logo-img
السیاسات و الشروط
علي العراقي ( 20 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

لماذا قام العباسيين بقتل من هم اقرب لهم نسباً

سؤالي هو عن الأئمة المقتولين في زمن العباسيين .. ..بما ان هارون الرشيد وابو جعفر المنصور والمأمون الذين جدهم العباس بن عبد المطلب وعم رسول الله .. كيف لهم ان يقتلوا احفاد رسول الله ؟؟؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا إنّ العباسيين قد إستعانوا بالشيعة للوصول إلى دفة الحكم، ولكن ما إن تسلموا مقاليد السلطة حتى نظروا إلى الشيعة نظرة ريبة، باعتبارهم المنافسين لهم على الخلافة ويشكلون مصدر خطر عليهم. ومن جهة أخرى فقد نظر الشيعة إلى العباسيين كمغتصبين للسلطة من أصحابها الشرعيين، وهكذا بدأ النزاع بينهم بسبب طول مدة الحكم العباسي وتنوع آراء خلفائها لم يكن الوضع الشيعي مستقراً، بل تباين من فترة إلى أخرى. ولكن ربما المشترك فيها هي أن الحكام العباسيين كانوا يعرفون مقام الأئمة الأطهارعليهم السلام ومكانتهم، ويحبونهم ويبجلونهم، ويعتبرونهم الأئمة الحق، فيُنقل عن هارون الرشيد بأنه قال لابنه المأمون: "إنه [أي: الإمام الكاظم] أحق بمقام رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم مني ومن الخلق جميعاً." ولكن بسبب حبهم لكرسي الحكم والخوف من فقدانه كانوا يقتلون ويسجنون الأئمة وأتباعهم، ويواجهونهم بأسوء الأفعال. وسنذكر لكم موجزا عن علاقة الحكام العباسيين مع الشيعة عموما والأئمة (عليهم السلام ) خصوصا : وقضى السفاح- أول خلفاء بني العباس - مدة خلافته في تتبع الأمويين والقضاء عليهم وعلى أتباعهم ولم يتعرض للشيعة، لأنّه كان بحاجة إليهم في محاربة الأمويين، ولكن المنصور كان أول من أحدث ثغرة الخلاف بين العباسيين والعلويين بعد أن كانا كتلة واحدة، فخيّم في ملك المنصور الرعب على الناس فلم يذوقوا حلاوة العيش في ظل سيفه المصلت فوق الرؤوس، إذ وضع على كل إنسان عيناً ورقيباً وخنق الأنفاس، واختطف النفوس،فلقد بذل قصارى جهده من أجل القضاء على ذرية الرسول صلی الله عليه وآله وسلم وأولاد الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام وقد أدى ذلك إلى تشرد العلويين وانتشارهم في البلاد واختفائهم في البراري والجبال، عدا الذين ظفر بهم وقضى عليهم.فلوحقت ذرية الإمام الحسن في المدينة، واعتقلت، وعُذبت، وسجنت، وقتلت.فكانت أشد الضغوط السياسية تمارس ضد الشيعة حيث لم يسمح لهم بالتعبير عن وجودهم، حتى أن أحدهم كان يمر على صاحبه فلا ينظر إليه. وكان الإمام الصادق ممن اصطدم _بشكل من الأشكال_ بمسألة الخلافة كقضية سياسية، فعاصر آخر عهد بني أمية، وأول عهد بني العباس،ورغم أن الساحة السياسية كانت تعج بالأحداث والتطورات التي يمكن استغلالها ولكن الإمام الصادق اعتزل أمر الحكومة والخلافة، ولم يقم بأي عمل ينم عن تطلعه إلى الإمساك بزمام السلطة والزعامة. فعندما لاحت علامات سقوط الدولة الأموية حاول العباسيون أن يستميلوا الإمام الصادق عليه السلام إليهم كي يدعو الناس إليهم، ويصوت باسمهم. إلا أن الإمام الصادق عليه السلام كان يدرك جيداً أن هؤلاء لا يصلحون للحكم، وأنهم إن تسلموا السلطة فسوف يستأثرون بالحكم ويرتكبون الجرائم والمآسي من أجل المحافظة على كراسيهم ولهذا رفض عليه السلام