( 29 سنة ) - العراق
منذ سنتين

تفسير ايه

سلام عليكم ما معنى الايه الكريمه ( يا أيها الانسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) ما معنى كادح وكدحا في الايه المباركه وشكرا لكم


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٢٠ - الصفحة ٥٦-٥٧: " الكدح ": - على وزن مدح - السعي والعناء الذي يخلق أثرا على الجسم والروح، ويقال: ثور فيه كدوح، أي آثار من شدة السعي. وجاء في (تفسير الكشاف) و (روح المعاني) و (تفسير الفخر الرازي): الكدح: جهد النفس في العمل والكد فيه حتى يؤثر فيها، من كدح جلده: إذا خدشه. والآية تشير إلى أصل أساسي في الحياة البشرية، فالحياة دوما ممزوجة بالتعب والعناء، وإن كان الهدف منها الوصول إلى متاع الدنيا، فكيف والحال إذا كان الهدف منها هو الوصول إلى رضوان الله ونيل حسن مآب الآخرة؟! فالحياة الدنيا قد جبلت على المشقة والتعب والألم، حتى لمن يرفل بأعلى درجات الرفاه المادي. وما ذكر " لقاء الله " في الآية إلا لتبيان أن حالة التعب والعناء والكدح حالة مستمرة إلى اليوم الموعود، ولا يتوقف إلا بانتهاء عجلة حياة الدنيا، ولا فرق في توجيه معنى " اللقاء " سواء كان لقاء يوم القيامة والوصول إلى عرصة حاكمية الله المطلقة، أو بمعنى لقاء جزاء الله من عقاب أو ثواب، أو بمعنى لقاء ذاته المقدسة عن طريق الشهود الباطني. نعم، فراحة الدنيا لا تخلو من تعب، والراحة الحقة.. هناك، حيث ينعم الإنسان بين فيافي جنان الخلد. وكان نداء الآية مخاطبا عموم " الإنسان "، ليشير إلينا بأن الله عز وجل قد وضع القدرة والقوة اللازمة لهذه الحركة الإلهية المستمرة في وجود وتكوين هذا المخلوق، والذي جعل من أشرف المخلوقات قاطبة. واستعمال كلمة " رب " فيه إشارة إلى ثمة ارتباط ما بين سعي وكدح الإنسان من جهة وذلك البرنامج التربوي الذي أعده الخالق لمخلوقه في عملية توجيه الإنسان نحو الكمال المطلق من جهة أخرى. نعم، فمشوار حركة الوجود قد بدأ من العدم، والأقدام سائرة في خطوها صوب لقاء الله، شاء ذلك الموجود أم أبى. وقد تحدثت لنا آيات قرآنية أخرى عن السير التكاملي المستمر للمخلوقات نحو خالقها سبحانه وتعالى، ومنها. الآية (42) من سورة النجم: وأن إلى ربك المنتهى. والآية (18) من سورة فاطر: وإلى الله المصير.. بالإضافة إلى آيات مباركات اخر. وإلى ذلك المطاف، ستنفصل البشرية إلى فريقين: فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا، وينقلب إلى أهله مسرورا. فالذين ساروا على هدي المخطط الرباني لحركة الإنسان على الأرض، وكان كل عملهم وسعيهم لله دائما، وكدحوا في السير للوصول إلى رضوانه سبحانه، فسيعطون صحيفة أعمالهم بيمينهم، للدلالة على صحة إيمانهم وقبول أعمالهم والنجاة من وحشة ذلك اليوم الرهيب، وهو مدعاة للتفاخر والإعتزاز أمام أهل المحشر. وحينما توضع أعمال هؤلاء في الميزان الإلهي الذي لا يفوته شئ مهما قل وصغر، فإنه سبحانه وتعالى: سييسر حسابهم، ويعفو عن سيئاتهم، بل ويبدل لهم سيئاتهم حسنات.

1