"انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون" الحجر 9 المتكلم ( الله ) يؤكد شخصيته ويقول: ( انا - نحن - نزلنا )
ولكن من هو المتكلم هنا القائل :
" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او اخطانا ربنا ولا تحمل علينا اصرا
كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا
به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم
الكافرين .(البقرة 286)
إن كان القرآن كلام الله فلمن يخاطب الله قائلا: ربنا لا
تؤاخذنا ... ربنا لا تحمل علينا ... ربنا ولا تحملنا ... اعف عنا ..
ارحمنا .. انصرنا ؟ ثم يختم كلامه قائلا ( انت مولانا )
اليس هذا كلام ودعاء محمد وعلى لسانه موجه الى ربه ثبته
في القرآن على لسان الله دون أن يدري؟ فهل لازلنا نقول ان
ما جاء بالقرآن هو كلام الله ام كلام محمد ؟
ملاحظه(انا ولدت مسلمه و لكن هذا الكلام قرأته في تعليق في اليوتيوب و نسخته و اريد جواب مقنع)
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بكم اختنا الكريمة في تطبيقكم المجيب
القران الكريم كتاب منزل من الله تعالى على نبيه الكريم وهو كما يحتوي على كلام الله تعالى كذلك يحتوي كلام الأمم السابقة فنجد كلمات على لسان ادم عليه السلام وكلمات على لسان الأمم انفسهم وحواريات مع الأنبياء بل حتى كلمات ابليس وحواره مع الله تعالى وليس فقط ينقل القران كلمات السابقين وما حصل في الازمان السابقة بل ينقل لنا كلمات اهل الجنة واهل النار والقران الكريم فيه الكثير من هذا القبيل وليس في ذلك أي اشكال فان نقل كل هذه الكلمات لا يؤثر على انه من الله تعالى بل يؤكد انه من الله تعالى اذ الاخبار عن الأمور الغائبة عنا سواء السابقة او اللاحقة بشكل آكد هو دليل على ان المتكلم فيها جميعا هو الله تعالى وان هذه القران معجز في اخباراته الغيبية
اما ما يخص الاية الشريفة التي نقلها جنابكم الكريم فقد وردت روايات في بيانها وحتى يتضح الكلام فيها انقل لكم الاية الشريفة مع سابقها :
((آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ)) (البقرة:285-286)
ذكر تفسير القمي فيها بيان الايتين ((واما قوله ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام ان هذه الآية مشافهة الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله ليلة أسرى به إلى السماء ، قال النبي صلى الله عليه وآله انتهيت إلى محل سدرة المنتهى وإذا بورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى كما حكى الله عز وجل فناداني ربي تبارك وتعالى " آمن الرسول بما انزل إليه من ربه " فقلت انا مجيب عني وعن أمتي ( والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير ) فقال الله ( لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) فقلت ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) وقال الله لا أؤاخذك ، فقلت ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) فقال الله لا أحملك ، فقلت ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين ) فقال الله تعالى قد أعطيتك ذلك لك ولامتك ، فقال الصادق ( ع ) ما وفد إلى الله تعالى أحد أكرم من رسول الله صلى الله عليه وآله حيث سأل لامته هذه الخصال))(تفسير القمي، علي بن ابراهيم، ج1/ص95).
فاتضح ان هذا الكلام هو حوار بين الله تعالى ونبيه في الاسراء والمعراج والله عز وجل اثبته في القران كي يعلم الناس عظيم الرحمة الإلهية وكيف ان نبيه الخاتم هو رحمة للعالمين.
ويمكن حمل الايات التي من هذا القبيل على تعليم طريقة الدعاء وتقدير كلمة (قولوا) وهذا شيء بحد نفسه مقبول في القران الكريم فهو كتاب هداية بكل معنى الكلمة حتى على مستوى الهداية الى الادب الارفع في الكلام مع الله تعالى ودعائه والتقدير في الكلام ليس شيئا عزيزا فهو كثير وهو من موارد البلاغة ان يحذف الكلمة الواضحة وكانها موجودة في الكلام كما في قول اخوة يوسف : ((وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ)) (يوسف:82) فان القرية لا تسأل ولا الحيوانات – هي الجمال في الاية الشريفة – ولكن التقدير (وسئل اهل القرية واصحاب الجمال التي اقبلنا فيها) وهذا كثير وليس بعزيز
فاذا اتضح ذلك نقول انه يمكن حمل الاية الشريفة على تقدير محذوف لم يذكره لوضوحه فيكون المعنى هو (قولوا ربنا لا تؤاخذنا ... المزید.).
فهذا او ذاك او غيرهما من الوجوده في بيان عظمة القران كل هذا يؤكد اعجاز القران الكريم وليس يمكن ان يأتي شخص لا معرفة له ببلاغة العرب ولم يطلع على تفاصيل الايات وأسباب نزولها ان يأتي ويحكم رايه ويبدا بالتنظير المعوج الذي يفتقر الى ابسط الموازين العلمية.
تحياتي لكم
ودمتم بحفظ الله ورعايته