التعاون معهم بأي وجه. وأما عهد المهدي والهادي وهارون فكانت كعهد المنصور، من أكثر العهود ظلماً لبني علي عليه السلام وشيعته، حيث فعلت بنسله الأفاعيل، وشردتهم، وسجنتهم، وقتلتهم شر تقتيل، ودفنت بعضهم أحياء كأحجار أساس للقصور،فرغم بعض الهدوء النسبي في أيام المهدي كانت بشكل عام فترة عصيبة على الشيعة، الأمر الذي أدى إلى ثورة الشيعة والعلويون ضد خلفاء بني العباس، كان من أهمها ثورة الحسين بن علي شهيد الفخ التي حدثت في زمن خلافة الهادي وثورة يحيى وإدريس ابنا عبد الله التي وقعت في زمن هارون. وتسلم هارون زمام الأمور من سنة 170 هـ وحتى سنة 193 هـ وكانت له خلال هذه الفترة صراعات مختلفة مع العلويين فقتل، وعذّب الكثير منهم، حيث أن الضغط الذي مارسه الرشيد على الشيعة لا يمكن مقارنته أبداً بالضغوط التي مورست ضدهم في العهود السابقة له.فقُتل بأمر الرشيد المئات من العلويين وهجموا على دور آل أبي طالب وسُلبت النساء،كما ولجأ العباسيون إلى أنماط جديدة من المواجهة لتقويض مكانة العلويين في المجتمع، منها: الدعايات التي كانت تستهدف الشخصية العلمية للعلويين الذين كانوا يحظون بها في المجتمع. وكانت إمامة الإمام الكاظم (ع) كلها في زمن الخلافة العباسيةفتزامنت مع جزء من ملك المنصور الدوانيقي، وابنه المهدي، ابنه الهادي، وأخيراً ملك هارون الرشيد، فبعد مضي ما يقارب خمس عشرة سنة من ملك الرشيد، استشهد الإمام عليه السلام مسموماً على يد السندي في حبس هارون. في زمن المأمون شعر الناس بشيء من الأمن السياسي،إذ كان المأمون يتظاهر بالتشيع على الدوام، وإن تشيعه ذاك وإن لم يكن إمامياً، إلاّ أنه يستلزم مناصرة الشيعة ولو بشكل محدود، فانتشر التشيع في كل بقعة من بقع الإسلام، حتى امتدت جذوره إلى البلاط الملكي،كما وورد خبر عن المأمون بأنّه بعد مجيئه إلى العراق حاول تفويض شؤون الدولة لبعض الشيعة، وقرّر أن يعين رجلاً من الشيعة إلى جانب كل مسؤول من أهل العامة،ولكن سرعان ما بدأت الأجهزة الحاكمة بانتهاج سياسة الضغط والقمع من جديد،فقد كانت هناك قيود ومضايقات مفروضة من قبل الحكام لا تسمح بالتحرك بحرية تامة، وكانت القناة الوحيدة للإتصال بالإمام تتمثل في كتابة الرسائل إليه واستلام الأجوبة، ولذا كان الأئمة منذ عهد الإمام الجواد عليه السلام فصاعداً وعلى ما قبل عهد الإمام الرضاعليه السلام، يقيمون علاقاتهم مع الشيعة عن طريق الرسائل.كما وهذه المضايقات التي كان العباسيون يمارسونها ضد العلويين والشيعة كانت تؤدي إلى إبعاد الشيعة عن الأئمة، وتخلق لهم مشاكل في تعلم معتقداتهم. كانت إمامة الإمام الرضا متزامنة مع خلافة الرشيد، والأمين والمأمون وأهم مسألة تاريخية في حياة الإمام الرضا عليه السلام هي حادثة توليته للعهد، والتي حاول المأمون استغلالها للوصول إلى مآرب خاصة،من أهمهما ما يُنقل عن المأمون قوله: "قد كان الرجل مستتراً عنّا يدعو إلى نفسه، فأردنا أن نجعله ولي عهدنا، [ ... المزید] ليعترف بالملك والخلافة لنا [...] وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن يفتق علينا منه ما لا نسدّه ..." ولكن لم يحقق المأمون النتائج التي كان يبتغيها من جلب الإمام إلى مرو، فكما قتل أخيه رغبة في الحصول على الخلافة، وقتل وزيره، أقدم هذه المرة على ما كان يفعله أسلافه من أجل الإبقاء على خلافته، وتجرأ على قتل الإمام الرضا عليه السلام،فاستشهد الإمام عليه السلام مسموماً على يد المأمون آخر صفر سنة 203 للهجرة. أما الإمام الجواد (ع) فعاصر المأمون والمعتصم،وازدادت المضايقات السياسية في زمن الإمام الجواد حيث نتج عنها إخفاء الأخبار المتعلقة بالإمام عليه السلام أيضاً؛ ليكون في مأمن يقيهم شر الأعداء.