السَلٱمٌ عـَلـْيگمّ-ۈرحـْمّـٌة ٱللـّہ ﯙبُرگـّاتہ
سؤال عن السيدة زينب عليها السَلٱمٌ ،
لماذا الامام علي عليه السلام خص السيدة زينب ان يكفلها شخص م̷ـــِْن بعد استشهاده م̷ـــِْن دون إخواتها، وكلَ أبا الفضل العباس عليه السلام بل كفاله
هل السيدة زينب تختلف عن أخواتها ام ماذا ؟؟
الجواب : يكون بمقدمه و بعض النقاط :
السيدة زينب حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله)، هي من النساء القلائل ،اللواتي كان لهن دور بارز في الإسلام ،فكانت قد صنعت التاريخ في دنيا الإسلام ، وأقامت صروح الحقّ والعدل، ونسفت قلاع الظلم والجور، وسجّلت في مواقفها المشرّفة شرفاً للإسلام وعزاً للمسلمين على امتداد التأريخ.
لقد أقامت سيّدة النساء صروح النهضة الفكرية، ونشرت الوعي السياسي والديني في وقت تلبّدت فيه أفكار الجماهير، وتخدّرت وخفي عليها الواقع ؛ وذلك من جرّاء ما تنشره وسائل الحكم الاُموي من أنّ الاُمويِّين أعلام الإسلام وحماة الدين وقادة المتّقين، فأفشلت مخطّطاتهم، وأبطلت وسائل إعلامهم، وأبرزت بصورة إيجابية واقعهم الملوّث بالجرائم والموبقات وانتهاك حقوق الإنسان، كما دلّلت على خيانتهم وعدم شرعيّة حكمهم، وأنّهم سرقوا الحكم من أهله، وتسلّطوا على رقاب المسلمين بغير رضاً ومشورة منهم.
وتجسّدت في حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) جميع الصفات الكريمة والنزعات الشريفة ؛ فكانت أروع مثلٍ للشرف والعفاف والكرامة، ولكلّ ما تعتزّ به المرأة وتسمو به في دينا الإسلام.
لقد ورثت العقيلة من جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) ومن أبيها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) جميع ما امتازوا به من المثل الكريمة، والذي كان من أبرزها الإيمان العميق بالله تعالى، فقد ضارعتهما العقيلة في هذه الظاهرة.
وقد روى المؤرّخون عن إيمانها صوراً مذهلة، كان منها أنّها صلّت ليلة الحادي عشر من محرّم، وهي أقسى ليلة في تأريخ الإسلام، صلاة الشكر لله تعالى على هذه الكارثة الكبرى التي حلّت بهم، والتي فيها خدمة للإسلام ورفع لكلمة التوحيد.
وكان من عظيم إيمانها وإنابتها إلى الله تعالى أنّها في اليوم العاشر من المحرّم وقفت على جثمان أخيها، وقد مزّقته سيوف الكفر، ومثّلت به العصابة المجرمة، فقالت كلمتها الخالدة التي دارت مع الفلك وارتسمت فيه قائلةً: « اللّهمّ تقبّل هذا القربان، وأثبه على عمله ... المزید».
١-قدراتها العلميّة
كانت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في فجر الصبا آيةً في ذكائها وعبقرياتها ؛ فقد حفظت القرآن الكريم، كما حفظت أحاديث جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) فيما يتعلّق بأحكام الدين وقواعد التربية واُصول الأخلاق، وقد حفظت الخطاب التأريخي الخالد الذي ألقته اُمّها سيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام) في (الجامع النبوي) احتجاجاً على أبي بكر لتقمّصه للخلافة، ومصادرته لـ (فدك) التي أنحلها إيّاها أبوها رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وقد روت خطبة اُمّها التي ألقتها على السيّدات من نساء المسلمين حينما عُدنها في مرضها الذي توفّيت فيه، كما روت عنها كوكبة من الأحاديث.
قد بُهر الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) من شدّة ذكائها، فقد قالت له: أتحبّنا يا أبتاه؟ فأسرع الإمام قائلاً: «وكيف لا اُحبّكم وأنتم ثمرة فؤادي ؟! ».
