السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد
لدي عدة من الأسئلة عن دعاء العهد
1- هل يتم أحتساب يوماً من الأربعين يوم اذا أتممت قرائة الدعاء بعد شروق الشمس
2- هل قرائة الدعاء 40 يوم لنصرة الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف تكون 40 من الأيام متواصلة أم يكفي التقطع بينها
3- اذا قُرأ دعاء العهد 40 يوم ماهي المتطلبات لنصرة الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف (على أعتقادي فأن المتطلبات الأساسية هي الإيمان و ترك المحرمات فهل يوجد متطلبات وضوابط أكثر من ذلك ؟)
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك ايها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا
س١/نعم يحتسب وان كان الأفضل قراءة الدعاء بين الطلوعين.
س٢/نعم يقرأ الدعاء أربعين مرة متتالية .
س٣/لنصرة الإمام الحجة (ع) يمكن العمل على عدة نقاط:
النقطة الأولى: تأمين الموالاة بمعناها الصحيح:
بمعنىٰ أن يشتمل المنتظِر الحقيقي علىٰ معرفة عملية بإمام زمانه ، والتي تعني تولّيه عملياً والتبرّي من أعدائه كذلك، وقد عبَّرت الأحاديث عن هذا المعنىٰ بعدَّة تعبيرات، كالاقتداء بالإمام ، ومعرفة الأمر، وقد رتَّبت عليه ثمرات عملية، كالصبر علىٰ الغيبة وطولها، وضبط النفس بالتسليم لأمر الله تعالىٰ، طالت الغيبة أو قصـرت.
عن سدير، عن أبي عبد الله ، قال: قال رسول الله : «طوبىٰ لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتدٍ به قبل قيامه، يأتمّ به وبأئمَّة الهدىٰ من قبله، ويبرء إلىٰ الله من عدوّهم، أُولئك رفقائي وأكرم أُمَّتي عليَّ».
عن عبد الله بن عجلان، عن أبي عبد الله ، قال: «من عرف هذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم كان له مثل أجر من قُتِلَ معه».
عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء: 71]، فقال: «يا فضيل، اعرف إمامك، فإنَّك إذا عرفت إمامك لم يضـرّك تقدَّم هذا الأمر أو تأخَّر، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر كان بمنزلة من كان قاعداً في عسكره، لا، بل بمنزلة من قعد تحت لوائه».
النقطة الثانية: توفير الحصانة الرصينة ضدّ أسباب الانحراف:
إنَّ علىٰ من ينذر نفسه للتمهيد للظهور أن يتمثَّل الإسلام في حياته العملية، لأنَّ يوم الظهور ما هو إلَّا يوم ظهور الإسلام بحلَّته الإلهية التي ارتضاها ربّ العالمين للمسلمين، وهذا الأمر يقتضـي أن يتوفَّر المؤمن علىٰ حصانة رصينة وترسانة صلبة ضدّ أسباب الانحراف، لأنَّ من أهمّ سمات زمن الغيبة التي نعيشها اليوم هي توفّر أسباب الانحراف وسيولتها بشكل لافت للنظر، بحيث أصبحت في متناول الجميع، ولا صعوبة في الحصول عليها، علناً وخفاءً. لذا كان لزاماً علىٰ المؤمن أن لا يذوب في هذا المحيط الفاسد، وفي نفس الوقت لا بدَّ أن يعمل علىٰ التعايش مع هكذا وضع منحرف ليعمل علىٰ إصلاحه!
والموازنة بين هذين الأمرين هي رهان المؤمن علىٰ نجاحه في اختبار زمن الغيبة.
