ahmed baqer ( 26 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الظلم في قتل الخضر للغلام

في قصة موسى والعبد الصالح (عليهما السلام) عندما الخضر عليه السلام قتل الغلام بأمر الله على الرغم من عدم ارتكابه جريرة الكفر بوقتها أليس هذا ظلما ؟


بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اهلا بكم في تطبيقكم المجيب ان الانسان عندما يبني احكامه على قناعاته يجد بعض الافعال ليست عدلا وانها من الظلم الا انه بمجرد ان يطلع على بعض التفاصيل والزوايا فانه يغير من فكرته والان اسمح لي ان ابين لجنابكم الكريم بعض هذه الزوايا التي تنفع في فهم الموضوع بشكل دقيق ونقدم بعض الامور كي يتضح الجواب بشكل تام: اولا: ان الله تعالى حكيم فكل فعل يصدر منه او يامر به فهو مقتضى حكمة الله تعالى ثانيا: ان الله تعالى لا يمكن ان يصدر منه اي ظلم على عباده لان كل دواعي الظلم الباري منزه عنها. ثالثا: ان الله تعالى هو المالك كل ما في الوجود فليس هناك شيء من المخلوقات الا هي من الباري وهذه قضية لا يشك فيها احد من الموحدين. رابعا: ان الله تعالى هو المتفضل باعطاء الوجود لجميع المخلوقات فليس يوجد مخلوق الا وصاحب الفضل الاول عليه هو خالقه فهو الذي اعطاه الحياة بالمجان من دون ان يبذل هذا المخلوق شيئا لله تعالى وانما المتفضل عليه هو الله تعالى وهو الذي اعطاه كل هذه النعم التي تحيط به من حواسه وقدرته على الحركة والكلام والرؤية وغير ذلك مما لا يمكن ان نحصيه من نعمة الله تعالى فهذا النعيم هو من فضل الله تعالى ورحمته خامسا: ان جميع من على هذه الارض يموت واسباب الموت تختلف فمنهم من يموت بحادث سيارة مثلا ومنهم من يموت بمرض عضال ومنهم من يموت بقتل وغير ذلك. سادسا: ان الظلم يعني سلب الحق من الغير والتعدي على حقوق الاخرين فمن سلب اموال الاخرين فانه قد ظلمهم اذ تعدى عليهم وسلب حقهم اذا تفضل احد على شخص باعطائه المال كالاب مثلا يعطي لابنائه المال وكان يغدق عليهم بالمال وكان الابناء يتمتعون بهذه الاموال فاذا قطع الاب هذه الاموال عن احد ابنائه لعلمه بان ابنه هذا سوف يصرفها في المفسدة فهذا لا يعد ظلما من الاب لانه اخذ ما هو له من الاموال عن احد ابنائه دون الاخرين من الابناء فلا ظلم في هذا التصرف. اذا اتضحت هذه الامور نقول في الجواب ان الله تعالى هو من اعطى الحياة لهذا الغلام كما اعطاها لكل الخلق وهذا الغلام يموت في كل الاحوال وليس هنااك من يعترض على موته لو مات بسكتة قلبية مثلا فاننا نقول عن موته قضاء وقدر وهذا حد يومه ولا يوجد من يعترض على الله تعالى وان هذا ظلم وكذلك ليس في الموت ظلم لو امر الله تعالى ملك من الملائكة ان يقبض روح هذا الغلام لانها ارادة الله تعالى ينفذها الملك وكذا الحال لو امر الله تعالى عبد من عبيده كالخضر بان ينهي حياته ويكون سببا في موته واما لماذا امر الله بقتله ولاي سبب يقتله فهذا شيء يرجع الى حكمة الباري تعالى فهو الحكيم الذي لا يامر الا مقتضى الحكمة سواء بين لنا الحكمة من ذلك او لم يبين وسواء قبلنا ما بينه لنا من الحكمة او لم نقبله فالله تعالى هو الحكيم المطلق وهذا الامر الالهي بانهاء الحياة للغلام لا ظلم فيها لان الحياة نعمة من الله تعالى فاذا اخذها من عبده فهو المعطي وهو الاخذ كما تقدم في مثال الاب فلا يوجد احد يقول للاب لماذا ظلمت ابنك واخذت المال منه ولماذا لم ابقيت المال عند اخوته فان الاب هو المتفضل على الجميع فاذا راى ان المصلحة هي بمنع المال عن ابنه لعلمه بانه سوف يفسد حياته او حياة الاخرين في المستقبل فهذا لا ظلم فيه وانما هو عين الحكمة بل نحن نعترض على الاب انك لماذا لم تمنع عن ابنك المال ان كنت تعلم انه سوف يفسد بهذا المقدار فكذا الحال مع الباري تعالى في قتل الغلام وليس هو من الظلم والخضر لو لم يبين الحكمة من قتل الغلام وقال لموسى ان حكمة الله اقتضت ان تنتهي حياة الغلام فليس لموسى على نبينا واله وعليه السلام ان يعترض على الخضر وانما اعترض عندما تصور ان هذا الفعل من عند الخضر وليس بامر من الله تعالى ولكن عندما بين الخضر له ان الارادة الالهية متعلقة بهذا الفعل وبين انه في المستقبل سوف يرهق والديه المؤمنين ومن هنا يتضح ان هذا الفعل ليس فقط لا ظلم فيه بل هو في غاية الجمال فان الله تعالى في مقام اكرام المؤمنين فانه يمنع عنهم ما يرهقهم ويخرجهم عن مقامهم عند الله تعالى وليس فقط يمنعه عنهم بل يبدلهم خيرا منه وهذا كله يرجع الى حكمة الله تعالى في كل افعاله وان كل افعال معللة بالمصالح وهي في اعلى مراتب الحكمة ومن كل هذا يتضح جليا ان فعل الله تعالى وما امر به لا يمكن ان يكون قبيحا ولا يمكن ان يكون ظلما بل هو في اعلى مراتب الجمال والحكمة. تحياتي لكم ودمتم بحفظ الله ورعايته