فأجابته بأدب واحترام: يا أبتاه، إنّ الحبّ لله تعالى، والشفقة لنا
وعجب الإمام (عليه السّلام) من فطنتها، فقد أجابته جواب العالم المنيب إلى الله تعالى.
وكان من فضلها واعتصامها بالله تعالى أنّها قالت: مَنْ أراد أن لا يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده ؛ ألم تسمع إلى قوله: سمع الله لمَنْ حمده؟ فخف الله لقدرته عليك، واستحِ منه لقربه منك.
٢-عناصرها النفسيّة
وما من صفةٍ كريمةٍ أو نزعةٍ شريفةٍ يفتخر بها الإنسان، ويسمو بها على غيره من الكائنات الحيّة إلاّ وهي من عناصر عقيلة بني هاشم.وسيّدة النساء زينب (عليها السّلام) قد تحلّت بجميع الفضائل التي وهبها الله تعالى لجدّها الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، وأبيها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، واُمّها سيّدة نساء العالمين (عليها السّلام)، وأخويها الحسن والحسين (عليهما السّلام) سيدي شباب أهل الجنّة وريحانتي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ فقد ورثت خصائصهم، وحكت مميّزاتهم، وشابهتهم في سموّ ذاتهم ومكارم أخلاقهم.
لقد كانت حفيدة الرسول بحكم مواريثها وخصائصها أعظم وأجلّ سيّدة في دنيا الإسلام ؛ فقد أقامت صروح العدل، وشيّدت معالم الحق، وأبرزت قيم الإسلام ومبادئه على حقيقتها النازلة من ربّ العالمين، فقد جاهدت هي واُمّها زهراء الرسول كأعظم ما يكون الجهاد، ووقفتا بصلابة لا يُعرف لها مثيل أمام التيارات الحزبية التي حاولت بجميع ما تملك من وسائل القوة أن تلقي الستار على قادة الاُمّة وهداتها الواقعيين الذين أقامهم الرسول (صلّى الله عليه وآله) أعلاماً لاُمّته، وخزنة لحكمته وعلومه.
٣-الإيمان الوثيق
وتربّت عقيلة بني هاشم في بيت الدعوة إلى الله تعالى، ذلك البيت الذي كان فيه مهبط الوحي والتنزيل، ومنه انطلقت كلمة التوحيد وامتدت أشعتها المشرقة على جميع شعوب العالم واُمم الأرض، وكان ذلك أهمّ المعطيات لرسالة جدّها العظيم.
لقد تغذّت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله)بجوهر الإيمان وواقع الإسلام، وانطبع حبّ الله تعالى في عواطفها ومشاعرها حتّى صار ذلك من مقوّماتها وذاتياتها، وقد أحاطت بها المحن والخطوب منذ نعومة أظفارها، وتجرّعت أقسى وأمرّ ألوان المصائب، كلّ ذلك من أجل رفع كلمة الله عالية خفّاقة.
إنّ الإيمان الوثيق بالله تعالى والانقطاع الكامل إليه كانا من ذاتيات الاُسرة النبويّة ومن أبرز خصائصهم.
ألم يقل سيد العترة الطاهرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) في دعائه: «ما عبدتك طمعاً في جنّتك، ولا خوفاً من نارك، ولكنّي وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك؟»
وهو القائل: «لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً».
وكانت حفيدة الرسول زينب (سلام الله عليها) كأبيها وأخيها في عظيم إيمانها وانقطاعها إلى الله ؛ فقد وقفت على جثمان شقيقها الذي مزّقته سيوف الشرك وهو جثة هامدة بلا رأس، فرمقت السماء بطرفها وقالت كلمتها الخالدة التي دارت مع الفلك وارتسمت فيه: اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان
إنّ الإنسانيّة تنحني إجلالاً وخضوعاً أمام هذا الإيمان الذي هو السرّ في خلودها وخلود أخيها.لقد تضرّعت بطلة الإسلام بخشوع إلى الله تعالى أن يتقبّل ذلك القربان العظيم الذي هو ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فأيّ إيمان يُماثل هذا الإيمان؟ وأيّ تبتّل إلى الله تعالى يُضارع هذا التبتّل؟
لقد أظهرت حفيدة الرسول بهذه الكلمات الخالدة معاني الوراثة النبويّة، وأظهرت الواقع الإسلامي وأنارت السبيل أمام كلّ مصلح اجتماعي، وأنّ كلّ تضحية تُؤدّى للاُمّة يجب أن تكون خالصة لوجه الله غير مشفوعة بأيّ غرض من أغراض الدنيا.
