السلام عليكم . مامعنى قول الامام علي عليه السلام ( ما اصابك لم يكن ليخطئك و ما اخطأك لم يكن ليصيبك) ؟ و ممكن تدلوني لكتاب نهج البلاغة الموثوق
مع جزيل الشكر
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الكلام في بيان مختصر للحديث و مصدره
١- أن الإنسان لا ينجو من الأمور المكروهة بحذقه ومهارته وشدة تحرزه وتوقيه، إنما عليه أن يبذل السبب فحسب، فإن ما قدره الله عليه لابد أن يلحقه، وما لم يكن مكتوباً عليه فلا يمكن أن يقع عليه، فلم تكن نجاة الإنسان حينما نجا من مهلكة واجهته بسبب حذقه ومهارته، وكياسته وما أشبه ذلك، إنما لأن الله لم يقدّر عليه هذا.
والعكس كذلك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، مهما بذلت من الأسباب، وتوقيت فإن ذلك لابد أن يقع بك، وإذا عرف الإنسان هذا المعنى فإنه لا يتحسر بسبب ما ينزل به من الكروب والمصائب، وإنما ليس عليه إلا الصبر، وأن يحتسب عند الله الأجر؛ لأن هذا لا مدفع له، ولهذا قيل: لا يُنجي حذر من قدر، والله يقول: الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [آل عمران:168]، وقال: قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران: 154]، وقال: قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ [الأحزاب:16] فذلك لابد أن يقع في الوقت الذي حدده الله بالكيفية التي قدرها على هذا الإنسان، ولكن الإنسان لا يدري ما قدر الله عليه، وعليه أن يعمل، وأن يبذل الأسباب، فإذا وقع به قدر الله فلا مفر منه، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ [الجمعة:8].
قال: وما أصابك لم يكن ليخطئك؛ لأن الله يقول: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: 22]، من قبل أن نخلقها، وقدّر الله مقادير الخلق…
ولو أن الإنسان استحضر هذا المعنى استحضاراً كاملاً فإنه يحصل له كمال اليقين، وكمال التوكل، وكمال الرضا بما يقدره الله عليه، فما يفوته من المكاسب وما يحصل له من الأوصاب والأنصاب والأوجال والهموم والمصائب كل ذلك أمر قد قدره الله عليه وفرغ منه، فلا معنى لـ"لو" في مثل هذا المقام
وكل ما تفدم لا ينافي السعي و التوكل على الله تعالى بل كل انسان يسعى ولعد يتغير وضعه نحو الاحسن و الافضل مثلا دفع الصدقه التي تدفع البلاء و غيرها من الامور …
٢- الحديث المنقول في السؤال ينسب الى رسول الله صلى الله عليه واله كما في كتاب بحار الانوار ( بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢ - ص ١٥٤ ) نقلًا عن كتاب الخصال للشيخ الصدوق