logo-img
السیاسات و الشروط
Hameed Abu Noor ( 55 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير

ما معنى قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم طه ماانزلنا القران عليك لتشقى صدق الله العلي العظيم


جاء في تفسير الأمثل ج ٩ - الصفحة ٢٢٤-٢٢٦: وردت روايات كثيرة في سبب نزول الآيات الأولى من هذه السورة، يستفاد من مجموعها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزول الوحي والقرآن كان يعبد الله كثيرا، وخاصة أنه كان يكثر القيام والوقوف في العبادة حتى تورمت قدماه، وكان من شدة التعب أحيانا يستند في وقوفه على أحدى قدميه، ثم يستند على الأخرى حينا آخر، وحينا على كعب قدمه، وآخر على أصابع رجله ، فنزلت الآيات المذكورة وأمرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن لا يحمل نفسه كل هذا التعب والمشقة. لا تجهد نفسك إلى هذا الحد: مرة أخرى نواجه الحروف المقطعة في بداية هذه السورة، والتي تثير حب الاستطلاع لدى الإنسان: لقد بحثنا في تفسير الحروف المقطعة في القرآن في بداية ثلاث سور بحثا كافيا (1)، غير أننا نرى أن من اللازم أن نضيف هنا هذا المبحث، وهو أن من الممكن أن يكون لكل هذه الحروف المقطعة - أو على الأقل لقسم منها - معان ومفاهيم خاصة، تماما كالكلمة الواحدة التي تتضمن محتوى معينا. إننا نلاقي في كثير من الروايات وكلمات المفسرين في بداية هذه السورة وسورة " يس " هذا البحث، وهو أن " طه " تعني: يا رجل، ونرى كلمة " طه " في بعض شعر العرب أيضا، ولها معنى شبيه ب‍ (يا رجل) أو قريب منه، ويمكن أن تعود هذه الأشعار إلى بداية ظهور الإسلام، أو إلى ما قبل الإسلام . وقد نقل لنا أحد المطلعين أن بعض علماء الغرب الملمين بالدراسات الإسلامية، يعممون هذه النظرية على كل الحروف المقطعة في القرآن، ويعتقدون أن الحروف المقطعة في بداية كل سورة هي كلمة لها معنى خاص، أصبح بعضها متروكا مع مرور الزمن، ووصل إلينا البعض، وإلا فإن من المستبعد أن مشركي العرب يسمعون الحروف المقطعة ولا يفهمون منها شيئا، ولا يدركون لها معنى، ثم لا نراهم يسخرون ولا يستهزؤون منها، في حين أنه لا يرى ولا يلاحظ في أي من التواريخ أن هؤلاء الحمقى المتتبعين للعيوب والهفوات قد اتخذوا الحروف المقطعة وسيلة للقيام بردود فعل ضدها وضد الإسلام. وطبعا من الصعب قبول هذا الرأي بصورة عامة، وبالنسبة إلى كل حروف القرآن المقطعة، إلا أنه يمكن قبوله في البعض منها، وقد بحث هذا الموضوع أيضا في الكتب الإسلامية. ومما يلفت النظر، وهو أننا نقرأ في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): " إن طه من أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومعناه: يا طالب الحق الهادي إليه " ويظهر من هذا الحديث أن طه مركب من حرفين رمزيين، فالطاء إشارة إلى طالب الحق، والهاء إلى الهادي إليه، ونحن نعلم أن استعمال الحروف الرمزية وعلامات الاختصار فيما مضى وفي يومنا هذا أمر طبيعي وكثير الاستعمال، خاصة في عصرنا الحاضر فإنه كثير التداول والاستعمال جدا. وآخر كلام في هذا الباب هو أن (طه) ك‍ (يس) قد أصبحت تدريجيا وبمرور الزمان اسما خاصا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى أنهم يسمون آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) آل طه أيضا، وعبر عن الإمام المهدي عجل الله فرجه في دعاء الندبة ب‍ (يا بن طه). ثم تقول الآية: ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى فصحيح أن العبادة والتقرب إلى الله عن طريق مناجاته من أفضل العبادات، إلا أن لكل عمل حسابا ومقدارا، وللعبادة أيضا مقدارها، فلا يجب أن تجهد نفسك بالعبادة حتى تتورم قدماك، وبالتالي ستضعف قوتك وتعجز عن التبليغ والجهاد. وينبغي الالتفات إلى أن " تشقى " مأخوذة من مادة الشقاء ضد السعادة، إلا أن هذه المادة، وكما يقول الراغب في المفردات، تأتي أحيانا بمعنى المشقة والتعب، والمراد في الآية هذا المعنى، كما يحكون ذلك أيضا في أسباب النزول.

3