logo-img
السیاسات و الشروط
( 29 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

السعادة

ما هي نظرة الانسان عن السعادة ؟


إن كل إنسان يطلب السعادة وينشدها وقد اختلفت أنظار الناس فيها فبعضهم يرى السعادة في جمع المال وبعضهم يرى السعادة في صحة البدن وراحته وبعضهم يرى السعادة في البيت الواسع والزوجة الحسناء وبعضهم يرى السعادة في الأمن والاستقرار والاخر يراها في الرزق الحلال والعلم النافع وبعضهم في الإيمان الصادق والعمل الصالح ولا مانع من دخول كل ما ذكر في مفهوم السعادة ولكن السعادة تنقسم إلى قسمين: فهناك سعادة دنيوية مؤقتة بعمر قصير محدود، وسعادة أخروية دائمة لا انقطاع لها، وأن سعادة الدنيا مقرونة بسعادة الآخرة وأن السعادة الكاملة للمؤمنين المتقين في الدنيا والآخرة والدليل على ذلك قول الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، والحياة الطيبة في الدنيا راحة القلب وطمأنينة النفس والقناعة برزق الله وإدراك لذة العبادة والجزاء الحسن في جنات النعيم في الآخرة والخلود فيها بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. نعم، فالسعادة ليست في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست في طلب المنصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز). نعم فالسعادة ليست في مال يجمعه الإنسان وإلا لسعد قارون، وليست في طلب المنصب ولو كانت كذلك لسعد هامان وزير فرعون، وليست في متعة دنيوية ما تلبث أن تنقضي بل السعادة الحقيقية في طاعة الله، والبعد عن معصيته التي هي سبب في الفوز الأبدي (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَاز). السعادة هي أن يسير الإنسان في هذه الدار على الصراط المستقيم، وأن يتبع الرسول الكريم(ص) وأن يتقي الله ويراقبه في السر والعلانية والغيب والشهادة، فبذلك يفوز الإنسان ويسعد.. ولست أرى السعادة جمع مال .. ولكن التقي هو السعــــــــــــيد والقليل من الناس فقط هم الذين عرفوا حقيقة السعادة فعملوا من أجلها وجعلوا مقامهم في الدنيا معبراً للآخرة ولم تلههم الدنيا وزينتها عن الآخرة، وإن من أراد أن يحقق السعادة في حياته فليلتزم بالأسباب التي من قام بها حصلت له السعادة والحياة الطيبة في دنياه وأخراه. ولو نظرنا الى السعادة من زاوية لوجدناها في استعداد النفس للحياة وتقبلها بسرائها وضرائها والانتصار عليها والعمل الدؤوب الدائم حتى يلقى الإنسان الله وهو راض عنه. وهناك أركان للسعادة وهذه الأركان قد تكون معنوية أو مادية، نتحدث أولاً عن الأمور المعنوية والتي منها طيب النفس من النعيم، فإذا كان الإنسان خبيث النفس فإنه لن يجد طعم السعادة أبدا فلا بد أن يكون الإنسان طيب النفس، ومعنى طيب النفس مستمعتي هو أن يكون متساهلاً متسامحاً محباً متجاهلاً عن أخطاء إخوانه مترفعا عن زلاتهم لا يحمل في نفسه حقداً عليهم أو كراهية لهم وهو بذلك يكن جميل النفس, والإنسان طيب النفس تكن الحياة له جميلة، ففي جمال النفس يكون كل شيء جميلاً إذ تُلقي النفس عليه من ألوانها فتنقلب الدار الصغيرة قصراً في سعة النفس لا في مساحتها؛ وتعرف لنور النهار عذوبةً كعذوبة الماء على الظمأ؛ ويظهر الليل كأنه معرض جواهرَ أُقيم للحور العين في السموات؛ ويبدو الفجر بألوانه وأنواره ونسماته كأنه جنة سابحة في الهواء؛ وفي جمال النفس ترى الجمال ضرورة من ضرورات الخليقة، ومن الأمور المعنوية الأخرى أخواتي الأمن والأمان، فالإنسان لو كان يملك ما يملك ولكنه لا يأمن على نفسه ولا على ماله وأولاده فإنه يعيش حالة تخرجه من دائرة السعادة إلى دائرة القلق وما أصعب هذه الحياة وما أقساها. أيضا من الأمور الأخرى الرضا بالقضاء والقدر: " فمن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له". أما الأمور المادية مستمعتي فمنها الصحة؛ فالمريض بالطبع مستمعتي لا يعرف السعادة ولا يذق طعمها وكم من غني تمنى أن يأكل طعام الفقراء أو يشرب كأس ماء أو يتناول الحلوى ولكنه ممنوع من ذلك كله فماذا ينفعه المال وقتئذ. يجب أن نعرف أنّ السعادة تكون في إزالة التوتر الداخلي والخارجي للفرد إذا اعتبرنا أن مجمل علاقات الإنسان تكون في اتجاهات ثلاث: علاقة الإنسان بخالقه، وعلاقة الإنسان بنفسه، وعلاقة الإنسان مع المحيط الذي يعيش فيه، فإن السعادة أيتها الاخوات تكمن في حل هذه المعادلات الثلاث وإيصالها إلى درجة التوازن؛ والتعاسة تصل إلى الإنسان من خلال اضطراب في إحدى هذه المعادلات الثلاث، لذلك مستمعتي جاء الإسلام ليحل هذه المعادلات الثلاث من خلال إزالة الاضطراب فيها ليحقق طمأنينة الداخل أما طمأنينة الداخل مستمعتي فإنّ علاقة الإنسان بربه تنطوي على أن يكون أكثر قرباً من خالقه وكلما كان الإنسان قريباً من خالقه كان سعيداً حتى قالوا إنّ العاصي إنسان متعب جداً لأنه يسير في عكس الكون كله فالسموات والأرض علاقتها مع خالقها علاقة طاعة؛ وهو علاقته مع ربه علاقة معصية قال تعالى:(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين). وأما علاقة الإنسان بنفسه فلا بد أن يجد الإنسان نفسه ويتصالح معها؛ فمن أهم أسباب التعاسة أن الإنسان لا يجد نفسه ولا يعرف أين موقعه في المجتمع ومن هو وما هي مكانته وماذا يستطيع أن يقدم، حتى ولو كانت مكانته بسيطة وأعماله قليلة في ظن الناس لكنه وجد نفسه. وأما علاقة الإنسان بمن حوله ايتها المستمعات فيجب ان تكون منضبطة بضوابط الذوق الرفيع والأدب الجمّ فالأشخاص الذي يعيشون في حالة فوضى في علاقاتهم هم في شقاء وتعب وجهد ونصب يكابدون ما يكابدون لأنّ علاقاتهم غير متوازنة وغير منضبطة؛ فعلاقاتهم قائمة على الأنانية والحسد والظن السيئ والتآمر والترصد كل ذلك مستمعتي يجعل الإنسان غير سعيد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج وهج الأمل- الحلقة الرابعة- الدورة البرامجية 44.

2