( 31 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

ترتيب الايات

ماسبب وجود سورة الفاتحة في بداية الكتاب الكريم بدل سورة العلق من حيث التنزيل؟


في ترتيب السور ثلاثة أقوال: الأول: أنها رتبت في عصر النبي صلى الله عليه وآله. الثاني: أنها رتبت بالاجتهاد بعده. الثالث: أن كثيرا من السور قد علم ترتيبها في حياته كالسبع الطوال والحواميم والمفصل، وما سوى ذلك يمكن أن يكون قد فوض الأمر فيه إلى الأمة كما نقل عن ابن عطية… والذي نختاره هو القول الأول، وقد نسبه في الإتقان إلى جماعة منهم: القاضي في أحد قوليه، وأبو بكر الأنباري، والكرماني في البرهان، والطيبي. وقال في الإتقان: قال الزركشي في البرهان: فالخلاف بين الفريقين لفظي، لأن القائل بالثاني (أي بالاجتهاد بعده صلى الله عليه وآله) يقول: إنه رمز إليهم ذلك. وأما دليلنا أن العقل والاعتبار يدلان على أنه لا يجوز التسامح في أمر القرآن المعجز الخالد، حتى في ترتيب سوره، بأن يوكل الرسول صلى الله عليه وآله أمر ترتيبه إلى غيره من الصحابة، فيؤلفونه حسب أهوائهم واجتهاداتهم، وهل هذا إلا إلقاء للأمة التي يختلف أفرادها اختلافا شديدا في الفهم والذوق إلى مزالق الخلاف والتشتت. وعن ابن الأنباري :أن اتساق السور كاتساق الآيات والحروف، كله من النبي صلى الله عليه وآله، فمن قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن. وتشهد لما ذكرناه عدة أحاديث ذكرها في الإتقان، وهي 1- ما عن ابن أشتة في كتاب المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال قال: قد سمعت ربيعة يسأل: لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة، وإنما أنزلتا بالمدينة؟ فقال: قدمتا وا لف القرآن على علم ممن ألفه به، ومن كان معه فيه، واجتماعهم على علمهم بذلك، فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه 2- ما رواه الحاكم عن زيد بن ثابت قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله نؤلف القرآن من الرقاع. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه فالمستفاد من هذا الحديث هو أن القرآن كان متفرقا في الرقاع، وأن زيدا ومن معه كانوا يجمعون القرآن في مصحف واحد، وهو عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وواضح أن التأليف يستلزم الترتيب، فإذا كان الترتيب عند الرسول صلى الله عليه وآله فالترتيب عنه أيضا وبأمره. ويدل على ذلك اتفاق الأمة، وقبول الصحابة ومن بعدهم لهذا الترتيب الموجود، حتى فيما قبل عثمان، لأن عثمان لم يفعل في القرآن إلا أنه أمر بكتابته على قراءة واحدة، وحمل الناس عليها، ثم أحرق سائر المصاحف، أما الترتيب فإنما حصل بأمر النبي صلى الله عليه وآله.…

1