( 24 سنة ) - العراق
منذ سنتين

التعامل مع الابناء

السلام عليكم طفلتي معاقه.. مصابه بتلف الدماغ ماهي حقوقها علي ماذا افعل كي أرضى الله بها أسألكم الدعاء لها


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا ومن حقوق الأبناء على الوالدين، أن يقوما بتربية أبنائهما تربية صحيحة سليمة، ونعني بالتربية؛ الاهتمام بالجانب الجسدي والنّفسي، الجانب المادي والجانب المعنوي للأبناء، أمّا بالنسبة للجانب المادي الجسدي، فعلى الأب أن يهتم بهذا الجانب لأبنائه فيوفر لهم المسكن والملبس والمأكل والعلاج وغير ذلك مما يدخل تحت عنوان النفقة، فهي أمر واجب على الأب تجاه أبنائه وللأسف الشديد إنّ بعض الآباء ينفق على أبنائه من الحرام، يطعمهم الحرام، ويلبسهم من الحرام، ويسكنهم في منزل بني من مال حرام، إنّ مثل هذا الأب مقصّرٌ في حقوق أبنائه ومأثوم ومعاقب على إنفاقه عليهم من الحرام، إنّ الأب المسلم الملتزم بحقوق أبنائه وأحكام دينه هو من يجنّب أبنائه الحرام وينهاهم عنه، نذكر لكم قصة منقولة عن أحد الصحابة من الأنصار، اسمه أبو دجانة الأنصاري كان مواظباً على صلاة الفجر جماعة خلف النبي «صلى الله عليه وآله»، ولكنه كان يخرج مسرعاً بعد انتهاء الصلاة مباشرة، فأوقفه النبي «صلى الله عليه وآله» يوماً وسأله قائلاً: يا أبا دجانة، أليست لك عند الله حاجة؟ فقال أبو دجانة: يا رسول الله إنّه ربي ولا أستغني عنه طرفة عين، فقال «صلى الله عليه وآله»: إذاً لماذا لا تنتظر حتى تختم الصلاة ثم تدعو الله بما تريد؟ قال أبو دجانة: إن لي جاراً من اليهود، وله نخلة يمتد فروعُها في صحن داري فإذا هبت الريح ليلاً أسقطت رطبها عندي، لذلك أخرج مسرعاً لأجمع ذلك الرطب، وأردّه إلى صاحبه قبل أن يستيقظ أطفالي فيأكلوا منه وهم جياع، وأقسم لك يا رسول الله إنني رأيت أحد أولادي يمضغ تمرةً فأدخلت إصبعي في حلقه فأخرجتها قبل أن يبتلعها، ولما بكى ولدي من الجوع، قلت له: أما تستحي من وقوفي أمام الله سارقاً. فانظروا كيف أنّ هذا المسلم كان حريصاً على أن لا يدخل جوف أبنائه شيء من الحرام لعلمه بما لتناول الحرام من آثار سلبية عليهم. وأما بالنسبة إلى الجانب الرّوحي فعلي الوالدين: أولاً: أن يقوما بغرس العقيدة الصحيحة في نفوس أبنائهما، فيبيّنا لهم العقيدة الصحيحة من العقيدة الفاسدة، ويدلانهم على ربّهم وكيف يوحدونه في جميع مقامات التوحيد، في مقام الذات، والصفات، والأفعال، والطاعة، والعبادة، ويغرسان في نفوسهم الاعتقاد بالأنبياء، وأنّهم رسل من الله سبحانه وتعالى، أرسلهم لهداية الناس إلى الحق، وأنّ آخرهم هو نبي الإسلام محمد «صلى الله عليه وآله»، والاعتقاد بالأئمة الإثني عشر الطاهرين من أهل البيت «عليهم السلام»، وأنّ أوّلهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» وآخرهم هو المهدي المنتظر «عجل الله تعالى فرجه الشريف»، والإيمان بالآخرة، إلى غيرها من الأمور التي يلزم المسلم الإيمان والاعتقاد بها. ثانياً: أن يعلّما أبناءهما ما عليهم من واجبات وفرائض، وكيف يؤدونها بالشكل الصحيح المطلوب شرعاً، كالصلاة وغيرها من العبادات. ثالثاً: أن يغرسا في نفوس أبنائهما الأخلاق الفاضلة الحميدة ويشجعانهم على التخلّق والتعامل مع الآخرين بها، وينهيانهم عن الأخلاق الفاسدة الرذيلة. وايضا من النصائح المهمة ومما ينفع في تربية الجانب الرّوحي، وتقوية الإيمان، ونمو التقوى وارتقائها إلى مراتبها