وهذه الحصانة تعني التزام التقوىٰ، والتقوىٰ تحتاج إلىٰ ما يُنمّيها ويُقوّيها، وهذا ما يحتاج إلىٰ صبر وحبس نفس حتَّىٰ لا يترك إلىٰ غيره، والحفاظ علىٰ هذا المعنىٰ المتكامل بحاجة إلىٰ ابتعاد عملي عن المشاركة في الفتن التي تسلب التقوىٰ ومقوّماتها، وتفصيل هذا:
1) التمسّك بالتقوىٰ:
إذ هي حصن الإيمان كما عبَّر أمير المؤمنين، وعن يمان التمّار، قال: كنّا عند أبي عبد الله جلوساً فقال لنا: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد _ ثمّ قال هكذا بيده _، فأيّكم يُمسِك شوك القتاد بيده؟»، ثمّ أطرق مليَّاً، ثمّ قال: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة، فليتَّق الله عبد وليتمسَّك بدينه».
ولا يخفىٰ أنَّ التقوىٰ مفهوم مركَّب من:
أ) الورع، وهو الابتعاد عن المعاصي صغيرها وكبيرها، بل وعن الشبهات.
ب) الاجتهاد، وهو بذل الجهد في عمل الواجبات والطاعات.
وهو ما عبَّر عنه أمير المؤمنين بقوله: «أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ».
2) التزام محاسن الأخلاق:
إذ التزامها عامل مهمّ في تقوية التقوىٰ وتنميتها، وبالتالي الحفاظ علىٰ الإيمان.
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله أنَّه قال ذات يوم: «ألَا أُخبركم بما لا يقبل الله من العباد عملاً إلَّا به؟»، فقلت: بلىٰ، فقال: «شهادة أن لا إله إلَّا الله، وأنَّ محمّداً عبده ورسوله، والإقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا _ يعني الأئمَّة خاصَّة _، والتسليم لهم، والورع والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم»، ثمّ قال: «إنَّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء»، ثمّ قال: «من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظِر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيَّتها العصابة المرحومة».
3) الصبر علىٰ التزام ذينك الأمرين:
خصوصاً وإنَّ طول الغيبة مدعاة لليأس والقنوط، فلولا الصبر الذي يلتزمه المؤمن لفقد إيمانه، ولذا أكَّدت الروايات الشـريفة علىٰ التزام الصبر كمنهج عملي في زمن الغيبة.
عن جابر الأنصاري، عن النبيّ قال: «يغيب عنهم الحجَّة، لا يُسمّىٰ حتَّىٰ يُظهِره الله، فإذا عجَّل الله خروجه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»، ثمّ قال : «طوبىٰ للصابرين في غيبته، طوبىٰ للمقيمين علىٰ محجَّتهم، أُولئك وصفهم الله في كتابه فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: 3]، وقال: أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة: 22]».
وعن الإمام الرضا : «ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أمَا سمعت قول العبد الصالح: وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ [هود: 93]، انْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ [الأعراف: 71]، فعليكم بالصبر فإنَّه إنَّما يجيء الفرج علىٰ اليأس، وقد كان الذين من قبلكم أصبر منكم».
هذا، وينبغي أن يتمثَّل الصبر بأشدّ صوره في مسألة الانتظار، من جهة حبس النفس علىٰ أمر الله تعالىٰ، بمعنىٰ التسليم بما قدَّره الله تعالىٰ من الوقت المحدَّد للظهور المبارك، بحيث يرضىٰ المؤمن بذلك بقلبه وعقله، ولا يُحدِّث نفسه أبداً بما يوحي بالاعتراض علىٰ تقدير الله تعالىٰ، وحتَّىٰ يضمن المنتظِر المؤمن هذه المرتبة، لا بدَّ أن يتمثَّل بعض فقرات دعاء زمن الغيبة، وأن يعيش مضمونها بوجدانه ويعيشها بكيانه، أقصد الفقرات التالية:
« ... المزید اللّهُمَّ فَثَبِّتْنِي عَلىٰ دِينِكَ، وَاسْتَعْمِلْنِي بِطاعَتِكَ، وَلَيِّنْ قَلْبِي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَعافِنِي مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبِّتْنِي عَلىٰ طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ، الَّذِي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقَكَ، فَبِإِذْنِكَ غابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأَنْتَ العالِمُ غَيْرُ المُعَلَّمِ بِالوَقْتِ الَّذِي فِيهِ صَلاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ فِي الإِذْنِ لَهُ بِإِظْهارِ أَمْرِهِ وَكَشْفِ سِرِّهِ، فَصَبِّرْنِي عَلىٰ ذلِكَ حَتَّىٰ لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ ما أَخَّرْتَ وَلَا تَأْخِيرَ ما عَجَّلْتَ، وَلَا أَكْشِفُ ما سَتَرْتَ وَلَا أَبْحَثُ عَمَّا كَتَمْتَ، وَلَا أُنازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ، وَلَا أَقُولَ: لِـمَ وَكَيْفَ وَما بالُ وَلِيِّ الأَمْرِ لَا يَظْهَرُ وَقَدْ امْتَلَأَتِ الأَرْضُ مِنَ الجَوْرِ؟! وَأُفَوِّضَ أُمُورِي كُلَّها إِلَيْكَ...»( ).