٤-الصبر
من النزعات الفذّة التي تسلّحت بها مفخرة الإسلام وسيّدة النساء زينب (عليها السّلام) هي الصبر على نوائب الدنيا وفجائع الأيام، فقد تواكبت عليها الكوارث منذ فجر الصبا، فرُزئت بجدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي كان يحدب عليها، ويفيض عليها بحنانه وعطفه، وشاهدت الأحداث الرهيبة المروعة التي دهمت أباها واُمّها بعد وفاة جدّها ؛ فقد اُقصي أبوها عن مركزه الذي أقامه فيه النبي (صلّى الله عليه وآله)، وأجمع القوم على هضم اُمّها حتّى توفيت وهي في روعة الشباب وغضارة العمر، وقد كوت هذه الخطوب قلب العقيلة إلاّ أنّها خلدت إلى الصبر.
وتوالت بعد ذلك عليها المصائب، فقد رأت شقيقها الإمام الحسن الزكي (عليه السّلام) قد غدر به أهل الكوفة حتّى اضطر إلى الصلح مع معاوية الذي هو خصم أبيها وعدوّه الألدّ، ولم تمض سنين يسيرة حتّى اغتاله بالسمّ، وشاهدته وهو يتقيأ دماً من شدّة السمّ حتّى لفظ أنفاسه الأخيرة.
وكان من أقسى ما تجرّعته من المحن والمصاعب يوم الطفّ ؛ فقد رأت شقيقها الإمام الحسين (عليه السّلام) قد استسلم للموت لا ناصر له ولا معين، وشاهدت الكواكب المشرقة من شباب العلويِّين صرعى قد حصدتهم سيوف الاُمويِّين، وشاهدت الأطفال الرضّع يُذبحون أمامها.
إنّ أي واحدة من رزايا سيّدة النساء زينب لو ابتُلي بها أيّ إنسان مهما تدرّع بالصبر وقوّة النفس لأوهنت قواه، واستسلم للضعف النفسي، وما تمكن على مقاومة الأحداث، ولكنّها (سلام الله عليها) قد صمدت أمام ذلك البلاء العارم، وقاومت الأحداث بنفس آمنة مطمئنة راضية بقضاء الله تعالى، وصابرة على بلائه، فكانت من أبرز المعنيين
بقوله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * اُولئك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)
وقال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
٥-العزّة والكرامة
من أبرز الصفات النفسيّة الماثلة في شخصية سيدة النساء زينب (عليها السّلام) هي العزّة والكرامة ؛ فقد كانت من سيّدات نساء الدنيا في هذه الظاهرة الفذّة، فقد حُملت بعد مقتل أخيها من كربلاء إلى الكوفة سبيّة، ومعها بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد نُهب جميع ما عليهنّ من حُلي وما عندهنّ من أمتعة، وقد أضرّ الجوع بأطفال أهل البيت وعقائلهم، فترفّعت العقيلة أن تطلب من اُولئك الممسوخين ـ من شرطة ابن مرجانة ـ شيئاً من الطعام لهم.
ولمّا انتهى موكب السبايا إلى الكوفة، وعلمنَ النساء أنّ السبايا من أهل بيت النبوّة، سارعنَ إلى تقديم الطعام إلى الأطفال الذين ذوت أجسامهم من الجوع، فانبرت السيّدة زينب مخاطبة نساء أهل الكوفة قائلة: الصدقة محرّمة علينا أهل البيت.
ولمّا سمع أطفال أهل البيت (عليهم السّلام) من عمّتهم ذلك ألقوا ما في أيديهم وأفواههم من الطعام، وأخذ بعضهم يقول لبعض: إنّ عمّتنا تقول: الصدقة حرام علينا أهل البيت.
أيّ تربية فذّة تربّى عليها أطفال أهل البيت (عليهم السّلام) ! إنّها تربية الأنبياء والصدّيقين التي تسمو بالإنسان فترفعه إلى مستوى رفيع يكون من أفضل خلق الله.