العليا عند الأبناء، هو تشجيهم على تلاوة كتاب الله المجيد، والتدبر في آياته، وفهم معاني كلماته وعباراته، وتعويدهم على الذهاب إلى المسجد وممارسة عبادة الصلاة فيه، وحثّهم على الذهاب إلى الأماكن التي تلقى فيها الدروس والمحاضرات الدينية كالمساجد والحسينيّات وغيرها، وأن يوفر الوالدان لهم الكتب الدينية والثقافية المناسبة لأعمارهم، والتي تكسبهم الثقافة الإسلامية، وتغرس في نفسوهم المعارف والمفاهيم الدينية، فكل ذلك مما له أثر كبير في زيادة الجانب المعرفي للأبناء، الأمر الذي يؤدي إلى تقوية إيمانهم ورفع درجة التقوى لديهم. ثم إنّ من العوامل الكبيرة التي تؤدّي إلى انحراف الأبناء هم رفقاء السوء، الذين عادة ما يتأثر المرء بهم فيكتسب من أخلاقهم وعاداتهم القبيحة، ويسير معهم في طريق الشّقاء والانحراف، وقد يصل الأمر بالبعض إلى أن يصبح مجرماً قد تأصّل الإجرام فيه، الأمر الذي يصعب بعد ذلك معه ردّه إلى جادّة الحق.. وعليه فبما أن المرء يتأثر عادة بصاحبه وصديقه، فإن كان فاسداً كان مثله، وإن كان صالحاً كان كذلك مثله صالحاً، فعلى الآباء أن يختاروا الرفقاء الصلحاء لأبنائهم، ليكتسبوا منهم الالتزام بالدّين، والأخلاق الكريمة، والعادات الفاضلة، والآداب السامية الرفيعة، ويبعدونهم عن رفقاء السوء، حتّى لا يقعوا في شباك ضلالهم وانحرافهم. ومن الحقوق هو العدالة بين الأبناء التي ركّزت عليها الشريعة الإسلامية، ووجهت الوالدين إلى مراعاتها والالتزام بها مسألة العدل بين الأبناء، وذلك لما يخلّفه عدم العدل بينهم من آثار سلبيّة، ومن أكثرها سلبيّة أنّه يزرع العداوة والحقد بين الأبناء، فيعادي بعضهم البعض، ويحقد بعضهم على البعض الآخر، كما يكون موجباً للتحاسد بينهم، وقد يترافق ذلك معهم منذ صغرهم إلى ما بعد سنّ التكليف فيؤدي إلى حالة من التقاطع بين الأرحام، وهو ذنب له آثاره الوخيمة جدّاً، وغيرها من الذنوب التي عادة ما يكون الحقد والعداوة والحسد باعثاً على ارتكابها. ومما جاء في الحث على العدل بين الأبناء ما روي عن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» أنّه قال: (إن لهم عليك من الحقِّ أن تعدل بينهم، كما أنّ لك عليهم من الحق أن يبرّوك) وعنه «صلى الله عليه وآله»: (اتّقوا الله واعدلوا في أولادكم) وعنه «صلى الله عليه وآله»: (أعدلوا بين أولادكم في كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللطف) والعدالة المطلوبة بين الأبناء تشمل كلَّ الجوانب التي تحيط بالأبناء، في الجانب المادي والمعنوي، لا في خصوص الماديّات فقط، فكما أنّ من حقّ الأبناء العدل بينهم في حاجاتهم الماديّة، فكذلك من حقّهم أن يُعْدَلَ بينهم في حاجاتهم المعنويّة، من الاحترام والتقدير والاهتمام والحب وما شاكل ذلك، فعن الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: (أبصر رسول الله رجلاً له ولدان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال «صلى الله عليه وآله»: فهلّا واسيت بينهما؟!) وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: (إنّ الله تعالى يحبُّ أنْ تعدلوا بين أولادكم حتّى في القبل) وعن الإمام الباقر «عليه السلام» قال: (والله إنّي لأصانع بعض ولدي وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبّة، وأكثر له الشكر، وإنّ الحقَّ لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف أخوته)… دمتم في رعاية الله

1