... ( 23 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

القران الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قال تعالى خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُورِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ لماذا خلق الله الانسان من عجل ثم أمره بعدم الاستعجال "فلا تستعجلون" اذا كان تفسيري للاية الكريمة خطأ ارشدوني يرحمكم الله


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا تشير الآية المباركة إلى أمر من الاُمور القبيحة لدى الإنسان ، فتقول: (خلق الإنسان من عجل). وبالرغم من إختلاف المفسّرين في تفسير كلمتي (إنسان) و (عجل)، ولكن من المعلوم أنّ المراد من الإنسان هنا نوع الإنسان - طبعاً الإنسان المتحلّل والخارج عن هداية القادة الإلهيين وحكومتهم - والمراد من "عجل" هي العجلة والتعجيل، كما تشهد الآيات التالية على هذا المعنى، وكما نقرأ في مكان آخر من القرآن: (وكان الإنسان عجولا). إنّ تعبير (خلق الإنسان من عجل) في الحقيقة نوع من التأكيد، أي إنّ الإنسان عجول إلى درجة كأنّه خلق من العجلة، وتشكّلت أنسجته ووجوده منها! وفي الواقع، فإنّ كثيراً من البشر العاديين هم على هذه الشاكلة، فهم عجولون في الخير وفي الشرّ، وحتّى حين يقال لهم: إذا ارتكبتم المعاصي وكفرتم سيأخذكم العذاب الإلهي، فإنّهم يقولون: فلماذا لا يأتي هذا العذاب أسرع؟! وتضيف الآية في النهاية: (سأريكم آياتي فلا تستعجلون). التعبير ب- (آياتي) هنا يمكن أن يكون إشارة إلى آيات العذاب وعلاماته والبلاء الذي كان يهدّد به النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مخالفيه، ولكن هؤلاء الحمقى كانوا يقولون مراراً: فأين تلك الإبتلاءات والمصائب التي تخوّفنا بها؟ فالقرآن الكريم يقول: لا تعجلوا فلا يمضي زمن طويل حتّى تحيط بكم. وقد يكون إشارة إلى المعجزات التي تؤيّد صدق نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي إنّكم لو صبرتم قليلا فستظهر لكم معجزات كافية. ولا منافاة بين هذين التّفسيرين، لأنّ المشركين كانوا عجولين في كليهما، وقد أراهم الله كليهما، وإن كان التّفسير الأوّل يبدو هو الأقرب والأنسب مع الآيات التالية. ثمّ يشير القرآن إلى إحدى مطالب اُولئك المستعجلين فيقول: (ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) فهؤلاء كانوا ينتظرون قيام القيامة بفارغ الصبر، وهم غافلون عن أنّ قيام القيامة يعني تعاستهم وشقاءهم المرير، ولكن ماذا يمكن فعله؟ فإنّ الإنسان العجول يعجّل حتّى في قضيّة تعاسته وفنائه؟ والتعبير بـ(إن كنتم صادقين) بصيغة الجمع مع أنّ المخاطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، من أجل أنّهم أشركوا أنصاره وأتباعه الحقيقيّين في الخطاب، فكأنّهم أرادوا أن يقولوا: إنّ عدم قيام القيامة دليل على أنّكم كاذبون جميعاً. وتجيبهم الآية التالية فتقول: (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفّون عن وجوههم النّار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون). إنّ التعبير ب- "الوجوه" و "الظهور" في الآية محلّ البحث إشارة إلى أنّ جهنّم ليست ناراً تحرقهم من جهة واحدة، بل إنّ وجوه هؤلاء وظهورهم في النّار، فكأنّهم غرقوا ودفنوا في وسط النّار! وجملة (ولا هم ينصرون) إشارة إلى أنّ هذه الأصنام التي يظنّون أنّها ستكون شفيعة لهم وناصرة، لا تقدر على أي شيء. ممّا يلفت النظر أنّ العقوبة الإلهيّة لا يعيّن وقتها دائماً (بل تأتيهم بغتةً فتبهتهم فلا يستطيعون ردّها) وحتّى إذا استمهلوا، وطلبوا التأخير على خلاف ما كانوا يستعجلون به إلى الآن، فلا يجابون (ولا هم ينظرون). وبملاحظة الآيات آنفك الذكر يُثار هذا السؤال، وهو: إذا كان الإنسان عجولا بطبيعته، فلماذا ينهى الله - سبحانه عن العجلة ويقول: (فلا تستعجلون)؟ أليس هذا تناقضاً بين الإثنين؟ ونقول في الجواب: إنّنا إذا لاحظنا أصل إختيار وحرية إرادة الإنسان، وكون صفاته ومعنوياته وخصائصه الأخلاقيّة قابلة للتغيير، فسيتّضح أن لا تضادّ في الأمر، حيث يمكن تغيير هذه الحالة بالتربية وتزكية النفس. منقول بتصرف دمتم في رعاية الله