( 18 سنة ) - العراق
منذ سنتين

التوفيق في الحياة

ماهي أسرار التوفيق في الحياة عند اهل البيت عليهم السلام ؟


بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نحو قرب من الله أكثر قال الإمام الصادق (عليه السلام): أملوا أوّل صحائفكم خيراً وآخرها خيراً ، يغفر لكم ما بينهماً.. بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل الفرج لوليّك القائم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ::: الإنسان في حياته إنّما هو في رحلة وسفر ، يحاول أن يكون موفّقاً في عمله ، وناجحاً في اُسرته ومجتمعه ، ولكن على المرء أن يسعى ليكون من أهل الخير حتّى تتاح له الظروف وتتهيّأ له الأسباب ويكون موفّقاً وناجحاً. ::: مع هذا هناك أسباب عامّة اتّفق عليه العقلاء أنّ من التزم بها ، مع حقّ المراعاة ، فإنّه يتوفّق في الحياة ، منها أغتنام الوقت والفرصة ::: جاء الإسلام ليكوّن للمسلم حياة سعيدة ، فدعاه إلى النشاط والحيوية والفرح المعقول ، ونهاه عن التضجّر والكسل والحزن المذموم ، الذي يُعدّ من وساوس الشيطان وتسويلاته ، وأمره أن يغتنم الفرص وينتهزها ، كما يغتنم خمساً قبل خمس ، كما ورد في الحديث النبويّ الشريف لأبي ذرّ الغفاري ، فقال (صلى الله عليه وآله) : « يا أبا ذرّ ، اغتنم خمساً قبل خمس : اغتنم شبابك قبل هرمك ، وفراغك قبل شغلك ، وصحّتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل مماتك ». ::: وأمّا اغتنام الفرصة ، فقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « انتهزوا فُرص الخير فإنّها تمرّ مرّ السحاب ». « الفرصة تمرّ مرّ السحاب ، فانتهزوا فرص الخير ». « الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود ». « الفرصة خلسة ». « الفرصة غُنم ». « أ يّها الناس ، الآن الآن من قبل الندم ، ومن قبل أن تقول نفس : يا حسرتي على ما فرّطت في جنب الله ، وإن كنت لمن الساخرين ، أو تقول : لو أنّ الله هداني لكنت من المتّقين ، أو تقول حين ترى العذاب : لو أنّ لي كرّة فأكون من المحسنين ». ::: قال الإمام الحسين (عليه السلام) : « يا ابن آدم ، إنّك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن اُمّك ، فخذ ممّـا في يديك لما بين يديك ، فإنّ المؤمن يتزوّد ، والكافر يتمتّع ». « الأمس موعظة ، اليوم غنيمة ، وغداً لا تدري ». ::: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « كن على عمرك أشحّ منك على درهمك ودينارك ». « إنّ العمر محدود لن يتجاوز أحد ما قدّر له ، فبادروا قبل نفاد الأجل ». ::: وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « لو اعتبرت بما أضعت من ماضي عمرك لحفظت ما بقي ». « إنّ المغبون من غبن عمره ، وإنّ المغبوط من أنفذ عمره في طاعة ربّه ». « إنّ ماضي عمرك أجل ، وآتيه أمل ، والوقت عمل ». « إنّ ماضي يومك منتقل ، وباقيه متمّ ، فاغتنم وقتك بالعمل ». « إنّ الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما ، ويأخذان منك فخذ منهما ». « ما أسرع الساعات في اليوم ، وأسرع الأيام في الشهر ، وأسرع الشهور في السنة ، وأسرع السنين في العمر ! ». « رحم الله امرءاً علم أنّ نفسه خُطاه إلى أجله ، فبادر عمله ، وقصّر أمله ». « إعمل لكلّ يوم بما فيه ترشد ». ::: فمن كان يرى حياته وعمره هكذا ، وينظر بهذه الرؤية الإلهية ، كيف لا يستغلّ دقائق عمره ، ولم يغتنم فرص حياته ؟ ! ولا يجعلها غصّة بضياعها ، فإنّ إضاعة الفرصة غصّة ، فإنّها تمرّ كما تمرّ سحاب الربيع ، فهي سريعة الزوال وإن كان يتصوّرها الناظر كثيرة وفيها المطر الغزير ، فتدبّر فما أروع هذا التمثيل في لسان الروايات الشريفة. ::: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « بادر الفرصة قبل أن تكون غصّة ». ::: قال الإمام الباقر (عليه السلام) : « بادر بانتهاز البغية عند إمكان الفرصة ، ولا إمكان كالأيام الخالية مع صحّة الأبدان ». ::: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « والله ما يساوي ما مضى من دنياكم هذه بأهداب بُردي هذا ( الأهداب جمع هدب وهو خمل الثوب وطرّته ) ، ولما بقي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء ، وكلّ إلى لقاء