ولمّا سُيّرت سبايا أهل البيت (عليهم السّلام) من الكوفة إلى الشام لم تطلب السيدة زينب طيلة الطريق أيّ شيء من الإسعافات إلى الأطفال والنساء مع شدّة الحاجة إليها ؛ فقد أنفت أن تطلب أيّ مساعدة من اُولئك الجفاة الأنذال الذين رافقوا الموكب.
لقد ورثت عقيلة بني هاشم من جدّها وأبيها العزّة والكرامة، والشرف والإباء، فلم تخضع لأيّ أحدٍ مهما قست الأيام وتلبّدت الظروف، إنّها لم تخضع إلاّ إلى الله تعالى.
٦-الشجاعة
ولم يشاهد الناس في جميع مراحل التاريخ أشجع ولا أربط جأشاً ولا أقوى جناناً من الاُسرة النبويّة الكريمة ؛ فالإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) عميد العترة الطاهرة كان من أشجع خلق الله، وهو القائل: «لو تضافرت العرب على قتالي لما ولّيت عنها».
وقد خاض أعنف المعارك وأشدّها قسوة، فجندل الأبطال وألحق بجيوش الشرك أفدح الخسائر، وقد قام الإسلام عبل الذراع مفتول الساعد بجهاده وجهوده، فهو معجزة الإسلام الكبرى، وكان ولده أبو الأحرار الإمام الحسين (عليه السّلام) مضرب المثل في بسالته وشجاعته ؛ فقد حيّر الألباب وأذهل العقول بشجاعته وصلابته وقوّة بأسه.
فقد وقف يوم العاشر من المحرّم موقفاً لم يقفه أيّ أحدٍ من أبطال العالم ؛ فإنّه لم ينهار أمام تلك النكبات المذهلة التي تعصف بالحلم والصبر، فكان يزداد انطلاقاً وبشراً كلّما ازداد الموقف بلاءً ومحنةً.فإنّه بعدما صُرعَ أصحابه وأهل بيته زحف عليه الجيش بأسره ـ وكان عدده فيما يقول الرواة ثلاثين ألفاً ـ فحمل عليهم وحده، وقد طارت أفئدتهم من الخوف والرعب، فانهزموا أمامه كالمعزى إذا شدّ عليها الذئب ـ على حدّ تعبير بعض الرواة ـ وبقي صامداً كالجبل يتلقى الطعنات والسهام من كلّ جانب، لم يوهن له ركن ولم تضعف له عزيمة.…
٧-الزهد في الدنيا
ومن عناصر سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) الزهد في الدنيا ؛ فقد بذلت جميع زينتها ومباهجها مقتدية بأبيها الذي طلّق الدنيا ثلاثاً لا رجعة له فيها، ومقتدية باُمّها سيّدة نساء العالمين، زهراء الرسول.
فقد كانت ـ فيما رواه المؤرّخون ـ لا تملك في دارها سوى حصير من سعف النخل، وجلد شاة، وكانت تلبس الكساء من صوف الإبل، وتطحن بيدها الشعير، إلى غير ذلك من صنوف الزهد والإعراض عن الدنيا.وقد تأثّرت عقيلة الرسول (صلّى الله عليه وآله) بهذه الروح الكريمة فزهدت في جميع مظاهر الدنيا، وكان من زهدها أنّها ما ادّخرت شيئاً من يومها لغدها حسب ما رواه عنها الإمام زين العابدين (عليه السّلام)
وقد طلقت الدنيا وزهدت فيها وذلك بمصاحبتها لأخيها أبي الأحرار ؛ فقد علمت أنّه سيستشهد في كربلاء، أخبرها بذلك أبوها، فصحبته وتركت زوجها الذي كان يرفل بيته بالنعيم ومتع الحياة، رفضت ذلك كلّه وآثرت القيام مع أخيها لنصرة الإسلام والذبّ عن مبادئه وقيمه، وهي على علم بما تشاهده من مصرع أخيها، وما يجري عليها بالذّات من الأسر والذلّ.
لقد قدّمت على ذلك خدمة لدين الله تعالى.
