ضياء آل رعد ( 21 سنة ) - العراق
منذ سنتين

النبي عيسئ

هل فعلاً حصلت معجزة مع المسيح و هو تغيير الماء الى الخمر؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، مرحبًا بك ايها السائل الكريم ، نشكر تواصلك معنا أولى القرآن الكريم احتراماً بالغاً للسيد المسيح عليه السلام وتحدث عنه في سور متعددة (من قبيل سورة البقرة وآل عمران والمائدة وبعض السور الاخرى‏) ، وأشار إليه بكونه أحد أنبياء أولي العزم (صاحب شريعة وكتاب سماوي) وله معجزات كثيرة ، نقرأ في قوله تعالى‏ : {وَيُعَلِّمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتَّورَاةَ وَالإِنجِيلَ* وَرَسُولًا الَى‏ بَنِى اسْرَائِيلَ انِّى قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُم انِّى اخْلُقُ لكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيْرِ فَانْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيراً بِاذنِ اللَّهِ وَابرِىُ الأَكمَهَ وَالأَبرَصَ وَاحِي المَوتَى‏ بإذن اللَّهِ وأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِى بِيُوتِكُم انَّ فِى ذَلِكَ لَآيةً لَّكُم انْ كُنْتُم مُّؤمِنيِنَ}. (آل عمران/ 48- 49) وبناء على‏ ذلك تشكل المعاجز الأربع من (خلق الطير) و(شفاء المرضى الميؤوس من معالجتهم) و(إحياء الأموات) و (الإخبار عن الغيب) (التي كانت تتحقق بإذن اللَّه) عظمة معاجز السيد المسيح عليه السلام (وفقاً لبيان القرآن). وفي موضع آخر يعد نزول المائدة السماوية (طعام الجنّة) إحدى معاجز المسيح عليه السلام وذلك في (سورة المائدة آية 115) نظراً إلى‏ اعتبار المسائل المعقولة والمقبولة من المعاجز بصورة عامة ، والآن لنلقي نظرة على‏ ما تقوله (الأناجيل) في هذا المجال ، ففي الباب الثاني من «انجيل يوحنا» الأنجيل الرابع من الأناجيل الأربعة ورد هذا المعنى : «وفي اليوم الثالث كان في قاناي الجليل (أحد مدن بيت المقدس) عرس ، وكانت ام يسوع هناك فدعي يسوع وتلاميذه إلى‏ العرس ونفذت الخمر ، فقالت له امه : ما بقي عندهم خمر ، فأجابها : ومالي ولك يا امرأة ما جاءت ساعتي بعد ، فقالت امه للخدم : اعملوا ما يأمركم به. وكان هناك ستة جرات من حجر يتطهر اليهود بمائها على عادتهم ، يسع كل واحد منها مقدار مكيالين أو ثلاثة ، فقال يسوع للخدم : املأوا الجرات بالماء فملأوها حتى‏ فاضت فقال لهم : استقوا الآن وناولوا رئيس الوليمة ، فناولوه فلما ذاق الماء الذي صار خمرا ، وكان لا يعرف من أين جاءت الخمر ، لكن الخدم الذين استقوا منه كانوا يعرفون ، دعا العريس‏ وقال له : جميع الناس يقدمون الخمر الجيد أولًا ، حتى‏ إذا سَكَر الضيوف ، قدموا إليهم الخمر الردي‏ء ، أما انت فأخرت الخمر الجيد إلى‏ الآن» يستشف من هذه القصة النكات التالية : 1- لما دخل السيد المسيح مع امّه مريم عليهما السلام إلى‏ محفل العرس ونفذت المشروبات الخمرية ، أقدم وبإيعاز من امه على‏ خلق المعجزة ، وأبدل ست جرات ممتلئة بالماء إلى‏ خمور صافية ، بحيث إنّ الطعم اللذيد لها استهوى على‏ أفئدة الحاضرين. 