logo-img
السیاسات و الشروط
عبدالله ( 23 سنة ) - العراق
منذ 3 سنوات

حديث عن أمير المؤمنين

روي عن الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) : الْأَخُ الْمُكْتَسِبُ فِي اللَّهِ أَقْرَبُ الْقُرَبَاءِ وَ أَرْحَمُ مِنَ الْأُمَّهَاتِ وَ الْآبَاءِ. السوال معنى الحديث..جزاكم الله خيرا


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته كلما كان الانسان تقيا يخاف الله تعالى في حركاته و سكناته كان اختياره لصديقه الحقيقي ادق و احرص فالشّخص الّذي يفرح لفرحك ويحزن لحزنك ويأخذ بيدك عند كلِّ سقوطٍ لك بدل أن يقف متفرّجاً.. فالصّديق الحقيقيّ هو من يهتم لأمرك، وباختصار يكون معك في السرّاء والضرّاء، أو كما يقال في العامية (بالحلوة والمرة) جنباً الى جنبك وكتفاً بكتفك. قال الإمام الصادق (عليه السلام): “لقد عظمت منزلة الصديق حتّى أنّ أهل النار يستغيثون به، ويدعون به في النار قبل القريب الحميم، قال الله مخبراً عنهم: {فما لنا من شافعين ولا صديق حميم}” وعنه (عليه السلام): "لكلِّ شيءٍ شيءٌ يستريح إليه، وإنَّ المؤمن يستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله” وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله ): "ألا وإنَّ المؤمنَيْن إذا تحابَّا في الله عزّ وجلّ وتصافيا بالله، كانا كالجسد الواحد إذا اشتكى أحدهما من جسده موضعاً وجد الآخرُ ألم ذلك الموضع” وعنه (صلّى الله عليه وآله): “المَرءُ كَثيرٌ بِأَخيهِ“ فأحيانا ترى صديق يقربك الى “حدٍّ ملكوتيّ” تنسجم فيه أرواحكما أكثر من أخوك من الأب والأم، والذي بينكما من حسن العشرة، كفيلة لأن تجعله كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): “الأَخُ المُكتَسَبُ فِي اللهِ أقرَبُ الأَقرِباءِ، وأرحَم مِنَ الاُمَّهاتِ وَالآباءِ“ وعنه (عليه السّلام): “مَن لا صَديقَ لَهُ لا ذُخرَ لَهُ” وعنه (عليه السلام): “الأَصدِقاءُ نَفسٌ واحِدَةٌ في جُسومٍ مُتَفَرِّقَةٍ“ نعم فجسماهما جسمان، لكن الرّوح واحدة.. والروايات التي تمدح الصّديق الحميم ”نسيب الروح” كثيرة جداً، لا مجال لذكر أجمعها. فإذا اتخذت لنفسك أخِ سوء أو أخٍ أدنى منك بمستويات كثيرة من ناحية “الإيمان والأخلاق”، فمن هنا سيبدأ إعوجاجك عن طريق النّور.. لأن عقلك الباطن بشكل خارج عن نطاق إرادتك وفي حالة اللّاوعي يقارن بينك وبين صديقك ويقول لك: أنت الأفضل (إيماناً وأخلاقاً)، فيأخذك العُجب بنفسك وعندها سيغرُّك العُجب لارتكاب الذّنوب، لإنك تقول في نفسك مهما فعلت فسأبقى أفضل منه وهذا الأمر يستدعي لأن تستصغر الذّنوب وأن ترتكبها أكثر فأكثر، إذ يعدم إحساسك بتأنيب الضّمير، فتحطّ من منزلتك عند إله الكون وتبتعد عنه سبحانه. وبالتّالي ستدمِّر حاضرك ومستقبلك. قال تعالى: “وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا“ وقد يقول الكثير نحن لا نتأثّر بأصدقائنا، هم لهم شخصيّاتهم ومعتقداتهم ونحن لنا شخصيّتنا