4) القعود عن تأجيج الفتن:
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: «لـمَّا دخل سلمان الكوفة، ونظر إليها، ذكر ما يكون من بلائها حتَّىٰ ذكر ملك بني أُميَّة والذين من بعدهم. ثمّ قال: فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتَّىٰ يظهر الطاهر ابن الطاهر المطهَّر ذو الغيبة الشريد الطريد».
النقطة الثالثة: تنمية الجانب الروحي والغيبي:
ويتمثَّل هذا بالتزام أعمال لها دور غيـبــي في تعجيل الظهور، وأثر في تنقية الروح وربطها بالسماء والغيب، وهذا أقلّ ما يمكن أن يفعله المؤمن لمولاه المنتظر، وفاءً لحقوقه العظيمة علينا، والتي ربَّما لا نستطيع إحصاءها، يكفي أنَّه لولا الحجَّة لساخت الأرض ومن عليها، فهو أمان لأهل الأرض كما أنَّ النجوم أمان لأهل السماء.
وأهمّ تلك الأعمال هي:
1) الصدقة:
وتعني التزام دفع صدقة _ ولو قليلة _ يومياً نيابةً عن الإمام المهدي ، ينوي فيها المؤمن دفع البلاء بها عن مولاه المضطرّ، وتعجيل فرجه، والتقرّب إليه، وغيرها من القصود التي تصبُّ في هذا المعنىٰ، وتذكَّر أنَّه «لا تستح من إعطاء القليل، فإنَّ الحرمان أقلّ منه».
في تفسير العيّاشي: عن مفضَّل بن عمر، قال: دخلت على أبى عبد الله يوماً ومعي شيء فوضعته بين يديه، فقال: «ما هذا؟»، فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك، قال: فقال لي: «يا مفضَّل، إنّي لا أقبل ذلك، وما أقبله من حاجتي إليه، وما أقبله إلَّا ليزكوا به»، ثمّ قال: «سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله قلَّ أو كثر لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلَّا أن يعفو الله عنه»، ثمّ قال: «يا مفضَّل، إنَّها فريضة فرضها الله علىٰ شيعتنا في كتابه إذ يقول: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]، فنحن البرّ والتقوىٰ، وسبيل الهدىٰ، وباب التقوىٰ، ولا يُحجَب دعاؤنا عن الله، اقتصـروا علىٰ حلالكم وحرامكم فاسألوا عنه، وإيّاكم أن تسألوا أحداً من الفقهاء عمَّا لا يعنيكم وعمَّا ستر الله عنكم».
2) إهداء الأعمال العبادية:
فهو ديدن علمائنا، فقد كانوا _ ولا زالوا _ يجهدون أنفسهم بعمل بعض الأعمال ويهدون ثوابها لمولاهم المهدي ، وأُسوة بهم لا بدَّ من التزام منهج عملي لتلك الأعمال المهداة له ، وكاقتراح عملي نطرح هذا المنهج التالي:
أ) ختم القرآن وإهداء ثوابه إلىٰ الإمام المنتظر .
