الرافضي
هل أنا رافضي .. وأنتِ رافضية حقا ؟
قِيلَ لِلصَّادِقِ ( عليه السَّلام ) : إِنَّ عَمَّاراً الدُّهْنِيَّ شَهِدَ الْيَوْمَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَاضِيَ الْكُوفَةِ بِشَهَادَةٍ . فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي : قُمْ يَا عَمَّارُ ، فَقَدْ عَرَفْنَاكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُكَ ، لِأَنَّكَ رَافِضِيٌّ ! فَقَامَ عَمَّارٌ وَ قَدِ ارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَ اسْتَفْرَغَهُ الْبُكَاءُ . فَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : أَنْتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَ الْحَدِيثِ ، إِنْ كَانَ يَسُوؤُكَ أَنْ يُقَالَ لَكَ رَافِضِيٌّ ، فَتَبَرَّأْ مِنَ الرَّفْضِ ، فَأَنْتَ مِنْ إِخْوَانِنَا . فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ : يَا هَذَا ، مَا ذَهَبْتَ وَ اللَّهِ حَيْثُ ذَهَبْتَ ، وَ لَكِنْ بَكَيْتُ عَلَيْكَ وَ عَلَيَّ . أَمَّا بُكَائِي عَلَى نَفْسِي ، فَإِنَّكَ نَسَبْتَنِي إِلَى رُتْبَةٍ شَرِيفَةٍ لَسْتُ مِنْ أَهْلِهَا ، زَعَمْتَ أَنِّي رَافِضِيٌّ ، وَيْحَكَ لَقَدْ حَدَّثَنِي الصَّادِقُ ( عليه السَّلام ) : أَنَّ أَوَّلَ مَنْ سُمِّيَ الرَّفَضَةَ السَّحَرَةُ الَّذِينَ لَمَّا شَاهَدُوا آيَةَ مُوسَى فِي عَصَاهُ آمَنُوا بِهِ وَ اتَّبَعُوهُ وَ رَفَضُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ، وَ اسْتَسْلَمُوا لِكُلِّ مَا نَزَلَ بِهِمْ ، فَسَمَّاهُمْ فِرْعَوْنُ الرَّافِضَةَ لِمَا رَفَضُوا دِينَهُ ، فَالرَّافِضِيُّ كُلُّ مَنْ رَفَضَ جَمِيعَ مَا كَرِهَ اللَّهُ ، وَ فَعَلَ كُلَّ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ ، فَأَيْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِثْلُ هَذِهِ . وَ إِنَّمَا بَكَيْتُ عَلَى نَفْسِي ، خَشِيتُ [ خَشْيَةَ ] أَنْ يَطَّلِعَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى قَلْبِي وَ قَدْ تَلَقَّبْتُ هَذَا الِاسْمَ الشَّرِيفَ عَلَى نَفْسِي ، فَيُعَاتِبَنِي رَبِّي عَزَّ وَ جَلَّ وَ يَقُولَ يَا عَمَّارُ أَ كُنْتَ رَافِضاً لِلْأَبَاطِيلِ ، عَامِلًا بِالطَّاعَاتِ كَمَا قَالَ لَكَ ، فَيَكُونَ ذَلِكَ بِي مُقَصِّراً فِي الدَّرَجَاتِ إِنْ سَامَحَنِي ، وَ مُوجِباً لِشَدِيدِ الْعِقَابِ عَلَيَّ إِنْ نَاقَشَنِي ، إِلَّا أَنْ يَتَدَارَكَنِي مَوَالِيَّ بِشَفَاعَتِهِمْ . وَ أَمَّا بُكَائِي عَلَيْكَ ، فَلِعِظَمِ كَذِبِكَ فِي تَسْمِيَتِي بِغَيْرِ اسْمِي ، وَ شَفَقَتِي الشَّدِيدَةِ عَلَيْكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ إِنْ صَرَفْتَ أَشْرَفَ الْأَسْمَاءِ إِلَيَّ ، وَ إِنْ جَعَلْتَهُ مِنْ أَرْذَلِهَا ، كَيْفَ يَصْبِرُ بَدَنُكَ عَلَى عَذَابِ كَلِمَتِكَ هَذِهِ ؟! فَقَالَ الصَّادِقُ ( عليه السَّلام ) : " لَوْ أَنَّ عَلَى عَمَّارٍ مِنَ الذُّنُوبِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ لَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، وَ إِنَّهَا لَتَزِيدُ فِي حَسَنَاتِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى يُجْعَلَ كُلُّ خَرْدَلَةٍ مِنْهَا أَعْظَمَ مِنَ الدُّنْيَا أَلْفَ مَرَّةٍ