2- هذه هي المعجزة الاولى‏ من نوعها للمسيح عليه السلام والتي تحققت بإيعاز من أمه. 3- عظم شأن السيد المسيح وجلَّ قدره من خلال هذه المعجزة (تبديل الماء إلى‏ خمر) ممّا أدى‏ ذلك إلى‏ إيمان تلامذته به. لطريف هنا أنّ أهالي مدينة قاناي الجليل ، لم يبرحوا يصنعون جرات المياه ويبيعوها للزوار والسياح احتفاء بذكرى‏ جرات الخمر التي حدثت بإعجاز السيد المسيح عليه السلام. و ممّا لا شك فيه أنّ هذه هي اسطورة من الأساطير المفتعلة والكاذبة المنسوبة إلى‏ هذا النبي العظيم ، ولا يخفى على‏ أحد ما للخمر من قبح واضرار غير قابلة للحصر ، وقد منعت وحرمت في كافة الأديان السماوية ، حتى‏ أنّه سبق التصريح بها في نفس الكتب المقدّسة لليهود والنصارى ، كما ورد ذم الخمر بلهجة شديدة في كتاب «أمثال سليمان» إذ يقول هناك : «لمن الويل لمن الشقاوة لمن المخاصمات لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن ازمهرار العينين ، للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج ، لا تنظر إلى‏ الخمر إذا إحمّرت حين تظهر حبابها في الكأس وساعت مرقوقة وفي الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأقحوان» يفهم من هذه العبارة جيدا أنّ مفاسد الخمرة كثيرة جدّاً فهي السبب الأساسي لكل الالام‏ الجسدية والهموم النفسية والفكرية والمنازعات والمصادمات والاختلافات الاجتماعية ، وهي من عوامل شقاء الإنسان وبؤسه ، وتفعل فعلها في وجود البشر كسم الحية وهي مبرر كاف على‏ انعدام العفة والسقوط في وحل الانحرافات الجنسية السيئة والوقوع في شرك أنواع التخيلات والابتلاءات التي طرحت في هذه العبارات بشكلٍ واضح جدّاً. ونقرأ في موضع آخر من كتاب «أمثال سليمان» هذه العبارة : الخمرة المستهزئة (وهي التي تدعو الإنسان إلى‏ أن يقوم بحركات ويتحدث بكلمات تفضي إلى‏ الاستهزاء والسخرية) والمسكرات الصاخبة (وهي التي تسبب المنازعات والمخاصمات) وكل من يقع في أسره لا يصبح حكيماً كما ونقرأ في الفصل 28 من كتاب اشعياء هذه العبارة أيضاً : «أما هؤلاء (إشارة إلى‏ مجموعة من المنحرفين) فقد ضلوا طريقهم وفقدوا صوابهم بفعل الخمر والمسكرات أيضاً». وجاء في موضع آخر من نفس الكتاب هذا المعنى : «الويل لُاولئك الذين استعانوا بشرب الخمرة على الغلبة وبمزج المسكرات على القوة» ، أي أنّ قواهم تتحرك من خلال شرب الخمرة وتستعد للنزاع. وجاء في كتاب هو شيع (من التوراة) : «إنّ الزنا والخمر وعصير العنب «بصورته المسكرة» كل منهم يؤدّي إلى‏ ضعف القلب» يتضح من هذه العبارات جيداً أنّ المعوّل في حرمة الخمر ليس كونها من المشروبات العادية إنّما لكونها من المائعات المسكرة التي تلحق الضرر بالجسم والروح الإنسانية وتؤدي إلى‏ الضياع والشقاء. بناء على‏ هذا أليس من المخجل أن يقال إنّ المعجزة الاولى‏ للسيد المسيح عليه السلام التي ظهرت في مدينة قاناي الجليل تبلورت في التحول الذي طرأ ببركته على‏ عدّة ظروف كبيرة ممتلئة بالماء إلى‏ خمور صافية ، وعندما نقارن ذلك مع المعاجز القرآنية للسيد المسيح يتضح لنا مدى الفاصلة بين التواريخ المختلفة في ذهن البشر وبين التاريخ الواقعي الناشي‏ء من طريق الوحي. دمتم في رعاية الباري ، مؤسسة البرهان المبين

1