تفسير الاية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما تفسير قوله سبحانه وتعالى( تَعْرُجُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍۢ كَانَ مِقْدَارُهُۥ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍۢ) ؟
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك أيها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٩ - الصفحة ١٤-١٦: بعد إيراد قصة العذاب الدنيوي الذي أصاب من طلب العذاب تبحث الآيات أمر المعاد والعذاب الأخروي للمجرمين في ذلك اليوم. في البداية يقول تعالى: تعرج الملائكة والروح إليه - أي إلى الله - في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة المشهور أن المراد من عروج الملائكة هو العروج الروحي، وليس العروج الجسمي، يعني أنهم يسرعون في التقرب إلى المقام الإلهي وهم مهيئون لاستلام الأوامر في ذلك اليوم الذي يراد به يوم القيامة، وكما قلنا سابقا في تفسير الآية (17) من سورة الحاقة من أن المراد من الآية والملك على أرجائها هو اليوم الذي يجتمعون فيه في السماء ينتظرون لتنف ما يأمرون (1). والمراد بالروح هو (الروح الأمين) وهو أكبر الملائكة، وهذا ما أشير إليه أيضا في سورة القدر حيث يقول تعالى: تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ومن الطبيعي أن الروح لها معان مختلفة بحسب تتناسب مع القرائن الموجودة، فمن الممكن أن يعطي في كل موضوع معنى خاص، والروح يراد به روح الإنسان، وكذا يراد منه القرآن، وبمعنى روح القدس، وبمعنى ملك الوحي، كل ذلك من معاني الروح، وهذا ما يشار إليه في بقية آيات القران. وأما المراد بكون (خمسين ألف سنة) هو ذلك اليوم الذي بحيث لو وقع في الدنيا كان مقداره خمسين ألف سنة من سني الدنيا، وهذا لا ينافي ما جاء في الآية (5) من سورة السجدة من إن ذلك يوم مقداره ألف سنة، ولأجل ذلك ذكر في الروايات أن ليوم القيامة خمسين موقفا، وكل موقف منه يطول بمقدار ألف سنة. (2) واحتمل البعض أيضا أن هذا العدد (خمسين ألف سنة) للكثرة لا العدد، أي أن ذلك اليوم طويل جدا. على أي حال فقد كان هذا ما يخص المجرمين والظلمة والكفار، ولهذا روي في حديث عن أبي سعيد الخدري أنه سأل سائل من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول هذه الآية عن طول ذلك اليوم؟ فقال: " والذي نفس محمد بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا " (3). ثم يخاطب الله تعالى رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية الأخرى ويقول: فاصبر صبرا جميلا. المراد ب (الصبر الجميل) هو ما ليس فيه شائبة الجزع والتأوه والشكوى، وفي غير هذا الحال لا يكون جميلا. (1) ثم يضيف: إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا إنهم لا يصدقون بوجود مثل ذلك اليوم الذي يحاسب فيه جميع الخلائق حتى أصغر حديث وعمل لهم، وذلك في اليوم مقداره خمسون ألف سنة، ولكنهم في الواقع ما عرفوا الله وفي قلوبهم ريب بقدرة الله. إنهم يقولون: كيف يمكن جمع العظام البالية والتراب المتناثر في كل حدب وصوب ثم يرد إلى الحياة؟ (وقد ذكر القرآن كلامهم هذا في كثير من آياته) ثم كيف يمكن أن يكون اليوم بمقدار خمسين ألف سنة. الطريف أن العلم الحاضر يقول: إن مقدار كل يوم في أي من الأجرام السماوية يختلف عن بعضها الآخر، لأن دوران الجرم السماوي حول نفسه مرة واحدة تابع إلى فترة زمنية معينة، ولهذا فإن اليوم في القمر بمقدرا أسبوعين على ما هو في الأرض، حتى أنهم يقولون: يمكن أن تقل سرعة الحركة الوضعية للأرض وذلك بمرور الزمن ويصبح اليوم الواحد فيها كالشهر أو كالسنة أو مئات السنين، ونحن لا نقول، إن الزمان في يوم القيامة كذلك، بل نقول إن اليوم الذي يبلغ مقداره خمسين ألف سنة، ليس عجيبا في مقاييس عالم الدنيا. دمتم في رعاية الله