يوسف ( 26 سنة ) - العراق
منذ سنتين

لا يمكن رؤية الله تعالى

التوحيد: ابن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن إسحاق (1) قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما فيه الناس. فكتب: لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء وعدم الضياء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية، وكان في ذلك الاشتباه لان الرائي متي ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه، وكان في ذلك التشبيه، لان الأسباب لابد من اتصالها بالمسببات.


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم اخي الكريم في تطبيقكم المجيب هذه الرواية من الروايات المستفيضة في نفي رؤية الله تعالى رؤية بصرية وانه لا يمكن رؤيته بهذه العين لا في الدنيا ولا في الاخرة، وتبيّن الرواية الشريفة تحليلا علميا في امتناع الرؤية وحاصل كلامه عليه السلام : انه لا يمكن رؤية الله تعالى اذ لو كان مرئيا للزم ان يكون بينه وبين الرائي هواء وضياء لانهما من شرائط تحقق الرؤية لا يمكن ان يكون بين الرائي والباري تعالى هواء وضياء لانه لو كان بينهما ذلك للزم ان يكون الباري مشابها للرائي في صفاته الجسمية وذلك لان الرائي والمرئي لابد ان يتحدا بسبب الرؤية وسبب الرؤية ان كلا منهما لابد ان يكون في جهة ويشغل حيزا وبينهما هواء وضياء، وهذا لا يكون بين الرائي والباري تعالى إذ لو كان الباري مثل الرائي ويشبه الرائي في هذه الصفات فيلزم ان يكون الباري جسما حتى يمكن للرائي ان يراه فالقول بالرؤية ينتهي الى القول بان الله تعالى يشبه الرائي في الجسمية والباري تعالى منزه عن الجسمية والشبيه عقلا ونقلا فالله تعالى ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))(الشورى:11). ونفي رؤية الله تعالى بالعين المجردة مما وردت فيه الروايات المستفيضة واذا سمح جنابكم انقل لكم رواية واحدة في هذا المعنى: ورد باسناده عن عبد الله بن سِنان ، عن أبيه ، قال : حضرتُ أبا جعفر ( عليه السلام ) فدَخَلَ عليه رجلٌ من الخوارج ، فقال له : يا أبا جعفر أيّ شيء تَعبُدُ ؟ قال : " الله تعالى " . قال : رأيتَه ؟ قال : " بل لم تَرَهُ العيونُ بمشاهَدَة الأبصارِ ، ولكن رأتْه القلوبُ بحقائق الإيمان ، لا يُعْرَفُ بالقياس ، ولا يُدْرَكُ بالحواسِّ ، ولا يُشَبَّهُ بالناس ، موصوفٌ بالآيات ، معروفٌ بالعلامات ، لا يَجورُ في حُكمه ؛ ذلك اللهُ ، لا إلهَ إلاّ هو " . قال : فخرج الرجلُ وهو يقول : الله أعلمُ حيثُ يَجعلُ رسالتَه . ملاحظة أخيرة نستفيدها من هذه الرواية انها لم تنفي الرؤية القلبية فيمكن ان نرى الله ولكن لا بالعين بل بالقلب وهو ما يجده المؤمن في قلبه من حضور الله تعالى وانه بين يدي الله في كل حين فالايمان الذي يحمله الانسان يرى به الله تعالى ويجد الباري حاضرا دوما معه بل ما يجده المؤمن في حضور الباري في القلب اشد حضورا من رؤية انسان امام العين فان الحاضر امام العين اذا صرفت عينيك عن جهته لا تراه ولكن الايمان الحقيقي يرى الله تعالى في كل مكان وفي كل زمان يجده حاضرا في قلبه لا يغفل عنه في كل حياته ويشير الى هذا المعنى ما ورد في بعض الاخبار ((ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن)). تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته

2