واتبع المأمون سياسة أبيه في مراقبة الإمام الكاظم عليه السلام وتحديده، والتي اتبعها مع الإمام الرضا عليه السلام ولكن بأسلوب ماكر، واتخذ أسلوب جديد مع الإمام الجوادعليه السلام للسيطرة على تحركاته ومتابعته، فعقد ابنته على الإمام.وبقي الإمام في المدينة حتى استدعاه المعتصم العباسي بعد تسلمه الحكومة إلى بغداد، واستشهد الإمام بالسم على يد ابنة المأمون وبأمر من المعتصم هناك، ولم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين من عمره بعد. وكانت سياسية الدولة العباسية لغاية مجيء المتوكل هي سياسية تقوم على التمسك بمذهب المعتزلة والدفاع عنهم، وهذا يعني فسح المجال تلقائياً أمام الشيعة والعلويين، ولكن الأمور تغيرت بمجيء المتوكل إلى سدة الحكم حيث ابتدأ التشدد والضغط من جديد، وانتهجت سياسة الدفاع عن آراء أهل الحديث وتحريضهم ضد المعتزلة والشيعة، الأمر الذي نجم عنه قمع هذين المذهبين بشدة، حتى بلغ المتوكل ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، حتى أنه كرب قبر الحسين عليه السلام وعفى آثاره، ووضع على الطرق مسالح له لا يجدون أحداً إلاّ أتوا به فقتله أو أنهكه عقوبة، وذلك لأنّ كربلاء صارت سبباً لشد الناس عاطفياً مع الأفكار الشيعية والأئمة.صارت الخلافة بعد مقتل المتوكل إلى المنتصر، ونتج عن ذلك تقليل الضغوط التي كانت تماس ضد الشيعة،حيث قتل المنتصر أبيه لأنه سمعه يشتم فاطمةعليها السلام فكان الشيعة في عهد المتوكل يئنون تحت وطأة الضغوط الشديدة، وكان وكلاء الإمام يعتقلون ويُرمى بهم إلى الحبس، وأثرت هذه الملاحقة على أتباع الإمام الهاديعليه السلام وعاصر الإمام الهادي عليه السلام المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين بالله والمعتز،وفي عهد المتوكل مورست ضد الإمام مضايقات قاسية أعقبتها أمر المتوكل بجلبه إلى سامراء لغرض مراقبة تحركات الشيعة وزيارتهم،فحاول المتوكل الحط من مكانة الإمام في قلوب الناس، ولكن لم تنجح أي من مكائده فأمر بسجنه وأخيراً استشهد الإمام بالسُّم أيام المعتز بعد إقامة في سامراء استمرت عشرين سنة وأما فترة إمامة الإمام العسكري عليه السلام فكانت ست سنوات وعاصر المعتز والمهتدي والمعتمد وحددت إقامته في منطقة العسكر بمدينة سامراء كأبيه الهادي عليه السلام وكانت السلطات العباسية طلبت من الإمام الإبقاء على نوع من الاتصال المستمر بالبلاط حيث ينقل أحد خدم الإمام قائلاً: "كان الإمام يذهب في يوم الإثنين والخميس من كل أسبوع إلى دار الخلافة"، وهذا الأمر هو أحد أساليب المراقبة فلم يتمكن الإمام من الاتصال بأصحابه إلا سراً، فيروى عنه عليه السلام قال: "ألا لا يسلمن عليّ أحد، ولا يشير إليّ بيده ولا يومئ، فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم. وأخيراً بعد تعرضه عدة مرات للسجن استشهد مسموماً على يد المعتمد العباسي. دمتم في رعاية الله

2