logo-img
السیاسات و الشروط
( 19 سنة ) - السعودية
منذ 3 سنوات

الأسانيد عند الشيعة

كيف تُأخذ الأسانيد عند الشيعة؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ١- إن من أعظم الأدلة على أن طرق الشيعة الحديثية أضبط من طرق غيرهم، أنه مضافا إلى التزامهم النقل عن الصادقين من أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم) فإنهم سبقوا غيرهم في تدوين الحديث وضبطه، ولم يعتمدوا على النقل الشفهي الذي كثيرا ما يقع فيه الخلط والخبط والالتباس، فكان تدوين كتاب سُليم بن قيس الهلالي وغيره الذي يعتبر من أوائل التصنيف الحديثي الذي وصلنا منذ بدء نشوء الإسلام، وكان تدوين الأصول الأربعمئة التي هي عبارة عن أربعمئة كتاب حديثي كتبها الرواة الذين التفّوا حول أهل بيت العلم والحكمة (صلوات الله عليهم) وأخذوا منهم الأحاديث ودوّنوها، وكثيرا ما كان الشيعة من بعدهم يعرضون هذه الكتب والأصول على الأئمة المعصومين (عليهم السلام) للتأكد منها، فكان الأئمة (عليهم السلام) يصحّحونها ويأمرون الشيعة بحفظها ورواية ما جاء فيها. … ٢-يعتبر اتباع أهل البيت صلوات الله عليهم علم الحديث من أشرف العلوم و أكثرها نفعاً ، لذا فان علماء الشيعة قد بذلوا قصارى جهدهم من أجل تدوين علوم الحديث ، فألّفوا في غريب الحديث و غرائبه ، كما ألّفوا في علم رجال الحديث المتكفل بتمييز الثقاة من الرواة عن غيرهم ، كما و ألّفوا في علم الدراية الذي يبحث عن العوارض الطارئة على الحديث من ناحية السند و المتن و كيفية تحمّله و آداب نقله و أدائه و لأن الحديث اعتمد في تحمّله و نقله الرواية الشفوية ثم الرواية التحريرية ، و لقد جاء أكثر الحديث عن طريق الآحاد ، و خبر الواحد ـ كما هو مقرر و محرر في علم أصول الفقه ـ لا يفيد اليقين بصدوره عن المعصوم ، فوضع العلماء ما يعرف بـ " علم الرجال " و " علم الحديث " لهذه الغاية 4 . و علم الرجال : هو العلم الذي يبحث فيه عن قواعد معرفة أحوال الرواة من حيث تشخيص ذواتهم ، و تبيين أوصافهم التي هي شرط في قبول روايتهم أو رفضها و لقد عدّ العلماء تعلّم علمي الرجال و الحديث من شروط الاجتهاد المطلق و من أساسيات الفقاهة ، و أعتبروهما من المقدمات الضرورية للبلوغ إلى مرتبة الاجتهاد الفقهي و تطبيق عملية الاستنباط . هذا و إن إخضاع الراوي إلى التقييم الدقيق في علم الرجال يعبّر عنه بالجرح و التعديل ، و يراد منه النتيجة الحاصلة من التدقيق في أحوال الراوي من حيث الوثاقة أو اللاوثاقة ، فالوثاقة تساوي التعديل ، كما أناللاوثاقة تساوي الجرح في مصطلح علم الرجال أما الشيعة فتمتاز عن غيرها من المذاهب بإخضاع كافة الرواة من دون استثناء لهذا التقييم للتعرّف على حالهم و لتمييز الصالحين منهم من الطالحين و المؤمنين عن المنافقين ، كي يتسنى لهم الأخذ من الصالحين و المؤمنين دون غيرهم . و أما المخالفون فيستثنون الرواة من الصحابة من هذا التدقيق و التقييم ، فهم لا يخضعونهم أبدا إلى التقييم و يقولون بعدالة جميع الصحابة بلا استثناء . هذا و إن موضوع عدالة الصحابة من المواضيع الحساسة التي شغلت جانباً مهماً من أبحاث الحديث و الرجال ، و قد ذهب جمهور من المخالفين إلى أن جميع الصحابة عدول و لا ينبغي أن تنالهم يد الجرح و التعديل كما تناله غيرهم من المسلمين و العجيب أنهم مع ادعاء الإجماع على قداسة الصحابة ، و أنهم فوق مستوى الجرح و التعديل ، رووا عشرات الأحاديث التي اختارها أصحاب الصحاح حول ارتداد الصحابة عن الدين و التمرّد على أصوله و مبادئه على نحو لا يدع مجالاً للريب في أنهم كانوا كسائر الناس فيهم الصالح و الطالح ، و المنافق و المؤمن ، إلى غير ذلك من الأصناف التي يقف عليها المتتبع لآيات الذكر الحكيم و السنة النبوية ، و هذا أمر عجيب جداً ؟ ٣- علماء الشيعة يصرحون بضرورة التدقيق في أحوال الرواة بصورة كاملة ، و يرون بأن الحديث إنما يصبح صالحا لأن يكون مصدراً من مصادر التشريع بعد مروره بالمراحل التالية : 1. تقييم رواة الحديث بصورة دقيقة لا تقبل التسامح لتشخيص و تعيين هوية الراوي بصورة كاملة ، و ذلك على أسس علمية و قواعد مرسومة في علم خاص بهذا الأمر يسمى بعلم الرجال ، و بالاستعانة بهذا العلم يتعرف العلماء على حال الرّواي من حيث الوثاقة و اللاوثاقة ، فيقررون قبول روايته أو رفضها . 2. تقييم كافة الأحاديث المروية عن المعصومين ( عليهم السَّلام ) من حيث متن الحديث و طبقته لتمييز الأحاديث الصحيحة عن السقيمة ، و يتم هذا التدقيق و التقييم على أسس علمية رصينة و قواعد مدونة في علم خاص بهذا الأمر يسمى بعلم الدراية 3. ثم بعد ذلك تخضع الرواية للمناقشة في حجيتها في علم الأصول 4. و بعد ذلك كله تأخذ الرواية طريقها إلى استنباط الحكم الشرعي منها في علم الفقه ، و بعد ثبوت حجية الرواية و صلاحيتها للاستدلال بها يعتمدها الفقيه مصدراً تشريعياً يفيد منه الحكم المطلوب . نعم هذه هي المراحل التي لابد و إن يمر الراوي و ما رواه من خلالها حتى يصل الحديث إلى مرحلة استنباط الحكم الشرعي منه ، خلافا للمخالفين، فهم يعتبرون الصحابة فوق مستوى الجرح و التعديل ، إذ جعلوا عدالة الصحابي هي الأصل ، سواءً كان معلوم الحال أم مجهولها ، فالصحابة في رأيهم في منأى عن النقد ، فلا يصح التعرّض لهم بشكل من الأشكال ، إذ لا يتسرب الشك إليهم أبداً . ٥- مواصفات الراوي المقبول روايته و مؤهلاته : 1. الإسلام : فلا تقبل رواية الكافر مطلقاً ، أما قبول شهادة الذمي في باب الوصية في حق المسلم ، فهو خارج بالدليل ، و هو قول الله تعالى : ﴿ يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ ... المزید ﴾ فقد فَسّرت الروايات قوله تعالى : { أو آخران من غيركم } بالذمي 2. العقل : فلا يقبل خبر المجنون و روايته ، و هو واضح و بديهي . 3. البلوغ : فلا يقبل خبر الصبي غير المميّز ، و بالنسبة إلى المميّز فالمشهور عدم قبول روايته . 4. الإيمان : أي كون الراوي شيعياً إمامياً إثنا عشرياً 5. العدالة : و هي كما يراه المشهور ، عبارة عن ملكة نفسانية راسخة باعثة على ملازمة التقوى و ترك ارتكاب الكبائر و عدم الإصرار على الصغائر ، و ترك منافيات المروءة التي يكشف ارتكابها عن قلة المبالاة بالدين ، بحيث لا يوثق منه التحرّز عن الذنوب ٦- واما في كتب المخالفين فلا توجد أحاديث صحيحة منقحة مدققة،لأنَّ القليل من علمائهم من صنف في الصحيح وجمعه دون غيره كالبخاري ومسلم وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وأبو عوانة، ولكن هؤلاء غير معصومين بالاتفاق وقد أخطأوا في الحكم على الكثير من الأحاديث وخطّأهم فحول العلماء،وأخيراً جاء الألباني وصنف في الصحيح كصحاح السنن الأربعة والسلسلة الصحيحة وصحيح الجامع الصغير، وما إلى ذلك، ولكن السنة أنفسهم خطّأوه في كثير من تصحيحاته وخالفوه فيها وانتقدوه عليها بل اعترضوا على أصل تصنيفه في الصحيح وخصوصاً عمله في السنن الأربعة ، فأين نجد هذه السنة الصحيحة المنقحة المدققة كما يدعي ويزعم هنا؟! فالخلاف حول أكثر الأحاديث مفتوح على مصراعيه ناهيك عمّن لم يصنف أصلاً ولم يجمع في الصحيح فقط بل جمع كل ما ورد كالسنن والمسانيد والمصنفات!

5