المستقلة ومعتقداتنا. إنّ هذا القول مضحك بالفعل.. وقد تأتي من سطحية التفكير الموجودة لديهم. عن أمير المؤمنين (عليه السلام): “قل لي من تصاحب أقل لك من أنت؟” نعم، “فإن الصاحب معتبر بصاحبه: يقاس به” فالصديق يؤثّر فيك بشكل عميق وجذري، وقد لا تشعر بذلك في أوّل الطريق معه، ولكن ستلاحظ ذلك بمرور الزّمن، وترى كم أصبحت شخصيّتك قرينة لشخصيّته بل ويلاحظ الآخرون عليك كذلك، فترى حركاتك وسكناتك وحتى طريقة تفكيرك بشكل لاشعوري مثله، إن لم أقل كلّه ولكن أكثره! وهذه نسبة مخيفة، بل نسبة مصيرية في الحياتين (الدنيويّة والأخرويّة). عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا صعد المنبر قال: ينبغي للمسلم أن يتجنب مؤاخاة ثلاثة: الماجن الفاجر، والأحمق، والكذاب، فأما الماجن الفاجر فيزين لك فعله ويحب أن تكون مثله، ولا يعينك على أمر دينك ومعادك، مقاربته جفاء وقسوة، ومدخله ومخرجه عار عليك، وأما الأحمق فإنه لا يشير عليك بخير، ولا يرجى لصرف السوء عنك ولو أجهد نفسه، وربما أراد منفعتك فضرّك، فموته خير من حياته، وسكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وأما الكذاب فإنه لا يهنئك معه عيش ينقل حديثك، وينقل إليك الحديث، كلما أفنى أحدوثة مطها بأخرى مثلها حتى أنه يحدث بالصدق فما يصدق ويفرق بين الناس بالعداوة فينبت السخائم في الصدور، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم” وقال الشاعر: عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينَهُ * * فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ يَقتَدي وصَاحِب أُولِي التَّقوَى تَنل مِن تُقَاهُم***ولا تَصْحَب الأَرْدَى فَتُرْدَى مَعَ الرَّدي فما فائدة النّدم بعد ذلك؟، الإنسان العاقل والمؤمن الفطن يفقه ذلك قبل أن يعضُّ على يديه أسفاً. نعم نحن لسنا معصومون، إن صدر من الصّديق زلة يَغُضّ النّظر عن ذلك، فالمؤمن ينبغي أن لا يُدقّق في كلّ نقيصة يراها في أخيه المؤمن، وإن تكدّر أو أنزعج بإمكانه إخبار صديقه عندما يكونون بمفردهما بما أزعجه بأسلوب هادئٍ وحكيم وهو (العتاب البنّاء). ولكن إن انزعج من تصرف صديقه ولم يخبره ولم يعرف الآخر أنّ هذا الشيء أزعج صديقه فمن الممكن أن يعيدها مراراً وتكراراً أو قد ينزعج أيضاً من تصرفات أخرى له، فتتراكم عليه هذه الأمور يوما بعد يوم وترى في المستقبل بشكل مفاجئ ينفجر وتنهدم العلاقة على أتفه الأمور..! كما يقول المثل المشهور: “القصة مو قصة رمانة القصة قصة قلوب مليانة”. فخسارة الأخ ليست بأمر هيّن، بل هي خسارة عظيمة ومؤلمة. عن أمير المؤمنين (عليه السّلام): “مَن فَقَدَ أخاً فِي اللهِ فَكَأَنَّما فَقَدَ أشرَفَ أعضائِهِ“ فإنّ الأصدقاء الحقيقيين قلائل جداً وعلى من ظَفر بِصديق مخلصٍ صالح أن يتمسّك به أشدّ التّمسّك ولا يفرّط فيه أبدا. سُئِلَ أَبِي الحَسَنِ (عليه السّلام): “أيُّنا أشَدُّ حُبّاً لِدينِهِ؟ قالَ: أشَدُّكُم حُبّاً لِصاحِبِهِ“…

4