وقد دلَّت بعض الروايات الشـريفة علىٰ استحباب إهداء قراءة القرآن إلىٰ أهل البيت ، فعن علي بن المغيرة، عن أبي الحسن ، قال: قلت له: إنَّ أبي سأل جدَّك عن ختم القرآن في كلّ ليلة، فقال له جدّك: «كلّ ليلة»، فقال له: في شهر رمضان، فقال له جدّك: «في شهر رمضان»، فقال له أبي: نعم ما استطعت. فكان أبي يختمه أربعين ختمة في شهر رمضان، ثمّ ختمته بعد أبي فربَّما زدت وربَّما نقصت علىٰ قدر فراغي وشغلي ونشاطي وكسلي، فإذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول الله ختمة، ولعلي أُخرىٰ، ولفاطمة أُخرىٰ، ثمّ للأئمَّة حتَّىٰ انتهيت إليك، فصيَّرت لك واحدة منذ صرت في هذا الحال، فأيّ شيء لي بذلك؟ قال: «لك بذلك أن تكون معهم يوم القيامة»، قلت: الله أكبر، [فـ]لي بذلك؟! قال: «نعم»، ثلاث مرّات.
ب) إشراك الإمام في كلّ فريضة، وإهداء النوافل _ كلّها _ له، ولا تخف، ففضل الله تعالىٰ وجوده أوسع وأعظم ممَّا تتخيَّل.
وقد دلَّ علىٰ جواز ذلك بعض الروايات الشـريفة، منها ما ورد عن أبي عبد الله أحمد بن عبد الله البجلي بإسناد رفعه إليهم صلوات الله عليهم، قال: «من جعل ثواب صلاته لرسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وسلَّم، أضعف الله له ثواب صلاته أضعافاً مضاعفة حتَّىٰ ينقطع النفس، ويقال له قبل أن يخرج روحه جسده: يا فلان، هديَّتك إلينا وألطافك لنا، فهذا يوم مجازاتك ومكافاتك، فطب نفساً وقرّ عيناً بما أعدَّ الله لك، وهنيئاً لك بما صرت إليه»، قال: قلت: كيف يهدي صلاته ويقول؟ قال: «ينوي ثواب صلاته لرسول الله ، ولو أمكنه أن يزيد علىٰ صلاة الخمسين شيئاً ولو ركعتين في كلّ يوم ويهديها إلىٰ واحد منهم...» الخ.
جـ) إهداء الطواف للإمام ،وإن أمكن فعمرة أو حجَّة، فقد كان أهل البيت يبعثون من يحجّ عنهم في حياتهم، فقد ورد عن محمّد بن عيسىٰ اليقطيني، قال: بعث إليَّ أبو الحسن الرضا رزم ثياب وغلماناً وحجَّة لي وحجَّة لأخي موسىٰ بن عبيد وحجَّة ليونس بن عبد الرحمن، فأمرنا أن نحج عنه، فكانت بيننا مائة دينار أثلاثاً فيما بيننا... .
وعن موسىٰ بن القاسم، قال: قلت لأبي جعفر الثاني : قد أردت أن أطوف عنك وعن أبيك، فقيل لي: إنَّ الأوصياء لا يطاف عنهم، فقال لي: «بل طف ما أمكنك فإنَّه جائز»، ثمّ قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: إنّي كنت استأذنتك في الطواف عنك وعن أبيك فأذنت لي في ذلك فطفت عنكما ما شاء الله، ثمّ وقع في قلبي شيء فعملت به، قال: «وما هو؟»، قلت: طفت يوماً عن رسول الله ، فقال ثلاث مرّات: «صلّىٰ الله علىٰ رسول الله»، ثمّ اليوم الثاني عن أمير المؤمنين، ثمّ طفت اليوم الثالث عن الحسن ،والرابع عن الحسين ،والخامس عن علي بن الحسين ،والسادس عن أبي جعفر محمّد بن علي، واليوم السابع عن جعفر بن محمّد، واليوم الثامن عن أبيك موسىٰ، واليوم التاسع عن أبيك علي، واليوم العاشر عنك يا سيّدي، وهؤلاء الذين أدين الله بولايتهم، فقال: «إذن والله تدين بالدين الذي لا يُقبَل من العباد غيره»، قلت: وربَّما طفت عن أُمّك فاطمة وربَّما لم أطف، فقال: «استكثر من هذا فإنَّه أفضل ما أنت عامله إن شاء الله».
