إنّ الحب الالهي يدخل القلب بعد تطهيره من الذنوب و الافات من حب الدنيا و الصفات الدنيئة ، فينتهي الحب إلى العشق الحقيقي وهوحبّ اللّه جلّ جلاله ، ويكون الإنسان الكريم خليل اللّه وحبيبه ، كشيخ الأنبياء إبراهيم وخاتمهم محمّد عليهماالسلام ، فكان إبراهيم الخليل عليه السلام حنيفا طالبا للحقّ مسلما للّه سبحانه ، وفي مقام الحبّ والعبادة لم يشرك باللّه أحدا ، فإنّ المحب لله يكون موحّدا لا يرى إلاّ وجه المعشوق وجماله .فيحبّون اللّه ، والذين آمنوا أشدّ حبّا للّه ، يبتغون وجه اللّه ، فهم أولياءاللّه ،والولاية تعني نهاية الحبّ والفناء في المحبوب ، والإيمان عمل القلب وإنّه يعن الحبّ للّه ، وأنّ اللّه يغفر الذنوب جميعا إلاّ ما اُشرك به ،فإنّه لا يرضى لنفسه أن يكون له شريكا ، بل يريد أن يكون هو المعشوق الأوّل والأخير للإنسان الذي جعله خليفته في الأرض ، وعلّمه الأسماء كلّها ، فمن يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحا ، ولا يشرك بعبادة ربّه أحدا ، وقد ثبت أنّ شرط قبول الأعمال ولاية أهل البيت عليهم السلام وهل الولاية إلاّ الحبّ ، وهل الدين إلاّ الحبّ والبغض ، الحبّ للّه وأوليائه والبغض لأعدائه وأعدائهم ، وما أكثرالمناجاة والأدعية التي تشير إلى الحبّ منها :
« اللهمّ إنّي أسألك أن تملأقلبي حبّا لك » .
« وحبّب إليَّ لقاءك» .
« يا غايتي في رغبتي » .
« واجعل قلبي بحبّك متيّما » .
ولتحصيل حب الله لابد من عمل بعض الاعمال التي توصل إلى ذلك منها:
1- التخلي من الدنيا؛ اذ ورد عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله وكان عند أهل الدنيا كأنه قد خولط وإنما خالط القوم حلاوة حب الله فلم يشتغلوا بغيره (الكافي ج2 ص130).
2- التفكر في الآثار التي توصل إلى الله وتزيد في معرفته؛ فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام: إن أولي الألباب الذين عملوا بالفكرة حتى ورثوا منه حب الله فان حب الله إذا ورثه القلب استفاد به واسرع اليه اللطف.
3- بغض أهل المعاصي.. ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (وطلبت حب الله عز وجل فوجدته في بغض أهل المعاصي).
4- عدم معصية الله عز وجل فعن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: ما احب الله عز وجل من عصاه ثم تمثل فقال:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه ***** هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبك صادق لأطعته ***** ان المحب لمن يحب مطيع
ويذكر لحب الله علامات؛ منها:
1- كثرة ذكر الله فعن النبي صلى الله عليه وآله قال: (علامة حب الله حب ذكره وعلامة بغض الله بغض ذكره) .
2- اتباع الرسول صلى الله عليه وآله يقول تعالى: ﴿ قُل إِن كُنتُم تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (آل عمران:31) .
3- الخلوة مع الحبيب بقلّة النوم ليلاً؛ فعن ابي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى بن عمران عليه السلام ان قال له: يا بن عمران كذب من زعم انه يحبني فإذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب خلوة حبيبه.
4- محبة بعض خلقه له فعن النبي صلى الله عليه وآله: إذا احب الله عبداً من امتي قذف في قلوب اصفيائه وارواح ملائكته وسكان عرشه محبته ليحبوه فذلك المحب حقاً.