تقوم الأُسرة بدور هام في عملية التنشئة الاجتماعية، وذلك لكونها المحيط الأول الذي ينشأ فيه الطفل ويقضي فيه معظم أوقاته، فعن طريق الأُسرة يبدأ الطفل بتكوين علاقاته الاجتماعية داخل نطاق الأُسرة مع إخوانه وأخواته، وهنا تحدث عملية التنشئة الاجتماعية للطفل، وفي الأسرة يكون كل من الأب والأم عاملين هامين ورئيسيين في مسألة التنشئة وغرس القيم والسلوكيات الإيجابية في حياة الطفل، وتعتمد التنشئة الاجتماعية داخل الأُسرة على عدة عوامل منها: المستوى التعليمي للأبوين، المستوى الاقتصادي، والمستوى الاجتماعي، فجميع هذه العوامل تؤثر تأثيراً فاعلاً في التنشئة الاجتماعية إيجاباً أو سلباً،ومن أهم مسؤوليات الأُسرة إعداد الفرد نفسياً وجسمياً وعاطفياً واجتماعياً، وذلك بواسطة تغذيته بالأُسس السليمة للحياة، وتزويده بالمهارات والمواقف الأساسية التي يحتاجها، للتفاعل مع متطلبات ومحددات الثقافة المجتمعية، لكي يستطيع أن يتعايش في مجتمعه عن طريق كسب الاحترام الاجتماعي له، ومن هنا يبدأ فيه غرس الانتماء إلى بيئته الأوسع وإلى مجتمعه ووطنه من خلال الترابط بين ما اكتسبه في بيئته الأولى وهي الأُسرة وبين المكونات المجتمعية لهويته الدينية والثقافية والاجتماعية المرتبطة بوطنه، ومن ثٓمّٓ يبدأ في التكيّف السلس والسهل مع مسؤولياته الوطنية.
وليس من الصحيح أنّ الأُسرة تتّكل على المدرسة أو على المؤسسات التربوية الأخرى في توجيه أبناءها وغرس مقومات المواطنة الصالحة فيهم، فلا بدّ للأسرة من تخصيص الوقت الكافي لتنشئة الأبناء التنشئة الصالحة، لكي تتكامل في المجتمع مسؤوليات الأُسرة مع مسؤوليات ومؤسسات المجتمع التربوية الأخرى. ومن أهم المجالات التي ينبغي على الأُسرة التركيز عليها؛ لتعزيز تربية المواطنة الصالحة في أطفالها هي:
١- ربط الطفل بدينه، وتنشئته على التمسك بالقيم الإسلامية، والربط بينها وبين هويته الوطنية، وتوعيته بالمخزون الإسلامي في ثقافة الوطن باعتباره مكوناً أساسياً له.
٢-تأصيل حب الوطن والإنتماء له في نفوس أطفالنا منذ الصغر، ويتم ذلك من خلال تعزيز الشعور بشرف الانتماء للوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، والدعوة إلى إعداد النفس للعمل من أجل خدمة الوطن ودفع الضرر عنه، والحفاظ على ممتلكات الوطن ومكتسباته، والمشاركة الفاعلة في خطط تنميته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وحث الطفل على إحترام الأنظمة والقوانين التي تنظم شؤون بلده، وتحافظ على حقوق المواطنين وتسير شؤونهم، والتقيد والإلتزام بها،
٣-تربية الطفل على حبّ الآخرين والإحسان أليهم مهما كان أصله أو فكره أو معتقده، فضلاً عن تعزيز الوحدة الوطنية في نفوس الأطفال، واحترام كل فئات المجتمع بمختلف انتماءاتهم، ونبذ الفئوية والعرقية والطائفية الممقوتة،
مع التأكيد على الفرق بين الاختلاف المذهبي المحمود وبين التعصب الطائفي المذموم.
هذا وينبغي تنشئة الأبناء على العادات الإيجابية والسلوك المستقيم للمواطن الصالح المخلص لبلده، مثل:
احترام قواعد وأنظمة المرور، والحفاظ على الأمن والسلامة العامة للوطن، والدفاع عن ممتلكات ومكتسبات الوطن.
٤-تعريف الأبناء بالرموز الدّينية والوطنية الذين تفانوا في خدمة الوطن في الماضي والحاضر في المجالات العلمية والدّينية والاجتماعية وغيرها، وإشراكهم في الزيارات الاجتماعية التي يقوم بها الأهل لأفراد المجتمع بجميع فئاته؛ لتشجيعهم على مشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم.