( 29 سنة ) - العراق
منذ سنتين

قيمة إحسان الظنّ بالآخرين*

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما هي قيمة إحسان الظنّ بالآخرين؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته دعا الإسلام الفرد المسلم إلى إحسان الظنّ بالناس جميعاً؛ إذ إنَّ المطَّلع الوحيد على البواطن هو الله سبحانه وتعالى فقط، وهو يتولى السرائر ويُحيط بها، ولإحسان الظنّ بالناس منزلة عالية في الإسلام لما له من نشر التحابب بين الناس، ودفع العدواة والبغضاء فيما بينهم، كما أنّ إحسان الظنّ بالناس من الأخلاق النبيلة التي لا يتَّصف بها إلّا مؤمنٌ معلوم الإيمان. يحتل حسن الظنّ بالناس أهميةً مميزةً في الإسلام؛ لذلك حثّ عليه الإسلام ودعا له في العديد من الآيات والأحاديث النبوية كما يؤدي حسن الظنّ إلى سلامة الصدر من الأحقاد والأضغان، ويدعو إلى حب الناس وتدعيم روابط المحبة والألفة بين أفراد المجتمعات المسلمة، يقول النبي ( صلى الله عليه وآله): "شرّ الناس الظانون، وشرّ الظانين المتجسسون، وشرّ المتجسسين القوالون، وشرّ القوالين الهتاكون". (النوري،مستدرك الوسائل:ج٩،ص١٤٧). إذا تمثَّل المجتمع المسلم خلق حسن الظنّ بالناس حتى يصبح ظاهرةً عامةً فيه، فإنّ أعداء المسلمين سيعجزون عن النيل منهم، وستفشل كل محاولاتهم لذلك؛ إذ إنّ القلوب التي يكون أساسها مبنياً على إحسان الظنّ ببعضها تكون متآلفةً صافية، ولا يستطيع أحدٌ الولوج إليها وتعكير صفوها، كما أنّ مثل تلك المجتمعات تصبح أبعد ما يكون عن المنكرات والظنّ السيّئ يؤدي بصاحبه للمهالك ويورده الموارد الصعبة التي توصله إلى غضب الله وسخطه بعد أن يتتبع عورات الناس ويبحث عن زلاتهم وسقطاتهم. يزرع سوء الظنّ التنازع بين المسلمين، ويقطع عنهم حبال الأخوة والمودّة، وقد حذَّر الله سبحانه وتعالى من الظنّ وسوئه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.(الحجرات:آية١٢). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "أحسنوا ظنونكم بإخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب". (المجلسي،بحار الأنوار:ج٧٢،ص١٩٦)، فهذا الحديث يُظهر أنّ حسن الظنّ يرجع إلى ما يحوي قلب المؤمن من صفاء ، فهو ترجمة فعلية لها على أرض الواقع. ينبغي على المسلم حتى يصل إلى مرتبة إحسان الظنّ بالناس أن يقوم ببعض الأمور والوسائل المعينة على ذلك، ويسعى إليها بالعمل لا بالقول، فإنّ الإيمان يؤخذ بالأفعال لا بالأقوال، ومن بين الأمور المعينة على بلوغ درجة إحسان الظنّ بالناس: - أن يُنزل المسلم نفسه منزلة الخير، ويسعى لذلك بكلّه، ويتوجه إليه بأفعاله وأقواله ومعاملاته. - أن يحمل المسلم ما يسمعه من الكلام الصادر عن جميع الناس على أحسن المحامل وأفضلها، فلا يعتقد أو يظنّ في كلامهم شرّاً، ولا ينظر إلى أقوالهم وتصرفاتهم نظرة ريبةٍ وشك. -التماس العذر للناس خصوصاً الأقارب والأصدقاء والمعارف، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اطلب لأخيك عذراً فإن لم تجد له عذراً فالتمس له عذراً".(المجلسي،بحار الأنوار:ج٦٥،ص٢٠٠). - عدم الحكم على النوايا؛ لأنّ النوايا لا يعلم حقيقتها إلّا الله. أن يستحضر المسلم في قلبه وعقله آفات ومصائب سوء الظنّ بالناس وعدم تزكية نفسه بالشك بهم، رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) أنّه قال: "لا إِيمـانَ مَعَ سُوءِ ظَنِّ ".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج٢،ص١٧٨٦). وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "إِيّاكُم وَالظّنُّ؛ فَاِنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الكِذبِ ".(الريشهري،ميزان الحكمة:ج٢،ص١٧٨٥). ودمتم بخير.

1