يحزنون لحزننا
ما معنى الحديث: شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا؟
ورد في الحديث عن الامام الصادق (عليه السلام) (رحم الله شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا وعجنوا بماء ولايتنا يحزنون لحزننا ويفرحون لفرحنا) [2] .
أي ان شيعة أهل البيت (عليهم السلام) خلقهم الله تعالى مما فضل وتبقى من الطينة التي خلق الله تعالى منها أهل البيت (عليهم السلام) لذا فهم مرتبطون بأصلهم ومن علامات هذا الارتباط أن الشيعة يفرحون لفرح أهل البيت (عليهم السلام) ويحزنون لحزنهم.
وحينما يرد هذا الحديث فان المعنى الذي يسبق إلى الاذهان ان الشيعة يقيمون محافل الفرح والسرور وينشدون القصائد في مدائح أهل البيت (عليهم السلام) وذكر مناقبهم ويتبادلون التهاني في المناسبات المفرحة كيوم المولد النبوي والغدير وليلة النصف من شعبان، وانهم يقيمون مأتم الحزن والبكاء ويلطمون الصدور في المناسبات الحزينة كيوم عاشوراء والفاطمية وغيرها.
وهذا معنى صحيح الا انه يبقى مظهراً شكلياً اذا خلا من المضمون الحقيقي بالالتفات إلى ما يفرح أهل البيت (عليهم السلام) ويحزنهم فانهم يفرحون بطاعة الله تعالى وإقامة دينه العظيم والتزام الناس بتعاليمه وأحكامه وصلاح أمور الأمة، قال تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس:58) وفي دعاء الامام الحسين (عليه السلام) يوم عرفة (اللَّهُمَّ أَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ وَ لَا تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ).
ويحزن أهل البيت (عليهم السلام) اذا عصي الله تعالى وابتعد الناس عن الدين ولم يعملوا بأحكام الله تعالى في حياتهم، كما في دعاء الامام السجاد (عليه السلام) يوم الخميس (وَ لَا تَفْجَعْنِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ بِارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ وَاكْتِسَابِ الْمَآثِمِ) فهو يعتبر الوقوع في الذنب والمعصية فجيعة.
فاذا أردنا أن نختبر صدق ولايتنا لأهل البيت (عليهم السلام) فلابد أن نجد في أنفسنا الفرح والسرور عندما يتحقق ما يفرح أهل البيت (عليهم السلام) كأن نرى المساجد ممتلئة بالمصلين، والناس تسارع إلى فعل الخير ومساعدة المحتاجين، وأولياء الأمور يقومون بمسؤولياتهم على أحسن وجه في إصلاح أحوال الناس، وحينما نسمع بأخبار انتصار الايمان على الكفر والفسق واقامة العدل والإحسان.
ونحزن ونتألم اذا رأينا أحداً غير ملتزم بالصلاة أو ينشغل عنها ببعض أمور اللهو و اللعب أو لا يبرمج أوقاته على أساس مراعاة أداء الصلاة في وقتها، أو نجد امرأة غير محجبة أو داراً للفسق والفجور أو وقوع ظلم على أحدٍ أو إهانة أحد وإذلاله أو استئثاراً بثروات الشعب واستخفافاً بحرمته وامتهاناً لكرامة الإنسان، لذا ترى أمير المؤمنين (عليه السلام) يتمنى الموت عند وقوع شيء من هذا الظلم من جيش معاوية في غاراته على حدود العراق، قال (عليه السلام) (