( 16 سنة ) - العراق
منذ سنتين

انواع الامل

السلام عليكم هناك مقوله في نهج البلاغه تقول ( واعلموا ان الأمل يُسهي العقل ويُنسي الذكر فأكذبوا الأمل فإنه غرور وصاحبه مغرور ) هل المقوله للأمام علي يبدو انه ينهانا عن الأمل ان كانت له ونحن عندما كنا اطفال بالمدرسه دوما يحفزونا بالأمل وكنا نكتب عنه كثيراً في المدرسه


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته نذكر لكم انواع الامل حتى يتضح لكم المذموم منه و الممدوح في الاسلام: ١- الأمل الإيجابي : الأمل مفهوم يتعلّق بالمستقبل إمّا الأخروي أو الدنيوي. فإن تعلّق بالآخرة، فهو يدعو إلى الإصلاح والتطوير، فالأمل برحمة الله تعالى يدعو إلى العمل، بينما اليأس من رحمة الله يعطِّل الحياة، لذا كان هذا اليأس من كبائر الذنوب. والأمل المطلوب في رحمة الله يجب أن لا يوصل إلى الركون والأمن بحيث لا يخاف عمله، فإنّه يعطِّل التطوّر والتكامل أيضًا. وإن تعلّق بالمستقبل الدنيوي، فهو أيضًا ضروريّ لاستمرار الحياة، بل هو وقودها، فبدون أمل بالمستقبل لا أتعلَّم ولا أتزوج ولا أعمل... لذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله: "الأمل رحمة لأمتي، ولولا الأمل ما أرضعت أمّ ولدها، ولا غرس غارس شجرًا ٢- الأمل المخادع: يميّز الإمام زين العابدين عليه السلام بين الآمال في دعائه: "اللهم ربَّ العالمين... أسألك من الآمال أوفقها" وقد قال عليه السلام "أوفقها"، لأن هناك نوعًا من الآمال يدخل في الدائرة السلبية حينما يمنّي الإنسان نفسه أن يطول عمره في الدنيا، فيبعده ذلك عن التفكير في الآخرة، وهذا ما يفقده ذلك التوازن الذي عبَّر عنه في الروايه "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا" وبالتالي فإنَّ طول هذا الأمل يؤدّي إلى سوء عمل الإنسان، وهذا ما أرشد إليه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: "من طال أمله ساء عمله" وهذا الأمل هو الذي حذّرت منه الآية ﴿وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ﴾ وهو أيضًا الذي وصفه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله الوارد عنه: "يهرم ابن آدم ويشبّ فيه اثنتان: الحرص وطول الأمل" ٣- طول الأمل : إنّ طول الأمل هو مصطلح للأمل الذي يقود الإنسان بعد أن يضعف العقل في دفَّة القيادة، وبالتالي يكون قائده الهوى، بدل العقل، وهذا ما أرشد إليه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله في دعائه: "... وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمنى، فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى؟" إنّ قيادة الأمل هذه تمنّي الإنسان بسعادة موهومة تمنعه من التكامل، وتنحو به نحو التسافل، فتوسوس له: اسرق، فستعيش بعد ذلك مرتاحًا بقية حياتك. لا تعطِ مالاً للفقراء، لأنك ستعيش طويلاً، وقد تحتاج إلى المال أكثر من غيرك. غُشَّ الناس، فإنّ فائدة ذلك ستعود عليك في مستقبلك، دون أن يشعر أحد بذلك... إنّها قيادة الأمل الذي كان يستعيذ منه الإمام الصادق عليه السلام في دعاء عرفة بقوله: "أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة، ومن حياةٍ تمنع خير الممات، ومن أمل يمنع خير العمل" نذكر لكم بعض آثار طول الأمل : إنّ طول الأمل من خلال قيادته بدل العقل، له آثار حذّر منها الإمام علي عليه السلام بقوله: "إنّ الأمل: 1- يذهب العقل، 2- ويكذب الوعد، 3- ويحثّ على الغفلة، 4- ويورث الحسرة" إنّها آثار الأمل السلبي، القائد للإنسان في مسيرته، مقابل الأمل الإيجابي الذي يتحرّك، ولجامه بيد سلطان العقل وقيادته. ٤- الأمل بالله تعالى : بلحاظ هذين النوعين من الأمل الإيجابي والسلبي أراد الله تعالى أن يصوّب بوصلَة الإنسان نحو الكمال الحقيقيّ، وبوصلة المجتمع الإنساني نحو تطوّرِه ورقيّه من خلال عقد الأمل على الله تعالى، وقطعه عن غيره، عندها سيُدرك بركات المدد والتسديد والمواكبة، وقد عرض القرآن الكريم نماذج من الأنبياء الآملين، منها: 1- نبيّ الله ابراهيم عليه السلام ذو الـ 120 سنة، وزوجته ذات الـ 90 سنة حينما جاءته الملائكة ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ * قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ ﴾ 2- نبيّ الله زكريا عليه السلام، وهو في الـ 99 عامًا وامرأته في 98 عامًا. ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * َرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ 3- نبيّ الله يعقوب عليه السلام حيث بقي أمله بيوسف عليه السلام بعد سنوات طوال. حتّى قيل له بتعجّب واعتراض: ﴿ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ﴾ 4- نبيّ الله أيوب عليه السلام حيث بقي أمله بالشفاء ثمانية عشر سنة، فدعا عليه السلام بعدها: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ إنّه الأمل بالله الذي تبقى شعلته مضيئة بوقود الإيمان. أمّا من ينحرف بأمله عن الله تعالى، فإنه سيصل في آخر الطريق إلى اليأس. من هنا ورد عن الإمام علي عليه السلام: "انقطع إلى الله سبحانه، فإنّه يقول: "وعزّتي وجلالي، لأقطعن أمل كلِّ من يؤمِّل غيري باليأس"

5