3) إقامة مجالس خاصَّة بذكر الإمام المهدي وقضيَّته في شتّىٰ جوانبها:
والمشاركة العملية في ذلك، ولا شكَّ أنَّ إقامة المسابقات الخاصَّة بالقضيَّة المهدوية لها أثر مهمّ في تنمية هذا الجانب الروحي بها.
4) التزام الدعاء:
وهذا أمر قد أكَّدت عليه الروايات الشـريفة كثيراً، والدعاء هنا له مرحلتان:
الأُولىٰ: مرحلة الدعاء للإمام المهدي لحفظه من كيد الأعداء، ولتعجيل ظهوره، وهنا نجد قائمة مهمَّة من الأدعية، وأهمّها: دعاء الفرج «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ...»،ودعاء العهد «اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظِيمِ...»، ودعاء الندبة.
ويدخل في هذا السياق الزيارات الخاصَّة به ،وأهمّها زيارة آل يس التي ورد التوقيع الشـريف في مقدمتها: «بسم الله الرحمن الرحيم، لا لأمره تعقلون، حكمة بالغة، فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون، السلام علينا وعلىٰ عباد الله الصالحين، إذا أردتم التوجّه بنا إلىٰ الله تعالىٰ وإلينا، فقولوا كما قال الله تعالىٰ: سَلامٌ عَلى إِلْياسِينَ [الصافّات: 130]...».
الثانية : مرحلة دعاء المؤمن لنفسه في زمن الغيبة، لحفظ إيمانه، ودفع كيد الشياطين عن نفسه.
وهنا أيضاً قائمة مهمَّة من الأدعية، أهمّها:
أ) دعاء زمن الغيبة: فقد ذكر الإمام الصادق زمن الغيبة لزرارة، فقال زرارة: فقلت: جُعلت فداك، فإن أدركت ذلك الزمان فأيّ شيءٍ أعمل؟ قال: «يا زرارة، إن أدركت ذلك الزمان فأدم هذا الدعاء: اللّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ، اللّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي...»، وهو دعاء طويل، وهو موجود في (مفاتيح الجنان)، فالتزمه.
علماً أنَّه يمكن التزام المقطع المذكور في الرواية يومياً.
ب) دعاء الغريق: فعن عبد الله بن سنان، قال : قال أبو عبد الله : «ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرىٰ، ولا إمام هدىٰ، ولا ينجو منها إلَّا من دعا بدعاء الغريق»، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: «يقول: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي علىٰ دينك»، فقلت: يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلِّب القلوب والأبصار ثبت قلبي علىٰ دينك»، قال: «إنَّ الله مقلِّب القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول لك: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي علىٰ دينك».
وينبغي تمثّل حالة الغريق _ الذي فقد الأمل بالحياة، وكان علىٰ استعداد للتمسّك بأيّ شيء ينقذه من الهلاك _ عند قراءة هذا الدعاء، حتَّىٰ يؤتي الدعاء ثمرته.
