( 18 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

سفن نجاتك

من روائع مناجاة الامام زين العابدين عليه السلام التي تدعونا الى الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يُركبنا في سفن النجاة فما هذه الرائعة جزاكم الله خير ؟


بسم الله الرحمن الرحيم ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ((اللّهم احملنا في سفن نجاتك)).. يتّضح من خلال هذه الفقرة من المناجاة انّ هناك سفن تؤدّي الى النجاة وأخرى الى الغرق.. لذا فنحن عندما نطلب الركوب في تلك السفن المنجية لابد لنا أن نتعرّف على تلك السفن حتى نركبها، وليس لنا للتعرّف عليها إلاّ من خلال القرآن الكريم أو من هم عدل القرآن عليهم السلام.. وعندما نأتي الى القرآن الكريم نجده يعطينا أوصافاً لبعض تلك السفن منها سفينة نوح عليه السلام حيث قال تعالى في كتابه الكريم ((فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ))العنكبوت : 15، تشير الآية الكريمة انّه قد ركب في هذه السفينة من كان يؤمن بالله تعالى ونبيه نوح عليه السلام، وقد هوى وغرق كلّ من تخلّف عن هذه السفينة حتى أقرب الناس للنبي لم ينجو وهو ابنه وقد دعاه النبي للركوب ولكنّه رفض ((قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء))هود : 43، ظنّاً منه انّه لو اتّبع غير النبي سينجو، فأجابه النبي عليه السلام ((لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ))هود : 43، فيتّضح انّ السبب والنسب لن يفيدا أحداً ما لم يؤمن بالله وكتبه ورسله ووفق ما يراه النبي ويطلعه على الناس، لا أن يُتّخذ الدين وفق الأهواء.. ولو اطّلعنا على روايات وأحاديث النبي وأهل بيته عليهم السلام لعرفنا تلك السفن، فقد ورد عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله ((من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين، فليوال عليا وليعاد عدوه، وليأتم بالائمة الهداة من ولده، فانهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه من بعدى وسادات امتى وقواد الاتقياء إلى الجنة، حزبهم حزبى وحزبى حزب الله، وحزب اعدائهم حزب الشيطان)).. فهذه الرواية تشرح لنا بشكل واف ما المقصود بالسفينة وأوصاف تلك السفينة، وتوضّح بشكل جليّ انّ السفينة هم الأئمة الهداة عليهم السلام من أولاد الرسول صلّى الله عليه وآله، وبموالاتهم والاقتداء بهم يعني الركوب بتلك السفينة، ومن تخلّف عنهم فقد ضلّ ضلالاً مبيناً، لأنّه سيكون قد ركب سفينة الشيطان الرجيم، وهذا ما أشار اليه صلّى الله عليه وآله في حديث آخر ((من احب ان يتمسك بدينى ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب وليعاد عدوه وليوال وليه فانه وصيي وخليفتي على امتي في حياتي وبعد وفاتي وهو امام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي قوله قولي وامره امرى ونهيه نهيي وبايعه بعدى وناصره ناصرى وخاذله خاذلي))، وهذا الحديث أوضح من الشمس ولا يحتاج الى تفسير.. وقد أكّد سيد البلغاء عليه السلام في بعض خطبه على ركوب هذه السفن، فقد قال عليه السلام ((أيها الناس ! شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، افلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح))، فما أروع هذا التعبير حينما دعا الناس الى اللجوء الى سفن النجاة حينما تحاط بهم الفتن، لأنّ الرسول صلّى الله عليه وآله قد أشار اليهم بأنّهم مع الحق والحق معهم وأنّ الفرقة المتّبعة لهم هي الفرقة الناجية من بين كلّ الفرق التي تتشهد بالشهادتين، وإشارته بالأمواج لشدّة التباس الأمر على الناس فتحجبهم عن السفينة الناجية وبالتالي التخلّف عن ركوبها.. وهذا ما دعانا اليه الامام زين العابدين عليه السلام من خلال مناجاته الخالدة بأن نطلب من الله سبحانه وتعالى أن يحملنا بتلك السفن فنصل الى برّ الرحمة والرضوان.. نسأل الله تعالى أن يركبنا سفن النجاة وهم محمد وآل محمد عليهم السلام لنصل الى رضوانه تعالى ... المزید

1