logo-img
السیاسات و الشروط
( 21 سنة ) - الأردن
منذ 3 سنوات

الحديث الحسن

السلام عليكم تم تكليفي أن اقوم ببحث علمي عن الانتقادات الموجهة للترمذي لتعريفه للحديث الحسن ما هم الانتقادات الله يجزيكم الخير


عليكم السلام ورحمة الله وبركاته اختلف علماء الدراية في تعريف "الحديث الحسن"، كما تجاوز بعضهم الأصول المنطقية للتعريف الصحيح، فتسبب ذلك في تداخله مع غيره من الأنواع الأخرى، مما حدا بابن الصلاح (ت ٦٤٣ هـ) إلى أن يقول تعقيباً على تعريف أبي سليمان الخطابي وأبي عيسى الترمذي وغيرهم: "كلّ هذا مستبهم لا يشفي الغليل، وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح" وكل الخطابي قد عرف الحديث الحسن بأنه: ما عرف مخرجه واشتهر رجاله قال: وعليه مدار اكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله الفقهاء. وأما الترمذي فقد قال: أن لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون حديثاً شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك. وقال آخرون (وقد نسب إلى ابن الجوزي في كتاب الموضوعات): الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل هو الحديث الحسن، ويصلح للعمل به وما يرد على التعريف الأول صدقه على الحديث الصحيح، فيدخل في حدّه، وهذا خلاف شرائط التعريف بالحدّ التام (منطقياً)، إذ ينبغي أن يكون التعريف جامعاً مانعاً، أي مانعاً من دخول الأغيار، وهو ليس كذلك. إضافة إلى أن الحديث الحسن لا يشكل النسبة الغالبة في الأحاديث، وليس بالضرورة أن يقبله أكثر العلماء فما اعتبره المعرف من قيود في حد الحديث الحسن ليست من مقوماته الذاتية ولا من عوارضه، كما أنها ليست قيوداً صالحة لتخصيصه. أما ما يمكن أن يسجل على التعريف الثاني فهو: ١ - أنّه لم يشترط الاتصال في التعريف، فيصدق حينئذٍ على الحديث المنقطع والمرسل. ٢ - إنّ قيد (من لم يتهم بالكذب) الوارد في التعريف يشمل بإطلاقه مجهول الحال، المسكوت عنه، مع أن جهالة حال الراوي من موجبات ضعف الرواية سقوطها عن الاعتبار، فتدخل في قسم الضعيف لا الحسن. والتعريف الثالث يفتقر إلى الدقة الكافية التي تميزه على غيره من أنواع الحديث، إضافة إلى عدم اشتراط الاتصال. التعريف المختار عند المدرسة الأولى: قسم ابن الصلاح الحديث الحسن - على ضوء أقوال من سبقه - إلى قسمين، ثم عمد إلى تعريف وتوضيح كلّ منهما وسوف نوجز ما جاء عنه بالنقاط التالية: القسم الأول من أقسام الحديث الحسن: ١ - لا يخلو رجال سنده من مستور: أي يكون أحد رجال السند أو أكثر مستوراً، مجهول الحال، لم يوثق أو يعدل. ٢ - لم تتحقق أهليته لرواية الحديث. ٣ - ليس مغفلاً أو كثير الخطأ فيما يرويه: ويعرف ذلك بمقارنة ما يرويه بغيره. ٤ - غير متهم بالكذب: أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث. ٥ - أن يعرف حديثه: كأن يروي مثله أو نحوه من وجه آخر، أو أكثر. ٦ - ليس ما يرويه شاذاً ولا منكراً. القسم الثاني: ١ - أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة. ٢ - لم يبلغ راويه درجة الصحيح في الحفظ والإتقان لكن لا يعد حديثه منكراً. ٣ - عدم الشذوذ. ٤ - عدم الإعلال. ٥ - أن لا يكون منكراً. ويلاحظ على تعريفي ابن الصلاح للحديث الحسن. ألف - أنّه لم يعتبر قيد الاتصال، فيدخل في التعريف الأول (الضعيف والمرسل والمنقطع الذي في رجاله مستور، وروي مثله أو نحوه من وجه آخر، وعلى الثاني المرسل الذي اشتهر راويه بما ذكر، فإنه كذلك وليس بحسن في الاصطلاح) ب - إنّ توافر الحديث على قرائن الاعتبار (بأي درجة كانت) لا تخرجه عن دائرة اصطلاحه، وإن تغير حكمه فالحديث المرسل (مثلاً) إذا توافر على قرائن تدل على اعتباره أو صحته، لا يخرج عن كونه مرسلاً اصطلاحاً، وإن صار معتبراً أو صحيحاً حكماً. فمصطلح الحديث الحسن كذلك. وهنا ابن الصلاح لم يضع ضابطة تحدد مصطلح لحديث بدقة، ولم يعتمد تعريفاً جامعاً مانعاً له، وأن ما ذكره يمكن أن يُعد بمثابة قرائن لتصحيح عددٍ من أنواع الحديث، وليس الأمر مقتصراً على الحديث الحسن، لاسيما التعريف الأول الذي يصدق عليه (الحسن لغيره). وقد تبع ابن الصلاح في تعريفه للحديث الحسن عدد من علماء الدراية، منهم الحافظ ابن كثير في كتابه "اختصار علوم الحديث" والنواوي في كتابه "التقريب" وغيرهما. ولعل افضل من عرف الحديث الحسن هو ابن حجر في شرح النخبة، عندما حدّ الحديث الصحيح لذاته بقوله: ما نقله عدل تام الضبط متصل الإسناد غير معلل ولاشاذ، ثم قال: "فإن خف الضبط فهو الحسن لذاته" وقد رجح بعضهم هذا التعريف على غيره، وأعاد صياغته بعبارة موجزة، منهم الدكتور صبحي الصالح، قال: "الحديث الحسن: هو ما اتصل سنده بنقل عدل خفيف الضبط، وسلم من الشذوذ والعلة" ومنهم الدكتور نور الدين عتر، قال: "الحديث الحسن: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل عدل خف ضبطه غير شاذ ولا معلل" والمراد بالحسن لذاته: أي الذي بلغ درجة الحسن بذاته لا للقرائن الخارجية. ويعتبر التعريف الأول لابن الصلاح هو تعريف للحديث الحسن لغيره، والتعريف الثاني هو تعريف للحديث الحسن لذاته. وعلى ضوء تعريف ابن حجر يطابق الحديث الحسن الحديث الصحيح في جميع الشرائط عدا درجة الإتقان والضبط.