مرض النبي
لماذا لم يصلي علي بن أبي طالب بالناس صلاة واحدة في أيام مرض النبي(ص) ؟
إنّ هذا السؤال يشير إلى أُمور ثلاثة:
الأوّل: أنّ الإمامة الصغرى (في الصلاة) دليل على الإمامة الكبرى (الولاية).
الثاني: أنّ علياً لم يصل بالناس أيام مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو دليل على عدم كونه إماماً.
الثالث: أنّ أبا بكر صلى بالناس في مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا دليل على إمامته الكبرى.
وإليك تحليل هذه الأُمور:
أما الأوّل فهو أمر عجيب إذ كيف يستدل بتكليف الإنسان بوظيفة صغيرة (كإمامة الجماعة) على كفاءته واستحقاقه لوظيفة ومنصب خطير (الولاية).
فلو افترضنا أنّ رجلاً كان صالحاً لأن يكون حاكماً لمدينة صغيرة فهل يكون ذلك دليلاً على صلاحيته لرئاسة دولة كبيرة، ومن استدل بهذه الطريقة، كعضد الدين الإيجي في مواقفه 1 والرازي في أربعينه 2 فقد غفل عن الضابطة، ومع ذلك فهناك من أهل السنة من وقف على ضعفّ الاستدلال منهم ابن تيمية حيث قال: فالاستخلاف في الحياة نوع نيابة لابد منه لكل ولي أمر، وليس كل من يصلح للاستخلاف في الحياة على بعض الأُمّة يصلح أن يستخلف بعد الموت (على جميع الأُمّة) فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلف في حياته غير واحد ومنهم من لا يصلح للخلافة بعد موته. كما استعمل ابن أُم مكتوم الأعمى في حياته وهولا يصلح للخلافة بعد موته 3.
أمّا الثاني، فجوابه أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)كان يؤم الناس طيلة أيام مرضه فلم يكن لعلي مع وجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مجال للصلاة بالناس.
والدليل على اهتمامه بإمامة الناس في الصلاة أيام مرضه هو أنّه بعدما سمع أنّ أبا بكر تقدم لإمامة المصلين خرج من بيته وأمر أبا بكر بالتأخر وقام مكانه وصلى هو بالناس. وسيوافيك تفصيله.
وإذا كان الحال كما ذكرنا فعدم إمامة علي (عليه السلام) بالناس للصلاة لا يكون دليلاً على عدم استحقاقه الإمامة الكبرى.
ويشهد على اهتمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر صلاة الجماعة طيلة فترة مرضه وعدم فسح المجال لإمامة شخص آخر أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وجد من نفسه خفّة فخرج بين رجلين ـ أحدهما العباس ـ لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلمّا رآه أبو بكر ذهب ليتأخر