logo-img
السیاسات و الشروط
( 27 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير سورة غافر

ما تفسير هذه الاية من سورة غافر بسم الله الرحمن الرحيم قالو ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل؟


جاء في كتاب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ١٥ - الصفحة ٢١٠-٢١٣: عندما يشاهد المجرمون أوضاع يوم القيامة وأهوالها، ويرون مشاهد الغضب الإلهي حيالهم، سينتبهون من غفلتهم الطويلة ويفكرون بطريق للخلاص، فيعترفون بذنوبهم ويقولون: قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل. عندما تزول حجب الغرور والغفلة، وينظر الإنسان بالعين الحقيقية، فلا سبيل عندها سوى الاعتراف بالذنوب! إن هؤلاء كانوا يصرون على إنكار المعاد، ويستهزئون بوعيد الأنبياء لهم، ولكن بعد توالي الموت والحياة لا يبقى مجال للإنكار، وقد يكون سبب تكرارهم للموت والحياة، أنهم يريدون القول: يا خالقنا الذي تملك الموت والحياة، أنت قادر على أن تعيدنا إلى الدنيا مرة أخرى كي نعوض ما مضى. * * * ذكر المفسرون عدة تفاسير حول المقصود من قوله تعالى: أمتنا اثنتين وأحيينا اثنتين ومن بين هذه التفاسير هناك ثلاثة آراء نقف عليها فيما يلي: أولا: أن يكون المقصود من أمتنا اثنتين هو الموت في نهاية العمر، والموت في نهاية البرزخ. أما المقصود من أحييتنا اثنتين فهي الإحياء في نهاية البرزخ والإحياء في القيامة. ولتوضيح لذلك، نرى أن للإنسان حياة أخرى بعد الموت تسمى الحياة البرزخية، وهذه الحياة هي نفس حياة الشهداء التي يحكي عنها قوله تعالى: بل أحياء عند ربهم يرزقون ، وهي نفس حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة من أهل البيت (عليهم السلام)، حيث يسمعون سلامنا ويردون عليه. وهي أيضا نفس حياة الطغاة والأشقياء كالفراعنة الذين يعاقبون صباحا ومساء بمقتضى قوله تعالى: النار يعرضون عليها غدوا وعشيا . ومن جانب آخر نعرف أن الجميع، من الملائكة والبشر والأرواح، ستموت في نهاية هذا العالم مع أول نفخة من الصور: فصعق من في السماوات ومن في الأرض . ولا يبقى أحد سوى الذات الإلهية (بالطبع على خلاف ما أوضحناه في نهاية الآية (86) من سورة الزمر بين موت وحياة الملائكة والأرواح، وبين موت وحياة الإنسان). وعلى هذا الأساس فإن هناك حياة جسمانية وحياة برزخية، ففي نهاية العمر يحل الموت بحياتنا الجسمانية، لكن في نهاية العالم يحل بحياتنا البرزخية. يترتب على ذلك أن تكون هناك حياتان بعد هذين الموتتين: حياة برزخية، وحياة في يوم القيامة. يترتب على ذلك أن تكون هناك حياتان بعد هذين الموتتين: حياة برزخية، وحياة في يوم القيامة. وهنا قد يطرح البعض هذا السؤال: إننا في الواقع نملك حياة ثالثة هي حياتنا في هذه الدنيا، وهي غير هاتين الحياتين، وقبلها أيضا كنا في موت قبل أن نأتي إلى هذه الدنيا، وبهذا سيكون لدينا ثلاث موتات وثلاثة إحياءات. ولكن الجواب يتوضح عند التدقيق في نفس الآية، فالموت قبل الحياة الدنيا (أي في الحالة التي كنا فيها ترابا) يعتبر " موتا " لا " إماتة " وأما الحياة في هذه الدنيا فالبرغم من أنها مصداق للإحياء، إلا أن القرآن لم يشر إلى هذا الجانب في الآية أعلاه، لإن هذا الإحياء لا يشكل عبرة كافية بالنسبة للكافرين، إذ الشئ الذي جعلهم يعون ويعترفون بذنوبهم هو الحياة البرزخية أولا، والحياة عند البعث ثانيا. ثانيا: إن المقصود بالحياتين، هو الإحياء في القبر لأجل بعض الأسئلة، والإحياء في يوم القيامة، وإن المقصود بالموتتين، هما الموتة في نهاية العمر، والموتة في القبر. لذلك اعتبر بعض المفسرين هذه الآية دليلا على الحياة المؤقتة في القبر. ثالثا: إن المقصود بالموتة الأولى، هو الموت قبل وجود الإنسان في هذه الدنيا، إذ أنه كان ترابا في السابق، لذا فإن الحياة الأولى هي الحياة في هذه الدنيا، والموت الثاني هو الموت في نهاية هذا العالم، فيما الحياة الثانية هي الحياة عند البعث. والذين يعتقدون بهذا التفسير يستدلون بالآية (28) من سورة " البقرة " حيث قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون. إلا أن الآية التي نبحثها تتحدث عن إماتتين، في حين أن آية سورة البقرة تتحدث عن حياة واحدة وإماتة واحدة (1). يتضح من مجموع التفاسير الثلاثة هذه أن التفسير الأول هو الأرجح.

2