وشيك وزوال قريب ، فبادروا العمل وأنتم في مهل الأنفاس ، وجدّة الأحلاس ( الأحلاس جمع حلس : ما يوضع على ظهر الدابّة تحت السرج ) ، قبل أن تأخذوا بالكَظَم ( مخرج النفس ) فلا ينفع الندم ». « من فتح له باب من الخير ، فلينتهز ، فإنّه لا يدري متى يغلق عنه ». ::: قال الإمام الصادق (عليه السلام) : « ترك الفرص غصص ». « من انتظر بمعاجلة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء سلبته الأيام فرصته ، لأنّ من شأن الأيام السلب ، وسبيل الزمن الفوت ». ::: ما أروع هذه الكلمة الحكمية التي تخبرك عن واقع الأيام والزمان ، فمن الناس ، من لم يغتنم الفرصة المتاحة له في عمل من الأعمال ، فلا يعجل في الاستفادة منها ، بل يؤجّل العمل ويؤخّر الفرصة على أمل أن يستقصي أطراف العمل كلّه ، مثلا لو اُتيحت له الفرصة بأن يتزوّج ولو ببناء عشّ ذهبيّ متواضع ، تجده لا يقدم ويدّعي أ نّه لا بدّ لي من قصر فخم وسيارة آخر موديل وعمل تجاري ناجح وأثاث منزلية رائعة حتّى يتزوّج ، فمثل هذا الشخص تسلبه الأيام تلك الفرصة ، لأنّ من شأن الأيام السلب ، وطريقة الزمن الفوت. ::: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « من أخّر الفرصة عن وقتها ، فليكن على ثقة من فوتها ». « إذا أمكنت الفرصة فانتهزها ، فإنّ إضاعة الفرصة غصّة ». « أشدّ الغصص فوت الفرص ». « أفضل الرأي ما لم يفت الفرص ، ولم يوجب الغصص ». « من ناهز الفرصة أمن الغصّة ». « الصبر على المضض يؤدّي إلى إصابة الفرصة ». « الاُمور مرهونة بأوقاتها ». « من الخُرق ـ أي الحماقة ـ المعاجلة قبل الإمكان ، والإناءة بعد الفرصة ». ::: نتيجة الأحاديث الشريفة : أنّ العاقل من يستغلّ الفرص ويبادر إليها ، وذلك بعد التمكّن ، فلا يعجل قبل الإمكان ، فإنّه من مصاديق العجلة من الشيطان ، بل عليه أن ينتظر ، وبمجرّد أن تتاح له الفرصة فلا يتأنّى ، كلاعب كرّة القدم فإنّه يتحيّن وينتظر الفرصة ، حتّى يهجم على مرمى الحارس ، ويسجّل هدفاً ، ومثل هذا يعدّ لاعباً ناجحاً وموفّقاً. ::: فالمسلم يبادر إلى الفرصة ، ويعمل ولا يقضي حياته بالبطالة والفراغ. ::: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « إنّ الله يُبغض الصحيح الفارغ لا في شغل الدنيا ولا في شغل الآخرة ». ::: وقال الإمام الكاظم (عليه السلام) : « إنّ الله ليبغض العبد النوّام ـ أي الذي ينام كثيراً ـ إنّ الله ليبغض العبد الفارغ ». ::: وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إن يكن الشغل مجهدة ، فاتّصال الفراغ مفسدة ». ::: وفي أدعية الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ورد عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) : « واشغل قلوبنا بذكرك عن كلّ ذكر ، وألسنتنا بشكرك عن كلّ شكر ، وجوارحنا بطاعتك من كلّ طاعة ، فإن قدّرت لنا فراغاً من شغل ، فاجعله فراغ سلامة لا تدركنا فيه تبعة ولا تحلقنا فيه سأمة ، حتّى ينصرف عنّا كتاب السيئات بصحيفة خالية من ذكرِ سيّئاتنا ، ويتولّى كتّاب الحسنات عنّا مسرورين ». ::: وقال في دعاء مكارم الأخلاق : « اللهمّ صلّ على محمد وآله ، واكفني ما يشغلني الاهتمام به ، واستعملني بما تسألني غداً عنه ، واستفرغ أيّامي فيما خلقتني له ». « وارزقني صحّة في عبادة ، وفراغاً في زهادة ». « وأذقني طعم الفراغ لما تحبّ بسعة من سعتك ، والاجتهاد فيما يزلف لديك وعندك ، وأتحفني بتحفة من تحفاتك ، واجعل تجارتي رابحة ، وكرّتي غير خاسرة ، وأخفني مقامك ، وشوّقني لقاءك ». ::: ونتيجة الأحاديث الشريفة : إنّ الفراغ للمؤمن مذموم ، إلاّ إذا كان في طاعة الله من التفكّر والتأمّل والتدبّر في خلق الله ، فإنّ المؤمن يحتاج إلى مثل هذه الساعة في حياته ، كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : « ما أحقّ الإنسان أن تكون له ساعة لا يشغله عنها شاغل ». ::: فيخلو بنفسه وربّه لمحاسبة النفس ومناجاة الربّ عزّ وجلّ ، فتدبّر. ::: قال الله سبحانه وتعالى مخاطباً نبيّه الأكرم (صلى الله عليه وآله) : ( فَإذا فَرَغْتَ فانْصَبْ وَإلى رَبِّكَ فَارْغَبْ ). ::: وفـّـق الله جميع السالكين في طريق الحق وسعادة الدنيا والاخرة ، دمتم برعاية الله وحفظه.

1