Songul Mustafa ( 45 سنة ) - كندا
منذ 4 سنوات

ما هو تعريف امر بالمعروف و النهي عن المنكر


حسب رأي السيد السيستاني

إنّ من أعظم الواجبات الدينيّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾. روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم ‏تأمروا بالمعروف ولم ‏تنهوا عن المنكر ) فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ قال (صلّى الله عليه وآله): (نعم) فقال: ( كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، و نهيتم عن المعروف؟) فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ فقال: (نعم، وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟). وقد روي عنهم (عليهم السلام): (أنّ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقام الفرائض، وتأمن المذاهب، وتحلّ المكاسب، وتمنع المظالم، وتُعمَّر الأرض، وينتصف للمظلوم من الظالم، ولا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البرّ، فإذا لم ‏يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلّط بعضهم على بعض، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء). يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع كون المعروف واجباً والمنكر حراماً، ووجوبه عندئذٍ كفائيّ يسقط بقيام البعض به، نعم وجوب إظهار الكراهة قولاً أو فعلاً من ترك الواجب أو فعل الحرام عينيّ لا يسقط بفعل البعض، وعن أمير المؤمنين (علىه السلام) قال: أمرنا رسول الله (صلّى الله علىه وآله) أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مُكْفَهِرَّة). إذا كان المعروف مستحبّاً يكون الأمر به مستحبّاً، فإذا أمر به كان مستحقّاً للثواب، وإن لم‏ يأمر به لم يكن عليه إثم ولا عقاب. ويلزم أن يُراعى في الأمر بالمستحبّ أن لا يكون على نحو يستلزم إيذاء المأمور أو إهانته، كما لا بُدَّ من الاقتصار فيه على ما لا يكون ثقيلاً عليه بحيث يزهّده في الدين، وهكذا الحال في النهي عن المكروه. ويشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب، وفي النهي عن المنكر أُمور : الأوّل: معرفة المعروف والمنكر ولو إجمالاً، فلا يجب الأمر بالمعروف على الجاهل بالمعروف، كما لا يجب النهي عن المنكر على الجاهل بالمنكر، نعم قد يجب التعلّم مقدّمة للأمر بالأوّل والنهي عن الثاني. الثاني: احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، وانتهاء المنهيّ عن المنكر بالنهي، فإذا لم‏ يحتمل ذلك، وعلم أنّه لا يبالي بالأمر أو النهي ولا يكترث بهما فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى علىهم) أنّه لا يجب عليه شيء تجاهه، ولكن لا يترك الاحتياط بإظهار الكراهة فعلاً أو قولاً لتركه المعروف أو ارتكابه المنكر ولو مع عدم احتمال الارتداع به. الثالث: أن يكون تارك المعروف أو فاعل المنكر بصدد الاستمرار في ترك المعروف وارتكاب المنكر، فإذا كانت أمارة على ارتداع العاصي عن عصيانه لم يجب شيء، بل لا يجب بمجرّد احتمال ذلك احتمالاً معتدّاً به، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً واحتمل كونه منصرفاً عنه أو نادماً عليه لم يجب شيء تجاهه، ولو عرف من الشخص عزمه على ارتكاب المنكر أو ترك المعروف ولو لمرّة واحدة وجب أمره أو نهيه قبل ذلك. الرابع: أن يكون المعروف والمنكر منجّزاً في حقّ الفاعل، فإن كان معذوراً في فعله المنكر أو تركه المعروف لاعتقاد أنّ ما فعله مباح وليس بحرام أو أنّ ما تركه ليس بواجب وكان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع أو الحكم اجتهاداً أو تقليداً لم يجب شيء تجاهه، وكذا إذا لم يكن معذوراً في فعله وذلك في بعض الموارد كما إذا عجز عن الجمع بين امتثال تكليفين بسوء اختياره وصرف قدرته في امتثال الأهمّ منهما فإنّه لا يكون معذوراً في ترك المهمّ وإن كانت وظيفته عقلاً الإتيان بالأهمّ انتخاباً لأخفّ القبيحين بل والمحرّمين. هذا ولو كان المنكر ممّا لا يرضى الشارع بوجوده مطلقاً كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك فلا بُدَّ من الردع عنه ولو لم ‏يكن المباشر مكلّفاً فضلاً عمّا إذا كان جاهلاً بالموضوع أو بالحكم. الخامس: أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على الآمر في نفسه أو عرضه أو ماله بالمقدار المعتدّ به، وكذا لا يلزم منه وقوعه في حرج لا يتحمّل عادةً، فإذا لزم الضرر أو الحرج لم يجب عليه ذلك إلّا إذا أحرز كونه بمَثابة من الأهمّيّة عند الشارع المقدّس يهون دونه تحمّل الضرر أو الحرج، ولا فرق فيما ذكر بين العلم بلزوم الضرر أو الظنّ به أو الاحتمال المعتدّ به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف. وإذا كان في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر خوف الإضرار ببعض المسلمين في نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به سقط وجوبه، نعم إذا كان المعروف والمنكر من الأُمور المهمّة شرعاً فلا بُدَّ من الموازنة بين الجانبين بلحاظ قوّة الاحتمال وأهمّيّة المحتمل، فربّما لا يحكم بسقوط الوجوب به.

1