العقيلة زينب (عليهةالسلام) ( 21 سنة ) - العراق
منذ سنتين

الهم والغم من البلاء

السلام عليكم هل الحزن والهم هل هو بلاء من رب العالمين يختبر به صبر الانسان ام لا؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته يمكن لنا عن سؤالكم بعدة نقاط: أولا: يمكن ان يُعدّ الحزن والهم والغم وما شاكل ذلك هو لون من ألوان الابتلاء. لماورد في الروايات الشريفة عن العترة الطاهرة ، في بيان حقيقة البلاء ، فعن الإمام الصادق (ع) : المؤمن لا يمضي عليه أربعون ليلة إلاّ عرض له أمر يُحزنه ، يُذكّر به . أي يُذكّر به ” على بناء المفعول من التفعيل ،كأنه سئل عن سبب عروض ذلك الأمر ، فقال : يُذكّر به ذنوبه والتوبة منها ، لقوله سبحانه : {ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } ، وربه القادر على دفع ذلك عنه ، فيتضرّع لذلك ويدعو الله لرفعه ، وسفالة الدنيا ودناءتها لشيوع أمثال ذلك فيها فيزهد فيها ، والآخرة وخلوص لذّاتها عن الأحزان والكدورات فيرغب إليها ، ولا يُصلح القلب إصلاح الحزن شيء ، وقد قيل : إنّ القلب الذي لا حزن فيه كالبيت الخراب . وعنه (ع) : إنّ العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفّرها به ، ابتلاه الله عزّ وجلّ بالحزن في الدنيا ليكفّرها به ، فإن فعل ذلك به وإلاّ فعذّبه في قبره ، ليلقاه الله عزّ وجلّ يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه . وعنه (ع) : لا تزال الغموم والهموم بالمؤمن حتى لا تدع له ذنباً. ٢-إنّ كان الهم والحزن والغم بلاء، أو بسبب ذنب يمكنك ساعتها تحويله إلى نعمة بالصبر عليه، مع التوجه إلى الله بالدعاء والرضا بقدر الله عز وجل، والتسليم الكامل له، وهذا من شأنه أن يَعْمُر قلب المؤمن، فيعيش في غاية السعادة، وعلى العكس من ذلك تماما، نعني إذا تضجر من قدر الله، فإنه يعيش حياة البؤس على خلاف الصبر على المكاره الذي يزيل من النفوس الهموم والغموم كما قال الشاعر: فَدَعْ مَا مَضى واصْبِرْ على حِكِمْةِ الْقَضَا ** فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فَـاتَ بِالْجُهْـدِ ٣-نرجو منك أن تأخذي من قصص الأنبياء والاولياء والصالحين الأسوة الحسنة، ، وتجدين هذا بارزا في قصة نبي الله أيوب -عليه السلام - عندما مرض أيوب -عليه السلام- فما زاد في دعائه عن وصف حاله فقال (رب أني مسني الضر) ووصف ربه بصفته (وأنت أرحم الراحمين)، ثم لا يدعو بتغيير حاله، صبراً على بلائه ولا يقترح شيئاً على ربه تأدباً معه، وتوقيراً، فهو أنموذج للعبد الصابر الذي لا يضيق صدره بالبلاء، ولا يتململ من الضر الذي تضرب به الأمثال في جميع الأعصار، بل إنه ليتحرج أن يطلب إلى ربه رفع البلاء عنه، فيدع الأمر كله إليه اطمئناناً إلى علمه بالحال، وغناه عن السؤال، وفي اللحظة التي توجه فيها أيوب -عليه السلام- إلى ربه بهذه الثقة، وبذلك الأدب، كانت الاستجابة، وكانت الرحمة، وكانت نهاية الابتلاء، قال تعالى :" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم"، رفع عنه الضر في بدنه، فإذا هو معافى صحيح، ورفع عنه الضر في أهله فعوضه عمن فقد منهم "رحمة من عندنا" فكل نعمة فهي من عند الله ومنة، وذكرى للعابدين تذكرهم بالله وبلائـه ورحمته في البلاء وبعـد البلاء، وإن في بلاء أيوب -عليه السلام- لمثلاً للبشرية كلها.

6