القدوة السيئة
ما هي مخاطر اتباع القدوة السيئة على الابناء ؟
إن من المظاهر التي باتت تعصف بالمجتمعات اليوم وبمختلف أجناسها وأنواعها هي القدوة السيئة والذي هو يكون ذا تأثير كبير على من يقتدي به؛ فمثلاً نجد أن بعض الصبيان والشباب يتخذون اللاعب أو الفنان رمزاً يقتدون به وكذلك الأطفال يتخذون من ألفاظ الكرتون وشخصياته رموزاً لهم مما يخلق من هذا وذاك قدوة لهم يحذون حذوها، ولا فرق في تأثيره عليهم بالفئات العمرية المختلفة حيث نجد صورهم تملأ جدران غرف أبناؤنا وملابسهم حتى أصبح الأطفال والشباب يعجبهم أن يقلدونهم حتى في طريقة حياتهم مثل مأكلهم وملبسهم وقصات شعرهم والأدهى من ذلك كله أنهم يكونون شديدي الاندفاع لمن يحاول أن ينتقص منهم وكأنهم يدافعون عن أحد أفراد أسرتهم مثلاً ونرى أنهم يتابعون أخبارهم وأحوالهم وكل هذا نجد أن هنالك الكثير من الأهل الذين لا يلتفتون الى أهمية الموقف بل يشجعونهم على ذلك ومنهم من يشتري لهم مثل هذه الملابس والصور وغيرها بل ونراها في أغلب المحال التجارية وتلاحقهم هذه الصور والشخصيات حتى على الدفاتر المدرسية والحقائب وباقي القرطاسية الدراسية وكأنهم لا يريدون أن يفارقوهم حتى في المدرسة. نحن أخواتي لا نريد أن نكون متزمتين أكثر من اللازم في تربية أبنائنا بل أننا دائماً نسعى إلى خلق اجواء الود والتفاهم فيما بين أطفالنا وبيننا لأنها بالتأكيد الأفضل لنا ولهم وهنا نريد حالة من التعقل في التعامل مع هذه الظاهرة وقتما نشخصها ونراها أنها تجاوزت الحد المعقول فلا نمنعهم بشكل تعصبي ونفرض عليهم رأينا ونكرر عليهم بأننا نعرف مصلحتكم، وإن كانت هذه هي الحقيقة لكن الأطفال وحتى الذين هم أكبر من عمر الطفولة كالمراهقين مثلاً غالباً ما يرون منع الأهل عن أمر ما هو تحكم في رغباتهم ولا يتفهمون أن هذا من أجلهم ومن أجل سلامة مستقبلهم فأننا إذا لم نبدأ معهم بشكل ودي وتدريجي قد يفعلوا ما يريدون دون علمنا بل المطلوب هنا هو الجلوس معهم والتحاور بلطف وهدوء تام وأن نجعلهم يجدوا في الأب والأم قدوة أفضل من الذين يقلدونهم من خلال تصرفاتنا وصداقتنا مع أبنائنا وأن نوسع فهمهم وإدراكهم بأن هؤلاء الذين تتبعون إسلوبهم في الحياة وفي التعامل هم ليسوا القدوة الحسنة التي ينبغي عليكم تقليدها والاقتداء بها وأن نقول لهم أن كنتم يا أبنائنا وبناتنا تلاحظون شهرتهم فليس لأنهم ناجحين فإن الأغلب منهم يخفي أسرار عن حياته تنفر كل الناس ولكنها تكون غير ظاهرة لكل الناس لأن هنالك من ينتفع من شهرتهم هذه فالملابس التي ترسم عليها صورهم مثلا تباع بشكل اكثر من غيرها وهذه منفعة للشركات التي تعمل على ذلك أيضاً متابعة بعض القنوات واستعراض مسابقاتهم وفنونهم ما هي إلا تجارة مخفية تستقطب الناس بشكل غير مرئي فبالتالي هم يكونون هؤلاء المشاهير مصادر ربح مادي للكثير من المؤسسات ولذلك هم يقوموا بتمجيدهم وزيادة استقطاب الناس والشباب والأطفال دون استثناء أما لو تكلمنا عن استنفار أوقات الشباب وصرف اهتمامهم بأمور لا تنفعهم في الدنيا ولا الآخرة لكان الحديث طويل جداً قد لا تتسع له حلقة واحدة وله نواحي عديدة. خلاصة كل هذا الكلام هي أننا يجب أن نعلم أن أبناء الدول الأخرى وبالذات الغربية منها لا نجدهم يمجدون مثل هؤلاء كتمجيدهم للعلماء والمثقفين ولا يعتبرون متابعتهم لمثل هؤلاء إلا تسلية في أوقات بسيطة من أوقات الفراغ التي لديهم وحين نسأل عن أسباب ذلك نجد أن شبان تلك الدول منشغلون بالأنشطة الاجتماعية والعلمية ولا يهتم بمثل هذه الشريحة من المشاهير إلا الذين هم بمعزل عن الحياة الحقيقة وفاقدي الهدف من حياتهم. والواقع أننا اليوم وفي ما نعيشه في حياتنا اليومية من أحداث وضغوطات في أمس الحاجة الى مساهمة شبابنا فيها لأنهم شريحة مهمة في المجتمع وهم عماد المستقبل وعلى يديهم نتمنى تحقيق التغيير والنجاح فبدلاً من أن يتفرغ الشاب والشابة لمتابعة البرنامج الفلاني أو المباراة الفلانية عليه أن يخصص جزء من أوقاته لمساعدة الناس والفقراء ويتطوع لفعل الخير فيدخل على الناس السرور وله أجر في الدنيا والآخرة لما ينفع به العباد والبلاد. إن اهتمام الأم بميول ابنتها أمر مهم والتفات الأب الى رغبات أولاده أيضاً مهم ونتمنى لو نعود نربي بناتنا كيف تكون أماً صالحة وتتعلم مهارات البيت دون أن تهمل دراستها وكذلك لا بأس من أن يتعلم الولد حرفة يمارسها بمساعدة الأهل فينفع بها نفسه وينفع الناس أيضاً، ومن الضروري أن نفسح المجال منذ الصغر لأبنائنا وبناتنا بممارسة هوايات ذات منفعة لهم ولا بأس من أن تكون لديهم أوقات ترفيه ولكن لا أن يكون على حساب عقلهم وتفاعلهم مع ما يدور من حولهم. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المصدر: برنامج المفاتيح البيضاء- الحلقة الثانية -الدورة البرامجية54.