وكانت علاقة السيدة زينب(عليها السلام ) بأخيها العباس (عليه السلام )علاقة خاصة ،وقدظهرت منزلةُ العبّاس(عليه السلام) عند السيّدة زينب(عليها السلام) منذ ولادته، فكانت له بعد أُمّه أُمّ البنين(عليها السلام) الأمّ الحنون، تناغيه في المهد، وتربّيه في أحضانها، وتغذّيه بعلمها ومعرفتها.
وهي التي أتت به عند ولادته إلى أبيها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)؛ ليُقيم عليه سنن الولادة من الأذان والإقامة في أذنيه اليمنى واليسرى، ومن التسمية، وجعل الكنية واللقب له، ثمّ سألت أباها عن اسمه، فقال لها: ((إنّه عبّاس))، وعن كنيته، فقال: ((إنّه أبو الفضل))، وعن لقبه، فقال: ((إنّه قمر بني هاشم، وقمر العشيرة، والسقّاء)).
فقالت(عليها السلام) متفائلةً: أمّا اسمه (عبّاس) فهو علامة الشجاعة والبسالة، وأمّا كنيته (أبو الفضل) فهو آية الفضل والكرامة، وأمّا لقبه (قمر بني هاشم، وقمر العشيرة) فهو وسام الجمال والكمال، والصباحة والوجاهة، ولكن يا أبه، ما معنى أنّه السقّاء؟
فقال لها أبوها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد استعبر: ((إنّه ساقي عطاشى كربلاء)). وقصّ عليها شيئاً من حوادث عاشوراء، فأجهشت السيّدة زينب(عليها السلام) بالبكاء لمّا سمعت ذلك، فهدّأها أبوها بقوله: ((بُنية زينب، تجلّدي واصبري، وخذي أخاك إلى أُمّه، واعلمي أنّ له معك لموقفاً مشرّفاً وشأناً عظيماً)).
وهذا ممّا زاد في مقام أبي الفضل العبّاس(عليه السلام) عند أخته السيّدة زينب(عليها السلام) وأضاف من منزلته لديها، حتّى أنّها (عليها السلام) طلبت من أبيها عند ارتحاله -كما ورد في بعض الكتب- بأن يتكفّلها أخوها أبو الفضل العبّاس(عليه السلام) ويلتزم بحمايتها وحراستها، وخاصّة في كربلاء، وعند السفر.
فدعا (عليه السلام) ولده أبا الفضل العبّاس(عليه السلام)، وأخذ بيد ابنته الكبرى السيّدة زينب(عليها السلام) ووضعها في يده (عليه السلام)، وقال له: ((بني عبّاس، هذه وديعةٌ منّي إليك، فلا تقصّر في حفظها وصيانتها)). فقال العبّاس لأبيه(عليه السلام) ودموعه تجري على خديه: لأُنعمنّك يا أبتاه عيناً.
وكان أبو الفضل العبّاس(عليه السلام) بعد ذلك يهتمّ بأُخته الكبرى السيّدة زينب(عليها السلام) أكثر من ذي قبل، ويرعاها أشدّ رعايةً من الماضي، وخاصّة في أسفارها التي اتّفقت لها (عليها السلام) بعد ذلك.
فإنّ أوّل سفرها (عليها السلام) كان في أيّام خلافة والدها الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) الظاهرية، حيث هاجر (عليه السلام) من المدينة إلى الكوفة وجعلها مقرّاً لخلافته، فهاجرت هي (عليها السلام) إليها أيضاً.
وأمّا أسفارها الباقية، وهي عبارة عن سفرها مع أخيها الإمام المجتبى الحسن الزكي(عليه السلام) إلى المدينة المنوّرة والرجوع إلى مدينة جدّها(صلّى الله عليه وآله)، وكذلك سفرها مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام حين خروجه على يزيد بن معاوية -عدوّ الله وعدوّ رسوله- من المدينة إلى مكّة ومنها إلى كربلاء، فكان أبو الفضل العبّاس(عليه السلام) هو الذي تكفّل بركوبها ونزولها، وتعهّد حراستها ورعايتها طوال الطريق، وخاصّة عند نزولها في كربلاء، وعلى الأخصّ في الأيّام الصعبة والظروف العصيبة التي أحاطت بهم في كربلاء من كلّ جانب وإلى يوم عاشوراء.