النقطة الرابعة: الشعور بالألم الحاصل من الغيبة:
لا شكَّ أنَّ لغيبة الإمام المهدي فوائد مهمَّة تربوية وعقائدية بل وسياسية، لكن يبقىٰ جانب الألم والمصيبة بارزاً فيها، إذا التفتنا إلىٰ:
1 _ أنَّ غيبة الإمام مانعة من وصول عموم شيعته إليه، والانقطاع عن الحبيب من أقسىٰ أنواع الألم، يقول الإمام الرضا: «كم من حرّىٰ مؤمنة، وكم من مؤمن متأسف حرّان حزين عند فقدان الماء المعين»، والماء المعين هو الإمام المهدي .
من هنا، جاء دعاء الندبة ليفصح في بعض فقراته عن الألم الناجم عن هذه الغيبة، حيث يقول الموالي:
«لَيْتَ شِعْرِي أيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوىٰ، بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرىٰ، أَبِرَضْوىٰ أَوْ غَيْرِها أَمْ ذِي طُوىٰ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرىٰ الخَلْقَ وَلَا تُرىٰ، وَلَا أَسْمَعُ لَكَ حَسِيساً وَلَا نَجْوىٰ، عَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحِيطَ بِكَ دُونِيَ البَلْوىٰ، وَلَا يَنالُكَ مِنِّي ضَجِيجٌ وَلَا شَكْوىٰ، بِنَفْسِـي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا، بِنَفْسِـي أَنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنّا، بِنَفْسِـي أَنْتَ أُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّىٰ، مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا...».
2 _ عدم الإذن له بإجراء أحكام الدين والحقوق والحدود، خصوصاً مع رؤيته حقوقه نهباً وتراثه سلباً، كما كان حال آبائه الطاهرين من قبل.
عن حنان بن سدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر ، قال: قال: «يا عبد الله، ما من عيد للمسلمين أضحىٰ ولا فطر إلَّا وهو يُجدّد لآل محمّد فيه حزناً»، قلت : ولِـمَ ذاك؟ قال: «لأنَّهم يرون حقّهم في يد غيرهم».
3 _ أنَّ أعداء الدين استغلوا غيبة حامي الشـريعة ليبثّوا شبهاتهم وشكوكهم في أذهان العامَّة، خصوصاً فيما يتعلَّق بالرجوع إلىٰ وكلاء الإمام المهدي العامّين، أقصد علماء الدين من أتباع آل محمّد ،رغم أنَّهم هم من أمرنا أهل البيت عموماً والمهدي خصوصاً بالرجوع إليهم وأخذ معالم ديننا فيما لو لم نصل إليهم منهم رضوان الله عليهم.
عن علي بن أبي المغيرة، عن عميرة بنت نفيل، قالت: سمعت الحسين بن علي يقول: «لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتَّىٰ يبرأ بعضكم من بعض، ويتفل بعضكم في وجوه بعض، ويشهد بعضكم علىٰ بعض بالكفر، ويلعن بعضكم بعضاً». فقلت له: ما في ذلك الزمان من خير؟ فقال الحسين : «الخير كلّه في ذلك الزمان، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كلّه».
4 _ إنَّ الإمام المهدي بحكم ولايته التكوينية، وعلمه الواسع، مطَّلع علىٰ أعمال العبد عموماً وشيعته خصوصاً، وبالتالي فإنَّه يتألَّم كثيراً إذا ما صدرت بعض الذنوب _ وما أكثرها _ من العباد عموماً وشيعته خصوصاً.
إنَّ هذا الأمر دعوة عامَّة وصريحة إلىٰ العمل علىٰ إدخال السـرور علىٰ قلب الإمام المهدي باتّخاذ عمل الصالحات منهجاً عملياً يومياً، وعدم إدخال الحزن والألم علىٰ قلبه باجتراح المعاصي، خصوصاً وإنَّ اجتراحها يعني معاونة الظالمين في العمل علىٰ تأجيل وتأخير الظهور المبارك.
وأنت مخيَّر، بين إدخال السرور علىٰ قلب مولاك أو الحزن.
حكِّم عقلك، واخرج بنتيجة.
دمتم في رعاية الباري ، مؤسسة البرهان المبين