( 16 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

تفسير القران الكريم .

السلام عليكم ما تفسير قوله تعالى " ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان " ؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الأيمان ولكن جعلنه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدى إلى صرط مستقيم جاء في تفسير الميزان ج ١٥ - الصفحة ٥٩١-٢٩٤: تتحدث الآيات التي نبحثها عن نزول الوحي على شخص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث تقول: وكذلك أوحينا أليك روحا من أمرنا. قد تكون عبارة (كذلك) إشارة إلى الأنواع ثلاثة للوحي الواردة في الآية السابقة، والتي تحققت جميعها بالنسبة للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأحيانا كان يرتبط بذات الخالق المنزهة والمطهرة بشكل مباشر، وأحيانا عن طريق ملك الوحي، وأحيانا عن طريق سماع لحن خاص يشبه الأمواج الصوتية، كما أشارت الروايات الإسلامية إلى جميع ذلك، وبينا شرح ذلك في نهاية الآية السابقة. وهناك قولان للمفسرين بخصوص المقصود من كلمة (روح) في هذه الآية: الأول: إن المقصود هو القرآن الكريم، لأنه أساس حياة القلوب وحياة جميع الأحياء، وقد اختار هذا القول أكثر المفسرين (1). ويقول الراغب في مفرداته: سمي القرآن روحا في قوله: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا وذلك لكون القرآن سبب للحياة الأخروية. وهذا المعنى يتلاءم بشكل كامل مع القرائن المختلفة الموجودة في الآية مثل عبارة (كذلك) التي تشير إلى قضية الوحي، وعبارة (أوحينا) وعبارات أخرى بخصوص القرآن وردت في نهاية هذه الآية. وبالرغم من أن (روح) وردت غالبا بمعاني أخرى سائر آيات القرآن، إلا أنه - وفقا للقرائن أعلاه - يظهر أنها وردت هنا بمعنى القرآن. وقد قلنا أيضا في تفسير الآية 2 من سورة النحل: ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن كلمة (روح) في هذه الآية - وفقا للقرائن - وردت بمعنى (القرآن والوحي والنبوة) وفي الحقيقة فإن هاتين الآيتين تفسر إحداهما الأخرى. فكيف يمكن للقرآن أن لا يكون روحا في حين أننا نقرأ في الآية (24) من سورة الأنفال: يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم. التفسير الثاني: أن المقصود هو (روح القدس) (أو ملك أفضل حتى من جبرائيل وميكائيل وكان يلازم النبي دائما). ووفقا لهذا التفسير فإن (أوحينا) تكون بمعنى (أنزلنا) يعني أنزلنا روح القدس عليك، أو ذلك الملك العظيم (بالرغم من أننا لم نر كلمة (أوحينا) لهذا المعنى في الآيات القرآنية الأخرى). ويؤيد ذلك بعض الروايات المذكورة في مصادر الحديث المعروفة، ولكن - كما قلنا - فإن التفسير الأول ملاءمة مع الآية لوجود القرائن المتعددة، لذا يمكن أن تكون مثل هذه الروايات التي تفسر الروح بمعنى روح القدس أو الملك المقرب من الخالق، إشارد إلى المعنى الباطني للآية. على أية حال، فإن الآية تضيف: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا. فهذا هو اللطف الإلهي الذي شملك أنزل عليك هذا الوحي السماوي وآمنت بكل ما يحتويه. فالإرادة الإلهية كانت تقتضي أن يهدي عباده الآخرين في ظل هذا النور السماوي، وأن يشمل الشرق والغرب - بل وجميع القرون والأعصار حتى النهاية - إضافة إلى هدايتك أنت إلى هذا الكتاب السماوي الكبير وتعليماته. بعض المنحرفين فكريا كانوا يتصورون أن هذه الجملة تبين أن الرسول لم يكن يؤمن بالله قبل نبوته، في حين أن معنى الآية واضح، حيث أنها تقول: إنك لم تكن تعرف القرآن قبل نزوله ولم تكن تعرف تعليماته وتؤمن به وهذا لا يتعارض أبدا مع اعتقاد الرسول التوحيدي ومعرفته العالية بأصول العبادة لله وعبوديته له. والخلاصة، إن عدم معرفة محتوى القرآن يختلف عن موضوع عدم معرفة الله. فحياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل مرحلة النبوة والواردة في كتب التاريخ، تعتبر دليلا حيا على هذا المعنى. والأوضح من ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في نهج البلاغة: " وقد قرن الله به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم، ومحاسن أخلاق العالم، ليله ونهاره " . وتضيف الآية في نهايتها: وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم. فالقرآن نور للجميع وليس لك فحسب، وهو وسيلة لهداية البشر إلى الصراط المستقيم، وموهبة إلهية عظيمة بالنسبة للسائرين على طريق الحق، وهو ماء الحياة بالنسبة للعطاشى كي ينتهلوا منه. وقد ورد نفس هذا المعنى بعبارة أخرى في الآية (44) من سورة فصلت حيث تقول الآية: قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر. ثم تقول الآية مفسرة للصراط المستقيم: صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض.