الأربعة التالية: 1- المبادرة. 2- المسؤولية إزاء الأبناء. 3- التربية والتعليم. 4- التنافس التربوي أو (الصراع التربوي) مع التيارات الضالة والمنحرفة. وإذا أريد لنا أيضاً أن نعرف كل عنوان، نقول: 1- المبادرة: هي أية فعالية تنطوي على التحرك الذاتي(الدافع الذاتي) وعلى الإحساس بالمسؤولية، وعلى السرعة الممكنة والتبكير، وإلا فإن هناك من يتربص ليقتنص أو يفترس. 2- الأحداث: هم الفتيان والفتيات الذين تفتحت مداركهم لاستيعاب ما حولهم، أو ما يصطلح عليهم بالشريعة ب(الصبيان المميزين)، و ربما اريد بهم الصبيان في سن السابعة، فما بعدها وقد يراد بهم من هم في سن المراهقة. 3- الحديث: هو التربية على ما هو نافع وصحيح، واجتناب ما هو فاسد و سيئ. 4- أما قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة: وهو ما يكن الاصطلاح عليه بنظرية(نفي الفراغ) فما لم يملأ –أي فراغ تربوي- بالصحيح الصالح، يملأ بالسقيم الطالح، أمّا رأيت لو أنك تركت حديقة المنزل دون عناية ومتابعة لاحتلت الأعشاب والحشاش الضارة والطفيليات أرض الحديقة في غزو يوحي بالابتلاع والاستحواذ؟! أيها القارئ، سنقف وقفات قصيرة عند كل عنوان: سنقف على أول فقرة وهي المبادرة: يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في وصية لابنه الحسن (عليه السلام): ((أي بني إني لما رأيتني قد بلغت سناً، و رأيتني أزداد وهناً بادرت بوصيتي إليك وأوردت خصالاً منها قبل أن يعجل بي أجلي، دون أن أفضي إليك بما في نفسي، أو أن أنقص في رأيي كما نقصا في جسمي، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى وفتن الدنيا، فتكون كالصعب النفور، وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته، فبادرت بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك، لنستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مئونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه). وما يهمنا في المبادرة هنا نقطتان: 1- العمل من قبل المربي قبل أن يدركه الموت( أداؤه لواجبه ومسؤوليته في أوانها). 2- الإسراع بتربية الصبي قبل أن يقسو قلبه وتتكلس مشاعره، ويشتغل عقله بغير ما ينبغي. انظر أخي المربي إلى تشبيه (قلب الصبي) ب(الأرض الخالية) الجاهزة لأن تغرس فيها ما تشاء، وإلا ينبري لها غيرك ممن قد لا يسرك زرعه، أو ممن يرسل على زرعك ناراً فيحرقه. أما الوقفة الثانية هي التربية عند الصغر: قديماً قال أهل الحكمة: (العلم في الصغر كالنقش في الحجر)، وهل تمحى نقوش الفراعنة والبابليين والآشوريين والمساجد العتيقة؟! تشيخ الأيام وهي باقية، وقديماً قالت العرب: (من أدب ولده صغيراً، سر به كبيراً)، وقال رسول الله(ص): (ما نحل (اعطى هدية) والد من نحل (هدايا)، أفضل من أدب حسن). وينسب لعلي (عليه السلام) قوله: (حرض بنيك على الآداب في الصغر، كيما تقر بهم عيناك في الكبر). أما الوقفة الثالثة الحديث: كل ما تُحدث به أبنائك وبناتك من (خير القول) و (صالح العمل) هو حديث، ولا يخفى انطواء (الحديث) على (الحداثة) أيضاً.. هناك تلازم بين الاثنين، فالأحاديث الرتيبة والجامدة، والتي لا تعتمد الإيضاح والتمثيل والشاهد والرقم والقدوة المتحركة، مملة ومنفرة أحياناً فأرجوك لاحظ ذلك وعالجه بسرعة. أيها القارئ أن (المرجئة) اليوم: كل تيار منحرف أو فئة ضالة أو مدرسة أخلاقية هابطة، أو توجه افسادي فاضح، أو قناة فضائية مسمومة، هو(مرجئة) أي فرقة، أو فريق مارق لا يلتزم النهج الإسلامي الصحيح، فما لم يملؤه (الرحمن) بالطيب الصالح يملؤه (الشيطان) بالخبيث الفاسد، فلنبادر أيها الوالدين قبل فوات الأوان. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج همسة أبوية - الحلقة السابعة -الدورة البرامجية 32

1