logo-img
السیاسات و الشروط
( 26 سنة ) - المملكة المتحدة
منذ 3 سنوات

التعوذ من الجن

السلام عليكم. ما معنى الإستعاذة وهل يجوز التعوذ من الجن ؟ وهل يتلبس بالناس؟


السلام عليكم ورحمة الله و بركاته الاستعاذة :هي طلب العوذ من الله‏ أو وهي قول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وليس للاستعاذة اصطلاح خاص. نعم، تطلق غالباً في الفقه على قول: (أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم)، أو (أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم)، ونحو ذلك، والمعنى: أستجير باللَّه تعالى دون غيره. والشيطان: هو كلّ متمرّد من الجنّ والإنس والدوابّ. وقد يكون المستعاذ منه غير الشيطان، كالاستعاذة من مضلّات الفتن وسوء الخلق ونحو ذلك. والاستعاذة مستحبّة في نفسها في كلّ زمان، وقد تكون مستحبّة لغيرها، كاستحبابها عند قراءة القرآن وفي القراءة في الصلاة وعند دخول الحمّام وغيرها. لا شكّ أنّ الاستعاذة تطهّر اللسان عمّا جرى عليه من غير ذكر اللَّه تعالى؛ ليستعدّ لذكره، ولتنظيف القلب من الوسوسة والغلط والنسيان والرياء والعجب ونحوها. فهي فرار من الكثرات ومظاهر الشيطان إلى عالم التوحيد ومظاهر الحقّ تعالى. قال عزّوجلّ: «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ»، أي التجأ إليه، وتحصّن به. ومن الناحية العملية لابدّ أن تترك الاستعاذة اللفظيّة أثرها على الإنسان لتجعله ملتجأً إلى اللَّه تعالى فارّاً إليه. وقد ورد الحث على ذلك ، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول فيه: "إن أَردت أَن لا يصيبك شرُّهم ولا يبدؤك مكرُهم فقل إِذا أَصحبتَ: أَعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإِنه يعيذك من شرّهم". وعن أمير المؤمنين علي ( عليه السَّلام ) أنه قال : قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : " إذا خلع أحدكم ثيابه فليُسّم لئلا تلبسها الجن ، فانه إن لم يُسّم عليها لبستها الجن حتى تصبح " وعن الإمام الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام): "أغلقوا أَبواب المعصية بالاستعاذة، وافتحوا أَبواب الطاعة بالتسمية". وورد في دعاء أبي حمزة الثماليّ:"اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الكسل والفشل، والهمّ والحزن، والجبن والبخل، والغفلة والقسوة، والذلّة والمسكنة، والفقر والفاقة، وكلّ بليّة والفواحش ما ظهر منها وما بطن. وأعوذ بك من نفس لا تقنع، وبطن لا يشبع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع، وعمل لا ينفع، وأعوذ بك يا ربّ على نفسي وديني ومالي وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم، إنّك أنت السميع العليم". إنّ مسألة تلبيس الجنّ للإنسان أمر لم تثبت واقعيته بالأدلة الشرعيّة، وهذا لا سبيل إلى معرفته بغير أن يدلّ عليه دليل معيَّن من إخبار الله عزّ وجلّ أو المعصومين، لأنه لا نستطيع علمياً أن نفسّر ظاهر الأمراض العصبيّة وما يصاحبها من تصرّفات غير طبيعيّة للمريض، بأنها حالة تلبّس للجن. فكيف السَّبيل لإثبات ذلك؟! بل إنّه يفسَّر بحالة مرضيّة لها أسبابها وطبيعتها، فإنّ الإنسان جسم ونفس، وكما أنّ هناك أمراضاً وأعراضاً للجسم تخرجه عن طور الحالة الطبيعيّة لعمل أجهزته ووظائفه، فهناك أيضاً أمراض للنّفس قد تخرجها عن طبيعتها إلى اختلال معيَّن، ما أخبرنا الله عزّ وجلّ به من أمر الشّيطان وعلاقته بالإنسان، هو أنّه يوسوس لبني آدم ويشاركهم في الأموال والأولاد، ويأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم، وغير ذلك مما يندرج ضمن حركته في الإغواء وحرف المسيرة الإنسانيّة عن الخطّ المستقيم في كلّ المجالات، وأمّا إنّه يدخل الجسم على نحو يصرع الإنسان، فهذا لم يثبت، وأمّا ما ذكره القرآن في الحديث عن تشبيه آكل الرّبا بأن لا يقوم إلا كما يقوم الّذي يتخبّطه الشّيطان من المسّ، فهذا لا يفيد معنى التّلبّس الذي يظنّه النّاس، بل هو التأثير عليه في حركة عمله ليخرج عن توازنه، فما ورد هو التعوّذ بالله تعالى من شرّ الجنّ والإنس، والتحرّز عن ذلك بذكر الله تعالى، والتعقّل والاعتماد على الهداية الإلهيّة، وليس معالجة ما يظنّ بأنّه تلبّس بأعمال لا صحّة لها

7